الجزائر

غزوات الرسول حُنَيْن (2)



عبّأ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم جيشه وقت السَّحَر، وعقد الألوية والرّايات، وفرّقها على النّاس، وفي عَمَاية الصبح استقبل المسلمون وادي حنين، وشرعوا ينحدرون فيه، وهُم لا يدرون بوجود كمناء العدو في مضايق هذا الوادي، فبينا هُم ينحطون إذا تمطر عليهم النِّبال، وإذا كتائب العدو قد شدّت عليهم شدّة رجل واحد، فانشمر المسلمون راجعين، لا يلوي أحد على أحد، وكانت هزيمة منكرة. وانحاز الرّسول عليه الصّلاة والسّلام جهة اليمين وهو يقول: ''هَلُمُّوا إليّ أيّها النّاس، أنا رسول الله، أنا محمّد بن عبد اللّه'' ولم يبق معه في موقفه فثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار. وحينئذ ظهرت شجاعة النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم الّتي لا نظير لها، فقد طفق يركض بغلته قبل الكفار وهو يقول: ''أنا النّبيّ لا كَذِبْ.. أنا ابن عبد المطلب''، ثمّ نزل الرّسول عليه الصّلاة والسّلام فاستنصر ربّه قائلاً: ''اللّهمّ أنْزِل نصْرَك''. وتلاحقت كتائب المسلمين واحدة تلو الأخرى كما كانوا تركوا الموقعة، وتجالد الفريقان مجالدة شديدة، ونظر رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم إلى ساحة القتال، فقال: ''الآن حَمِي الوَطِيسُ''. ثمّ أخذ رسول اللّه صلّى الله عليه وسلّم قبضة من تراب الأرض، فرمي بها في وجوه القوم وقال: ''شاهَت الوجوه''، فما خلق اللّه إنساناً إلاّ ملأ عينيه تراباً من تلك القبضة، فلَم يزل حَدُّهُم كَلِيلاً وأمرهم مُدْبِراً. وما هي إلاّ ساعات قلائل حتّى انهزم العدو هزيمة منكرة، وقتل من ثَقِيف وحدهم نحو السبعين، وحاز المسلمون ما كان مع العدوّ من مال وسلاح وظُعُن.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)