الجزائر

غربلة الشهادات وكتابتها من المؤرخين تساعد السينمائيين على إنجاز الأفلام



قال المخرج السينمائي أحمد راشدي، إن أول دفعة من الأفلام التي تناولت حياة رموز الثورة التحريرية المجيدة ومسارهم النضالي، جاءت تجسيدا لتعليمات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة، الذي أكد أهمية تناول حياة الرعيل الأول من أبطالها بينهم كريم بلقاسم وديدوش مراد ورابح بيطاط ومحمد بوضياف، الذين اتخذوا قرار تفجير الثورة. وأكد أن كل وقفة وكل محطة في تاريخ الثورة الحافل وطيلة المدة الاستعمارية، يستحق أكثر من فيلم سينمائي، مقرا بالتقصير كجزائريين وسينمائيين تجاه ثورة نوفمير العظيمة.ثمن المخرج السينمائي أحمد راشدي مبادرة وزارة المجاهدين لجمع شهادات حية من أفواه المجاهدين، من خلال عمليات التسجيل المستمرة والتي تشكل مادة خام تساعد المؤرخين على كتابة تاريخ الثورة التحريرية المجيدة، وكل الفترة الاستعمارية التي دامت قرنا و32 سنة. وأفاد في السياق، أنها تفيد السينمائيين في الدقة، عندما يتعلق الأمر بمعركة أو شخصية أو منطقة معينة.
عرج ضيف “الشعب” السينمائي الكبير والمبدع أحمد راشدي، على قضايا هامة بسلاسة كبيرة ساعده في ذلك اطلاعه الكبير وإلمامه بتاريخ الجزائر، وخبرته النادرة في المجال السينمائي التي جعلت من أعماله المخلدة للتاريخ والشهداء الذين هندسوا الثورة التحريرية المجيدة ناجحة بكل المقاييس
وفي معرض رده على توفر المادة التاريخية، التي تجعل العمل الفني في منأى عن انتقادات كثيرة تخص بعض التفاصيل التاريخية، أكد أهمية جمع الشهادات التاريخية من قبل وزارة المجاهدين.
وأفاد أحمد راشدي لدى استضافته، عشية إحياء اليوم الوطني للشهيد المصادف ل18 فيفري من كل عام، بأن المادة التاريخية التي سيتم غربلتها وكتابتها من قبل مؤرخين، ستصبح المادة الأساسية لاحقا وسيتم الاعتماد عليها في إنتاج الأفلام التاريخية التي تخلد محطات صنعها مهندسو الثورة والمجاهدون وكل الجزائريين وكتبت بأحرف من ذهب.
في السياق، ذكر بعدم وجود كتب تاريخية عن مصطفى بن بولعيد باستثناء كتيب، ولا عن كريم بلقاسم الذي يوجد كتاب واحد فقط يخصه صدر في العام 1974، وكتاب آخر فقط عن العقيد لطفي، وفي غياب معلومات دقيقة، يلجأ السينمائيون استطرد أحمد راشدي إلى الخيال في معظم الأحيان، وفي هذا الحالة لا يتم الوصول إلى أقرب شيء ممكن من الحقيقة، كما يتعرض العمل السينمائي الى انتقادات.
وخلال أعماله الفنية التي حققت نجاحا كبيرا، يحرص المخرج راشدي قبل الخوض في أي عمل سينمائي يتناول شخصية أو محطة تاريخية، على جمع الشهادات من العائلة والزملاء من المجاهدين إبان الثورة، التي يتم توثيقها عبر أشرطة مصورة، تشكل مادة خام يتم الاعتماد عليها في إعداد السيناريو، الذي لابد أن يخضع لمقتضيات السينما، من حيث الوقت إذ لا تتجاوز مدة الفيلم ساعتين. ولتناول حياة شهيد ومساره النضالي، يتم الاكتفاء بالتوقف عند محطات ووقفات في حياته، وتكون عادة سببا في توجيه انتقادات من قبل العائلة والرفقاء، الذين لا يقبلون الاختزال الذي يقتضيه العمل السينمائي.
في السياق، أشار إلى أنه من أبرز المحطات التي سبقت إعداد فيلم حول مصطفى بن بولعيد، تصوير شهادات لرفيقيه، اللذين تحدثا عن نفس المحطة في تسجيل دام 4 ساعات كاملة لكل واحد منهما، لكن الرواية كانت مختلفة تماما.
إلى ذلك، تحدث عن بعض الأشخاص الذين يطلبون قراءة السيناريو لفرض رقابة. وأكثر من ذلك، تلقى المخرج أحمد راشدي رسائل من مؤرخين ترفض تناول حياة بعض الشهداء، كلها شهادات تؤكد صعوبة القيام بأعمال فنية من هذا النوع، ما يستلزم النضج الكافي لمعالجة الحدث والشخصية بموضوعية.
وبالنسبة لأحمد راشدي، فإن المبدأ في معالجة القضايا التاريخية بتناولها سينمائيا، الانطلاق من مبدإ تمجيد الشهداء، ورموز الثورة التحريرية، على اعتبار أنها مرحلة أولى أساسية للتعريف بالثورة.
أما بخصوص المعلومات التاريخية التي يتم جمعها، يمكن استغلالها ولو بعد عقود من الزمن، لاسيما وأن مثل هذه الأفلام تبقى خالدة، وطرح عدة تساؤلات منها على سبيل المثال عدم الاتفاق على سيناريو لفيلم الأمير عبد القادر رغم أنه شخصية تاريخية معروفة، والمادة التاريخية التي تخصها متوفرة، متسائلا في حال إعداده أي فترة من الفترات يتم تناولها، ومن يكتب السيناريو ومن يوافق عليه، وهل يمكن مراجعة الأخير وأي ترتيب لرموز الثورة.
ولم يفوت المناسبة، ليتوقف عند محطات تاريخية هامة تعكس إلمامه الكبير بأدق تفاصيلها، وفي مقدمتها اجتماع الستة، الذي تقرر خلاله تحديد الفاتح نوفمبر موعدا لتفجير الثورة التحريرية، موازاة من انصهار كل الحركات والتنظيمات، بما في ذلك تلك التي هندست الثورة المجيدة في جبهة التحرير الوطني، وكذا رحلة الراحل محمد بوضياف الذي كلف بمهمة نقل بيان الفاتح نوفمبر لبثه عبر إذاعة صوت العرب في مصر، رحلة ما كانت لتكون ممكنة انطلاقا من سويسرا لعدم توفره على تذكرة ولا حتى تأشيرة لولا هبة المغتربين.
وخلص المخرج راشدي بعد استذكاره لعدة محطات مفصلية في انطلاق الثورة، إلى التأكيد أن كل وقفة وكل محطة في تاريخ الثورة الحافل وطيلة المدة الاستعمارية، يستحق أكثر من فيلم سينمائي، مقرا بالتقصير كجزائريين وسينمائيين تجاه الثورة العظيمة.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)