الجزائر

عندما توكل الأحاديث الدينية للشرطة



أن يتدخل الجيش في شؤون الشرطة ويوضع جنرال على رأس مديرية الأمن، فهذا اجتهاد جزائري قد يعتبره البعض من خصائص الحكم العسكري أو الديكتاتوري... وهذا الحكم لا يتعارض مع الدولة الحديثة بما أن جنرالات كثيرون كانوا مؤسسي الدولة الحديثة في بلدانهم وما زالوا أول المدافعين عنها.لكن أن يأتي عميد شرطة إلى التلفزيون ويخاطب الأمة دقائق قبل الإفطار، تحت عنوان “حديث ديني”، فالحكم العسكري والبوليسي هنا امتزجا بالدين وهي الكارثة لأن المكسب الوحيد الذي يشفع للديكتاتوريين في البلدان الإسلامية هو ابتعادهم عن استعمال الدين وميولهم أكثر إلى القيم العلمانية.
ولم يكن الجيش والأمن الجزائريان يختلفان عن هذه القاعدة إلى غاية جانفي 1992، وبعد هذا التاريخ أصيب جيشنا وقوات شرطتنا بعقدة نقص وجنون العظمة في آن واحد: عقدة نقص من حيث اقتناعهما بأن الشعب الجزائري فعلا اختار الإسلاميين وسيختارهم في أي انتخابات لا تقدم قوات الأمن على وضع أصواتها كلها في وعاء واحد. ومن هنا تحاول قوات أمننا التخلص من عقدة تزوير الانتخابات وعقدة إثبات احترامها مقدسات المجتمع أمام الرأي العام الوطني.
أما جنون العظمة، فتعبر عن حالة نفسية عكسية لقواتنا الأمنية مفادها أن هذا الشعب القاصر لا يفقه شيئا في السياسة ولا يحق له المشاركة في تسيير شؤونه ولا يفقه شيئا في المصلحة الوطنية وأمن البلاد... ولذلك لا يجب إخباره بأسرار الدولة ولا يفقه شيئا في الاقتصاد ولذلك لا يجب العودة لاستشارته في طريقة إدارة الثروة البترولية... والآن بلغ الأمر حد توكيل مهمة مخاطبة المواطنين في شؤون دينهم لأصحاب البدلة الزرقاء مباشرة لأن ترك الدين للأئمة المدنيين يهدد استقرار البلاد بالمنطق البوليسي للبلاد وللدولة.
كان ممكنا تكليف أعوان أمن في ثوب أئمة بمخاطبة المواطنين، على طريقة الأئمة الذين يخاطبون المواطنين بلغة الدرك الوطني في تلمسان...، لكن امتزاج العمل الإعلامي بالعمل الأمني في السنوات الأخيرة أخرج مصالح عبد الغني هامل من عقلها.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)