الجزائر

غرائب المدربين على الملاعب الأوروبية



غرائب المدربين على الملاعب الأوروبية
إذا كانت الجماهير التي تؤم ملاعب كرة القدم قد تتابع عن كثب تحركات اللاعبين وعروضهم الفنية والتقنية، فإن الحال يختلف عند جموع المشاهدين الذين يتابعون لقاءات كرة القدم على شاشات التلفزيون، حيث يستمتعون هم كذلك بأجواء اللقاء فوق الميدان، من خلال الكاميرات الموجودة في كل جوانب الملعب وعلى التماس، حيث يجلس المدربون الذين تختلف أمزجتهم وأساليب متابعتهم لمردود أنديتهم ولاعبيهم، تبعا لشخصية كل مدرب وتصرفه خلال دقائق اللقاء.
فمن المدرب الذي لا يهدأ له بال وهو يحاول تصحيح الأخطاء التي يرتكبها فريقه وتوجيه الإرشادات إلى المدرب الذي يكشف عن انفعالاته أمام العلن ويعبّر عن فرحته أوغضبه بطريقة قد تبدو أحيانا غريبة أو مبالغ فيها، إلى المدرب الذي ينفرد بهدوء منقطع النظير، فلا تهزه لقطة جميلة أو هدف ولا ينفعل لسوء مردود فريقه، حيث يظل في مكانه يتابع أطوار اللقاء بدقة متناهية ولا يبدو على محياه أي سلوك غريب. ولئن كانت سلوكات المدربين لا تختلف في جوهرها عن تلك التي تصدر من اللاعبين فوق الميدان والتي تتراوح بين الفرحة والغضب والنرفزة المفرطة والهدوء الممزوج بالحسرة والكبرياء، فإن عدسات الكاميرا في الملاعب تظل تراقب تحركات المدربين وردود أفعالهم كلما حدثت مستجدات داخل الملعب مثل تسجيل هدف أو تغاضي الحكم عن احتساب ضربة أو تضييع لاعب لفرصة سانحة للتسجيل.
مورينيو وردود الفعل الغريبة
إذا كان المدربون لا يمكنهم بأي حال من الأحوال أن يجتاز المستطيل الصغير الذين خصص لهم ويتابعون منه أطوار المقابلات، فإن ذلك يبدو في بعض الأحيان غير كافٍ لهم بالنظر إلى تحركاتهم المستمرة ومحاولة دخول المستطيل الأخضر في بعض فترات اللقاء، الأمر الذي يتطلب من حكام اللقاءات توجيه إنذارات أو إخراج البطاقات في وجههم.
وفيما حاول بعض المدربين الدخول في مناوشات كلامية مع الحكام وحتى بعض لاعبيهم، يميل البعض الآخر منهم إلى التعبير عن تذمرهم من خلال حركات لا إرادية يقومون بها مثل متابعة أطور اللقاء جالسين أحيانا وواقفين أحيانا أخرى، يشيرون بأصابعهم وأياديهم إلى لاعبيهم وفق إشارات تبدو أحيانا غير واضحة، غير أن اللاعبين يفهمونها، ويأخذون بها مثل تغيير المراكز داخل الملعب.
ولعل الطريف في سلوك بعض المدربين التي تبدو غريبة هو سهولة انفعالهم مع لحظات اللقاء، إذ أن المدرب الذي يثور في وجه الحكم أو لاعبه بأسلوب أقل ما يقال إنه تهوري أحيانا، سرعان ما يغير من سلوكه بمجرد أن يحقق ناديه هدفا في مرمى الخصم، حيث يتحوّل بسرعة من مرحلة الغضب القصوى إلى أخرى مليئة بالسعادة والفرح: وفي هذا الإطار، يأتي المدرب البرتغالي جوزي مورينيو الذي يشرف حاليا على نادي ريال مدريد الإسباني أكثر المدربين المثيرين للجدل في الوسط الكروي العالمي، حيث يتميز بسلوكات انفعالية غريبة كثيرا ما تظهر من خلال تحركاته الفجائية التي يعبّر بها عن استيائه أو سروره، حيث حدث أن غادر أرضية الميدان قبل إعلان حكم اللقاء عن نهاية الشوط أو المقابلة، في رد فعل ينفرد به عن باقي المدربين الآخرين.
ليبي يفضّل الوقوف طيلة اللقاء
وبعيدا عن الحركية التي تميز سلوكات المدربين على التماس يفضّل آخرون متابعة حيثيات اللقاء من على خط التماس، ولا يهدأ لهم بال، حيث يقضون وقتهم في تقديم الإرشادات والتوجيهات، والاهتمام بتمركز لاعبيهم فوق الميدان، وغالبا ما يستعملون أسلوب التصغير أو الصيحات العالية أو اللغة غير اللغطية من خلال الإشارات التي يوجهونها للاعبيهم على منوال ما يقوم به المدرب الإيطالي مارسيلو ليبي. والغريب في الأمر، أن المدربين الذين يحبذون عدم الجلوس في مقعد البدلاء، يفعلون ذلك سواء كانت نواديهم فائزة أو منهزمة. وإذا كان هناك مدرب قد لفت الأنظار في المواسم الأخيرة فهو بدون شك الشيلي بيلسا الذي يشرف، اليوم، على حظوظ نادي أتلتيك بلباو الإسباني، حيث يقضي جل وقته من على خط التماس يجوب المستطيل المخصص للمدربين دون توقف، دون أن ينطلق بكملة أو يبدي غضبا أو فرحا مهما كانت نتيجة المواجهة، ويتخلل حركاته، الجلوس على ركبته لبعض الوقت ووضع يده على خده في صورة كاريكاتورية يستعملها طيلة اللقاءات التي يجريها فريقه، كما أن مايشد المشاهد عند هذا المدرب هو عدم ميله إلى الاحتجاجات على قرارات الحكام، حيث يلتزم الصمت ويركز فقط على المردود الذي يقدمه فريقه ليس إلا.
مدربون هادئون بالفطرة
إذا كان الشائع في الوسط الكروي العالمي عن ذهنية المدربين الروس الذين ينفردون بهدوئهم خلال مقابلات كرة القدم وعدم ميلهم إلى استعمال الحركات المعروفة لدى بعض المدربين في العالم، فإن الأمر لا يقتصر فقط على الطواقم الفنية الروسية، حيث هناك مدربون في شتى أنحاء المعمورة يتميزون ببرودة الأعصاب ويفضّلون متابعة اللقاءات في هدوء تام وسكوت متواصل ولا يحاولون توجيه لاعبيهم فوق الميدان، بعد أن يكون قد أسدوا لهم التعليمات اللازمة والخطط التكتيكية التي ينتهجونها فوق الميدان.
والأمر لا يتوقف عند هذا الحد فقط، فحتى عندما تنتهي المواجهات الكروية يبدون ليونة كبيرة في التعامل مع النتائج التي أفرزتها، من خلال تصريحاتهم التي يعللون بها انتصارات أنديتهم أو التبريرات التي يقدمونها لتفسير هزائمها (الأندية).
ومثل هؤلاء المدربون لا يلجأون عادة إلى محاولة إلصاق تهمة الخسارة بقرارات الحكام أو أسلوب لعب الخصم، بقدر ما يلجأون إلى الحديث عن مردود نواديهم، سواء في حالة الخسارة أو الفوز.
فرغيسون وحكايته مع اللبان
تكاد تكون صفة الضغط الذي يعاني منه المدربون خلال اللقاءات الكروية التي يتابعونها من على خط التماس واحد، حيث يبدو القلق والتعصب والنرفزة على وجوههم، وإذا كان بعض هؤلاء المدربين يفرغون ما في جعبتهم من خلال الصيحات، فإن البعض الآخر يخفف من الضغط من خلال تناول اللبان طيلة المواجهات، ويأتي على رأس هؤلاء المدربين ألكس فرغيسون الذي يتواجد على رأس فريق مانشستر يونايتد منذ حوالي 26 سنة كاملة، حيث لا يكف هذا المدرب عن مضغ اللبان سواء كان فريقه منهزما أو فائزا.
كما يلجأ كذلك بعض المدربين إلى تناول الحلوى، وبالتحديد (كوجاك)، ويعتبر المدرب السابق للمنتخب الفرنسي لوران بلان الأكثر استهلاكا للحلوى خلال اللقاءات الكروية، ويكاد جل المدربين يتشابهون في سلوك يقومون به خلال اللقاءات، وهو تناول كميات معتبرة من المياه، حيث يحملون معهم دائما قارورات الماء المعدني ولا يتوقفون عن شربه خلال أطوار اللقاءات.
أنشيلوتي يُطرد من الملعب بسبب تنديده
إذا كانت ردود فعل المدربين تختلف تبعا لشخصية كل واحد، فإن هناك رهط من المدربين من يدخلون في مشادات كلامية من الحكام، على منوال المدرب البرتغالي مورينيو الذي ينفرد بردة فعل عنيفة كلفته في العديد من المرات بطاقات حمراء وعقوبات بحرمانه من الجلوس على دكة الاحتياط لعديد المقابلات مع الأندية التي دربها لحد الآن، وآخرها ريال مدريد. وإذا كان المدربون الذين يمتازون ببرودة أعصاب، أقل ما يدخلون في جدال مع الحكام، فإن ذلك لا يعني بتاتا بأنهم لا يقعون في مثل هذه السلوكات، حيث شاهدنا أكثر من مدرب لا يستطيع أن يسيطر على أعصابه عندما يرى بأن الحكم قد أخطأ التقدير ولم يعلن عن ضربة جزاء لفريقه أو احتسب هدفا ضده من وضعية تسلل واضحة، وهو ما يثير حفيظة المدرب. وخلال هذه السنة تعرّض أنشيلوتي مدرب باريس سان جيرمان، للطرد بسبب تصرفاته بعد أن توجه إلى الحكم أو مساعده للتنديد بالأخطاء التي ارتكبت في حق فريقه.
هذه بعض السلوكات التي اكتشفها الجمهور الكروي العالمي، وكان أبطالها مدربون يتفاعلون مع وقائع اللقاءات بطرق مختلفة وأحيانا خيالية كحال المدرب الذي يلجأ إلى تكسير كل ما يوجد أمامه للتعبير عن الضغب الكبير الذي ينتابه وهو يحضر إلى تحيزات أو أخطاء الحكام أو ضعف مردود فريقه. وإذا كان بعض المدربين سرعان ما يعودون إلى رشدهم بمجرد انتهاء اللقاءات الكروية، فإن غضب البعض الآخر يستمر، حيث يدخلون إلى غرف تغيير الملابس ويجحمون عن الحديث مع وسائل الإعلام.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)