عواصم الجزائر عبر التاريخ

مرت بالجزائر عدة ممالك وحضارات، وبعضها ترك آثاره في التاريخ بينما اندثرت أخرى. من بين الآثار الباقية لهذه الممالك والحضارات، يمكن العثور على 10 مدن كانت في وقت ما عواصم لتلك الممالك.

تتوزع هذه المدن في مختلف أنحاء البلاد، سواء في الشرق أو الغرب أو الوسط. من بين هذه المدن العريقة "سيرتا" و"معسكر" و"سيقا" و"تلمسان" و"شرشال"، وتاريخياً كانت هذه المدن مواقع للصراعات والحروب مع إمبراطوريات ودول غازية كبيرة مثل روما وفرنسا. فما هي قصة هذه العواصم التاريخية؟

"سيرتا": عاصمة مملكة نوميديا
كانت "سيرتا" تُعرف اليوم باسم "قسنطينة"، وتقع في الجزائر الشرقية على بعد حوالي 400 كيلومتر من العاصمة.

كانت "سيرتا" في الماضي عاصمة مملكة "نوميديا"، والتي ازدهرت بين القرن الثاني قبل الميلاد وحتى القرن الأول قبل الميلاد. كانت هذه المملكة أمازيغية واسعة الانتشار تمتد من الجزائر إلى تونس وليبيا وحتى المغرب الشرقي.

وقد واجهت "سيرتا" الإمبراطورية الرومانية وسقطت أمام جيشها، مما أدى إلى تقسيم مملكة نوميديا واندثارها.

"سيقا": عاصمة مملكة نوميديا الغربية
تسمى "سيقا" اليوم عين "تموشنت"، وتقع في الجزائر الغربية على بعد نحو 400 كيلومتر من العاصمة.

ظهرت مملكة نوميديا الغربية بعد وفاة الملك ماسينيسا، حاكم نوميديا. رداً على انتقام روما من ماسينيسا، قسمت روما المملكة النوميدية إلى شطرين؛ شرقي وغربي، حيث كانت "سيقا" عاصمة المملكة النوميدية الغربية.

"شرشال": عاصمة موريتانيا القيصرية
"شرشال" هي مدينة ساحلية تقع غربي العاصمة الجزائر بمسافة حوالي 50 كيلومتر، ولا تزال تحمل الاسم نفسه اليوم.

موريتانيا القيصرية كانت مملكة أسستها روما في وسط الجزائر، وذلك انتقاماً من الملك يوبا الأول الذي قاوم الجيش الروماني. بعد هزيمة يوبا الأول، اتخذت روما ابنه الأصغر يوبا الثاني حاكماً على موريتانيا القيصرية، وكان يوبا الثاني تابعاً لروما.



"تاهرت": عاصمة الدولة الرستمية
تعرف "تاهرت" اليوم باسم "تيارت"، وهي ولاية تقع غربي الجزائر العاصمة على بعد نحو 450 كيلومتر.

كانت "تاهرت" عاصمة دينية للدولة الرستمية التي حكمت المنطقة المعروفة قديماً بـ"المغرب الأوسط". كان الرستميون مسلمين ينتمون للطائفة الإباضية، ويتواجدون اليوم في ولاية غرداية بجنوب غرب الجزائر.

"أشير": عاصمة الدولة الزيرية
تعرف "أشير" اليوم باسم "المديّة"، وهي ولاية تقع وسط الجزائر على بعد حوالي 150 كيلومتر من العاصمة.

كانت "أشير" عاصمة للدولة الزيرية في القرن الحادي عشر. أسس هذه الدولة زيري بن مناد عام 939 ميلادية.

"قلعة بني حماد": العاصمة الأولى للدولة الحمادية
تقع "قلعة بني حماد" في ولاية المسيلة شرقي العاصمة الجزائر بمسافة حوالي 250 كيلومتر.

كانت هذه المدينة أول عاصمة للدولة الحمادية قبل أن تنتقل العاصمة إلى مدينة بجاية.

"بجاية": العاصمة الثانية للدولة الحمادية
تقع "بجاية" على الساحل الشرقي للجزائر على بعد حوالي 300 كيلومتر من العاصمة.

أسس الناصر بن علناس مدينة بجاية ونقل إليها عاصمته دولته الحمادية في العام 1088. كانت "بجاية" مركزاً للعلم والعلماء في ذلك الوقت.

"تلمسان": عاصمة الدولة الزيانية
"تلمسان" تقع غرب العاصمة الجزائر بمسافة تزيد عن 400 كيلومتر.

أسس بنو زيان دولتهم الجديدة وسموها "الدولة الزيانية"، واختاروا "تلمسان" عاصمة لها. لكن بعد الاستعمار العثماني، تحولت الدولة الزيانية إلى محمية واندثرت.

"معسكر": عاصمة دولة الأمير عبد القادر
تقع "معسكر" غرب العاصمة بأكثر من 400 كيلومتر، ولا تزال تحمل هذا الاسم حتى اليوم.

في بدايات ثورة الأمير عبد القادر ضد الاحتلال الفرنسي في عام 1834، اعتبرها عاصمة له. هنا في معسكر، بايع الجزائريون الأمير عبد القادر على المقاومة ضد فرنسا. لكن الفرنسيين احتلوا المدينة في عام 1835 وحرقوها، محاولين منع الأمير من اللجوء إليها. لكن الأمير أسس عاصمة متنقلة سماها "الزمالة"، لم يتمكن الفرنسيون من تدميرها حتى اضطروا للاستسلام أمام الأمير.

مدينة الجزائر: عاصمة الجمهورية الجزائرية
"مدينة الجزائر" هي العاصمة الحالية للبلاد، وهي ولاية أيضًا تقع على الساحل الشمالي للبلاد.

كانت المدينة تعرف باسماء عديدة في الماضي، وأشهرها "إكوزيوم". يقول التاريخ أن الفينيقيين هم الذين أسسوا المدينة. كانت أول مدينة سقطت في أيدي الاحتلال الفرنسي في 5 يوليو 1830، وبعد الاستقلال، جعلت الدساتير الجزائرية منها العاصمة السياسية للدولة.

تلك هي قصة بعض العواصم التاريخية في الجزائر، كل منها يحمل تاريخًا غنيًا وحضارة قديمة تروي قصة الشعب الجزائري وتراثه الغني.