البجائي الأصل نزيل تلمسان أبو موسى صهر ناصر الدين المشدالي كان فقيها حافظا علامة محققا كبيرا أخذ عنه العلامة المقري و غيره.
قال المقري: رأيته إذا دخل المسجد بعد الغروب قبل الإقامة إلى أن تقام الصلاة و أنا لا أدري ذلك بل يركع الداخل لانتهاء وقت المنع بالغروب و ما وقع في الذهب في ذلك فللمبادرة للصلاة و هو لم يفعل فإن كان ترك الركوع حسما للذريعة فلا فرق بين قيامه و جلوسه ألا ترى أن داخل المسجد إذا تحدث قائما حتى انصرف أو بدأ في المسجد بغير صلاة و لم يجلس ما امتثل الأمر على ما مر و المراد بحديث لا يجلس داخل المسجد حتى يصلي ركعتين افتتاحه بالصلاة و ذكر الجلوس خرج مخرج الغالب لا مفهوم له فله الصلاة التحية جالسا و الجلوس إن لم يتمكن من الصلاة اهـ.
قال المقري: فر صاحب الترجمة من حصار بجاية إلى الجزائر فبعث إليه صاحب تلمسان وقربه و أحسن إليه فدرس بها الحديث و الفقه و الأصلين و الفرائض و المنطق و الجدل و كان كثير الإتساع في الفقه و الجدل مديد الباع في عيرهما مما ذكر سألته عن قول ابن الحاجب في السهو فإن أخال الإعراض فيبطل عمده فقال معناه: أن أخال غيره أنه معرض فحدق المفعول الأول و أقام المصدر مقام المفعولين، كما يقوم مقامهما ما معناه من نحو :{أحسب الناس أن يتركوا} و أقوى من هذا كون المصدر هو المفعول الثاني و حذف الثالث اختصار لدلالة و قد أعربت الآية بالوجهين و هذا عندي أغرب و منه قول القضاة اعلم باستقلاله أي: أعلم الواقف عليه بأنه مستقل فحذفوا الأول و صاغوا المصدر مما بعده.
المقري: شهدت مجلس أبي تاشفين صاحب تلمسان ذكر فيه أبو زيد الإمام أن ابن القاسم مقلد لمالك. ونازعه أبو موسى عمران المذكور و ادعى أنه مطلق الاجتهاد و احتج بمخالفته لمالك في كثير و ذكر منه نظائر قال: فلو قلده لم يخالف لغيره فاحتج أبو زيد بنصر الشرف التلمساني أنه مثل مجتهد المذهب بابن القاسم في مذهب مالك و بالمزني في مذهب الشافعي و محمد بن الحسن في مذهب أبو حنبفة فأجابه عمران بأنه مثال و المثال لا يلزم صحته فصاح عليه أبو موسى ابن الإمام و قال لأبي عبد الله بن عمر: تكلم فقال: لا أعرف ما قاله هذا الفقيه و الذي ذكره أهل العلم أنه لا يلزم من فسار المثال فساد الممثل فقال أبو موسى للسلطان: هذا كلام أصولي محقق قال المقري: فقلت لهما و أنا يومئذ حديث السنة ما أنصفتماه فإن المثل كما يؤخذ على جهة التحقيق يؤخذ أيضا على جهة التقريب و من ثم جاء ما قاله ابن أبي عمرو كيف لا و هذا سيبويه يقول: و لا فساد الممثل بفساده فالقولان من أصل واحد اهـ. ينقل ابن الخطيب في "الإحاطة".
قلت: و بنحو ما استدل به عمران على اجتهاد ابن القاسم من مخالفته لمالك استدل ابن عبد السلام لذلك و تعقبه ابن عرفة بأنه مزجي البضاعة في الحديث و نكت ابن غازي على تعقبه بأنه كيف يثبت الاجتهاد لشيوخه كان عبد السلام و غيره و ينفيه عن شيخ الهداية المالكية بعبارة فظيعة قلت و لا ريب في إمامة ابن القاسم في الحديث و ناهيك بثناء النسائي عليه فيه كما تقدم و العجب من الإمام ابن عرفة يثبت الاجتهاد لإبن دقيق العيد و نظرائه ثم يقول: و في المازري نظر هل لحقه أم لا و معلوم أن ابن السلام دقيق العيد لا يبلغان درجة المازري في تفقهه و إمامته قال بعض شيوخ العصر من الأدلة القطيعة عندي أن ابن دقيق العيد و السبكي ما بلغوا رتبة الاجتهاد المطلق فأحرى الجلال السيوطي و أضرابه الذين ادعوا هذه المرتبة و أبن مرتبتهم من مرتبة الغزالي و إمام الحرمين في الفقه و الإمامة و قوة الذهن تالله لا نسبة بينه و بينهما في شيء من ذلك اهـ.
قلت: الذي يظهر أن الاجتهاد المذهبي مرتبة متسعة تتفاوت بقوة التمكن و ضعفه فبالاتصاف بأدنى درجاتها يدعيها مدعيها و مع الإتساع في الحفظ و معرفة الأحاديث بل و الوقوف على الأحاديث ربما يخيل لصاحبها مع ذلك وصول درجة الاجتهاد المطلق مع كون من فوقه في تمكن النظر. و قوة التفقه و معرفة الأحاديث فتأمل ذلك فهذا القاسم العقباني و المسناوي و البجائي من أهل المئة التاسعة يصرحون ببلوغ درجة الاجتهاد و الإمام الشاطبي و الحفيد ابن مرزوق ينفون ذلك عن أنفسهما و معلوم أنها أقوى علما و أوسع باعا من الذين ادعوها و الله أعلم فتأمل ذلك.
مواد عمران المشدالي سنة سبعين و ست مئة (670) و توفي سنة خمس و أربعين و سبع مئة (745) و له مقالة مفيدة في اتخاذ الركاب من خالص الفضة "نقل عنه في المعيار " في مواضع اهـ.
تاريخ الإضافة : 28/10/2010
مضاف من طرف : soufisafi
المصدر : تعريف الخلف برجال السلف