عيسى بن محمد بن عبد الله بن الإمام أبو موسى أحد الأخوين المعروفين بأبناء الإمام التلمساني، تقدم الكثير من حالة في ترجمة أخيه أبي زيد.
قال القاضي ابو عبد الله المقري: سألت أبا موسى بن الإمام آخر فقهاء لا يفيد ما بنيت عليه الشهادة من اليقين لانكشاف الأمر كثيرا بخلافة قال له: ذلك غاية ما يمكن الوصل إليه غالبا من ذلك فلو كلف بغيرة شق عليهن و أوشك أن لا يصل إليه، وتعطل، بسببه حقوق كثيرة، قلت له: فهلا كتبوا ظاهر الصحة و الجواز و الطوع فتبرؤوا من عهدة ما وراء ذلك، فقال لي: ذلك إبهام في الشهادة، و مبناها على العلم، فإذا تعذر أو تعسر و جب كتبها على ما لا ينافي أصلها حفظا لرونقاهان و اعتمد في ظاهر الحال لتعذر غيره أو تعسره اهـ.
سئل صاحب الترجمة عن ابن القاسم هل هو مجتهد في مذهب مالك، مقلد له؟ فأجاب بأنه مجتهد في المذهب في المذهب فقط لا مطلقا، وأما اجتهاده في بعض المسائل فإما بناء على جواز تحرى الاجتهاد، و هو اختيارنا، كما ان المجتهد المطلق قد يقلد في بعضها لأمر ما فلا ينافي عروض اجتهاده في بعضها كونه مقلد لمالك أقوله و أقوال الأئمة، وبيانه أن المجتهد إنما يتبع الدليل من حيث هو، و المقلد يقلده شخصا، و اتباع ابن القاسم لقوله المالك و التزامه مذهبه زاضح لا يفتقر لبيان لمن له أدنى اطلاع، وذلك أن المجتهد إنما يجيب عن المسائل باجتهاده في الأدلة، وابن القسام إنما يجب حيث سئل بقوله: قال مالك كذا، كما في الأسمعة و الرويات، و هذا عن التقليد و ليس في شيء من الإجتهاد، فإن قلت: لعله إنما أجاب به قبل نظره لعجزه؟ قلت: لا يجوز التقليد قبل. النظر على الصحيح لآية {فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله} و من أمكنة الرد إليه تعالى فتركه عصى، و إنما ينظر ذلك عند العجز، و أجوبته هو يقول مالك كثيرة، بل لا يضيف لنفسه إلا عند خروج مالك عن قواعده و اختياره هو أحد أقوال مالك و إن لم نقف نحن عليه كما يأتي، فإن قلت: ولعل سائله إنما سأله عن مذهب مالك فقط، قلت، علمنا جوابه بذلك مطلقا سواء عن مذهب مالك فقطن قلت علمنا جوابه بذلك مطلقا سواء عين له السائل ذلك أم لا بديل إطلاق السئلة عارية عن ذلك، ولئن سلم فسؤالهم إياه عن مذهب مالك على اعتقادهم فيه أنه خزانة مذهب مالك و ناشر أقوالهن فهذا دليل، تقليده، إذا المجتهد إنما ينظر في الأدلة مطلقا، وأيضا قسؤال المجتهد عن مذهب غيره نادر جدا، وأيضا فلم يسأل عن مذهب غير مالك، و ما وجه الخصوصية به، و ايضا فعادته في جواله عن مسائل لا تحصى أن يقول: لأن قال كذا في كذا، و قد قال مالك كذا، فيحتج لصحة قوله يقول مالك، وأنه جار على مذهبه، و إنما حواب المجتهد بالدليل لا بقول أحد، و بقول: لولا ما قاله لقلت كذان فيترك مقتضى الدليل لقول مالك و هذا غاية التقليد.
و قد نقل صاحب "الاستيعاب" عن ابن وهب و أحمد بن حنبل أنها قالا: إذا لم نجد اثر قلدنا قول مالك، لأن قوله أثر من الأثار و نقل عن ابن القاسم أنه قال: اخترت ملكا لنفسي و جعلته بيني و بين النار، ولا معنى لاختياره له إلا تقليده و اعتقاده مذهبه ، والمجتهد إنما يجعل بينه وبين النار الأدلة لا شخصا معنا، فإن قلت، لعل ذلك لتعلمه منه أولا لا لتقليده آخرا حين تبحر، قلت، لا يجعل المجتهد حالة ابتدائه حجة لأنها انتسحت بأكمل منها، فصار متبعا للدليل مطلقا، مع أن ابتداءه لم يتحمض في مالك و إن لازمه أكثر من غيره، فقد أخذ عن الليث و عبد العزيز بن الماجشون و ابن حازم و غيرهمن و أيضا فقد قال الشريف التلمساني أحد محققي الأئمة المتأخرين لما مثل مجتهد المذهب الذي يخرج الوجوه على نصوص إمامه ، قال: كابن سريج و أبي حامد في مذهب الشافعي، وابن القاسم و أشهب في مذهب مالك، و أبي يوسف و محمد بن الحسن في مذهب أبي حنيفة، فهذا نص منه على تقليده لمالك، و يؤيده قول ابن وهب لابن ثابت: ان أرادت هذا الشأن يعني فقيه مالك فعليك بابن القاسم فإنه انفرده و شغلنا عنه بغيره، ولهذا رجح القاضي أبو محمد مسائل "المدونة" لرواية سحنون لها عن أبي القاسم، و انفراده بمالك و طول صحبته له لم يخلط به غيره، فهذا دليل تقليده له و أنه خزانة علمه، ولا يوصف المجتهد بأنه لم يخلط به غيره، فهذا دليل تقليده له و أنه خزانة علمه، و لا يوصف المجتهد بأنه لم يخلط به غيره، و قد حكى الحارث بن راشد القفصي – و كان ثقة مجاب الدعوة يختم في كل ليلة من رمضان القرآن – أنه لما وادع هو و ابن القاسم و ابن موهب مالكا أنه قال لابن وهب: اتق اله وانظر عمن تنقل و لابن قاسم: اتق الله و انشر ما سمعتن فهذا مالك اصل إافادته يأمره بنشر ما سمع، و ناشر ما سمع بمعزل عن الإجتهاد المطلق، و بعيد أن يجهل مالك من حاله ما يعلمه غيره، وقد عمل هو بما أوصاه هبه و وثق الناس بروايته عنه و اختياراتهن و قبلوا منه ما لم يرضوه من نظرائه.
قال النسائي: ابن القاسم رجل الصالح ثقة: ما أحسن حديثه و أصحه عن مالك لا يختلف في كلمة، و لم يروا أحد الموطأ، عنه أثبت من ابن القاسم، وليس أحد من أصحابه مثله لا أشهب و لا غيره، عجب من العجب، زهد و فضل و حسن الحديث اهـ.
و لهذا الشرط أهل الأندلس في سجلات قرطبة قطب مدتها علما أن لا يخرج القاضي عن قول ابن القاسم ما وجده احتياطا و رغبة في صحة الطريق الموصل صحبته لمذهب المالك الذي قلدوه لصحة روايته و طول صحبته له لم يخلطه بغيره و لو كان مجتهدا مطلقا لكانوا إنما قلدوه دون مالك و هو خلاف ما علم من أئمتهم حيث توغلوا في تقليده حت شنع عنهم ابن حزم أحد حفاظها، فقال: قد وصل أهل الأندلس في تقليده مالك حتى يعرضون كلامه تعالى و كلام رسوله على مذاهب إمامهم، فإن وافقاه و إلا طرحوه و أخذوا يقول صاحبهم مع أنه غير معصوم، ولا نعلم بعد الكفر بالله تعالى معصية أعظم من هذا، فهذا ما وصفهم به من تقليد مالك، وإن كان على كلامه حديث ليس هذا محله، وهم حين فتح الأندلس التزموا مذهب الأوزاعي، حتى قدم عليهم الطبقة ممن لقي مالكا كزياد بن عبد الرحمنن و الغازي بن قيس، و قرعوس وو نحوهم فنشروا إمامته و فضله، فأخذ الأمير هشام الناس حينئذ فالتزموا مذهبه من يومئذ، و حاموا عليه بالسيف ‘لا من لا يؤبه به، حتى إن الأمير الحكم بن المستنير، و كان ممن بحث عن أحوال الرجال بحثا يقر عنه كثير من العلماء، حتى إن خزائن من كتبه في غاية الصحة بحيث إذا اطلع على ما قويل بأصل منها، ولو بوسائط اطلع عليه في غاية الصحةن كتب إلى الفقيه أبي ابراهيم رسالة فيها: و كل من زاغ من عن مذهب مالك فإنه ممن رين على قلبه، وزين له سوء عملهن وقد نظرنا طويلا في أخبار الفقهاء إلى الآن فلم نر مذهبا اسلم منه فإن المذهب مالك، فما سمعنا عن أحد قلده بشيء من البدعية، فالتمسكبه نجاة إن شاء الله اهـ.
فهل ترى مع هذا التصميم في هذا الاعتقاد خلفا عن سلف أن يمنعوا الخروج عن قول ابن القاسم لاجتهاد و تركه قول مالك، بل هذا لتقليده إياه و طول ملازمته له، و اطلاعه على ما يأخذه، و أيضا فلا ينكر أحد سواه، لا يقال: إنما صدقت النسبة لأجل الإستفادة، لأنا نقول: يبطل بالشافعي، فهو من الطبقة الوسطى من أصحاب مالك، وكان يقول: مالك معلمي، ومنه تعلمنا العلم، وما أحد أمن علي من مالكي لا جتهاده و كون مستنده الدليل، فإن قلت: يدل على اجتهاد ابن القاسم مطلقا مخالفته لمالك في مسائل كثيرة،، وحظ المقلد اتباع مقلدة اتباع مقلده قلت: إنما تتحقق مخالفته إن لم يكن لمالك في المسألة إلا الرأي و خالفه، فيه، و لعل له قولا آخر رجحه ابن القاسم، فإن قلت قوله أرى أو هو رأيي إناطة للحكم لرأيه فحمله على ما قلت خلاف الظاهر، قلت ترجيه ما صار إليه رأى حقيقة بلا تأويل، ويؤيده ما ذكره الباجي في فرق الفقهاء قال: جمع أبو عمر الإشبيلي أقوال مالك في كتاب كبير يزيد على مئة جزء، قرأت بعضه.
و كان شيوخنا يقولون: لا يكاد يوجد قولة لأصحابه إلا و هي المالك في ذلك الكتاب، لأن الحكم بن عبد الرحمن أخرج الأشمعة من خزانته لأبي عمر، و آمره بجمع أقواله حيث كان، فقال الشيوخ: لا يكاد يوجد الخ دليل لما قلناه و فيه بيان لما تقدم من صرفهم الهمة إلى اقوال مالك و تقليده، و اختيارهم لابن القاسم لصحة التوصل لمذهبه، ونحو ذلك أيضا ما ذكره بعض الأئمة أن ابن القاسم و أشهب احتلفا في قول مالك في مسالة فحلف كل على نفي قول الآخر، فسألا ابن وهب فأخبرهما أن مالكا قالهما معا، فحجا قضاء ليمينهما، فهما إمامان لازما مالكا غاب عليهما قوله، فكيف بمن تأخر عنهما، و لو سلمنا عدم و جود مختاره لمالك فلا يدل على اجتهاد لجواز أنه رأى خروج مالك عن أصوله سهوا، فقاسه هو عليها فلا يخرج بذلك عن تقليده.
ذكر أبو اشحاق الشيرازي أن أسدا أتى إلى ابن وهب و ساله أن يجيبه في مشائل أبي حنيفية على مذهب ملك، فتورع، لإذهب إلى إبن القاسم فأجابه عنها بما حفظ من مالك و غيره، يقول: سمعته يقول كذا وكذا، و مسألتك مثلها و منها مأجابه على اصول مالكن وهذا يحقق ما قلناه، فهذه الأسدية أصل مدونة سحنون أصلح ابن القاسم منها أشياء على يدي سحنون و ايضا سلمنا اجتهاده في بعض المسائل و لكن لا يخرجه عن التقليد كما أن تقليد أقوأله و قد قال إسماعيل بن أبي أويس: قيل لمالك: قولك في "الموطأ" الأمر المجتمع عليه، و الأمر عندنا و ببلدنا، وأدركنا أهل العلم فقال: أما أكثر ما في الكتاب فرأيي، و لعمري ما هو رأيي بل سماعي عن غير واحد من أهل العلم المقتدى بهم، فكثروا علي فغلب رأيي، و هو رأيهم و رأي الصحابة أدركوهم عليه و أدركتهم أنا عليه، و إرثة توارثوها قرنا عن قرن و ما كان رأيي فهو هكذا ، و الأمر المجتمع ما اجتمعوا عليه بخلاف و قولي: الأمر عندنا، فما عمل به الناس عندنا و ببلدنا و جرت به الأحكام، وعرفه الجاهل و العالم، و ما قلت: بعض أهل العلم، فشيء استحسنت من قول العلماءن وما لم اسمع منهم اجتهدت على مذهب من لقيت حتى لا يخرج عن مذهب أهل المدينة، و إن لم أسمع شيئا نسبته إلي بعد اجتهادي مع السنة، وما عليه أهل العلم، والأمر المعمول به عندنا من زمنه صلى الله عليه و سلم و الأئمة بعده فهو رايهم ما تركته لغيره، فإن قلت: يلزم على هذا إما تقليد مالك لغيره، أو كون ابن القاسم مجتهدا لتفسيركمرايه باتباعه، قرأ عن مالك و ترجيحه عليها، لأن اتباع شخص إن أوجب تقليده لزم الأول، و إلا لزم الثاني قلت: لا بد اتباع قول مالك ليس لمجرد قول لغيرهن بل الدليل عنده مطلقا كعمل الصحابة أو إجماع أهل المدينة أو استحسان وافق رايه، وغير ذلك، كما أشار إليه و هذا الحال المجتهد المطلق اتباع الدليل و ابن القاسم إما يرجح و يخرج على أصول مالك كما تقدم فهو مقلده إذ اتباع شخص من حيث هو غير اتباع الدليل المطلق و الله اعلم اهـ. جوابه ملخصا و هذا الذي اختاره هو ما اختاره أخوه الإمام أبو زيد و غيرهما.
فائدة: قال الخطيب ابن مرزوق: سمعت شيخنا الإمام ابا موسى بن الإمام و غيره من شيوخ المغرب ستحسنون ما أحدثه العزفي و ولده أبو القاسم بالمغرب في الليالي المولد، و هما من الئمة و يستصوبون قصدهما فيه و القيام به، ونقل عن بعض علماء المغرب |إنطاره و الأظهر عندي ما قاله بعض المغاربة: استعمال الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم في هذه اليلية و إحياء سنته و معونة آله و تعظيم حرمهم، وفعل أنواع البر أفضل مما سواها مما أحدث إذا لا يخلوا من مزاحهم في النية أو مفسد للعمل أو دخول شهوة، وطريق الحق و السلامة و المعروف، فالأفضل تكثير الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم و أعمال البر اهـ. ملخصا.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف