كل مرة تنشر فيها المقاومة الفلسطينية مشاهد التحام مقاوميها مع قوات الاحتلال وتفضح ما تتكبده هذه الأخيرة من خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، إلا وصعد الجيش الصهيوني من درجة انتقامه في حق المدنيين من أبناء الشعب الفلسطيني، باقترافه مزيد من المجازر التي تتعدد ما بين الاعدامات والابادة الجماعية ومسح أحياء سكنية بمن فيها وحرمان من تبقى على قيد الحياة من أدنى الخدمات الصحية وانعدام أقل المقوّمات الإنسانية للنازحين.واصلت قوات الاحتلال الصهيوني لليوم 80 غاراتها وقصفها لعدة مناطق في القطاع، وتركز القصف أمس، على الوسط والجنوب، ما أدى لاستشهاد وإصابة العشرات من المواطنين غالبيتهم من الأطفال والنساء. وارتكبت 25 مجزرة بحق عائلات بأكملها، راح ضحيتها 250 شهيد و500 اصابة في ظرف 24 ساعة، لترتفع حصيلة العدوان الصهيوني منذ السابع أكتوبر الماضي إلى 20 ألف و674 شهيد و54 ألف و536 جريح معظمهم أطفال ونساء.
جاءت هذه المجازر، لتضاف إلى المجزرتين المروعتين اللتين ارتكبهما الاحتلال الصهيوني منتصف ليلة الأحد إلى الاثنين في حق سكان مخيمي المغازي والبريج وسط القطاع، والتي راح ضحيتها نحو 95 شهيد، حيث طالب رئيس المجلس الفلسطيني، روحي فتوح، بإرسال فرق تحقيق من الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان للاطلاع وتوثيق عمليات البطش والتطهير العرقي بعد هاتين المذبحتين الشنيعتين.
من جانبه جدّد المتحدث باسم وزارة الصحة في غزة، أشرف القدرة، أمس، التحذير من أن الاحتلال تعمد تدمير المستشفيات في شمال القطاع، بما يبقي 800 ألف نسمة بلا خدمات صحية، منهم جرحى ومرضى ونساء حوامل وأطفال رضع يتعرضون للموت المحقق.
وقال إن الواقع الذي يعيشه الجرحى كارثي ولا يطاق في ظل تعرضهم لمضاعفات متسارعة في حالاتهم الصحية والتهابات شديدة للجروح والحروق يصعب شفائها، ما يتسبب في فقدان حياة أعداد كبيرة من الجرحى نتيجة عدم توفر العلاج في مستشفيات غزة.
وأكد في هذا السياق أن 70% من مرضى الفشل الكلوي يتعرضون لمخاطر صحية كارثية نتيجة القصف والنزوح وصعوبة وصولهم للخدمة غسيل الكلى، خاصة في الشمال، بينما يعاني 900 ألف طفل في مراكز الايواء من خطر الجفاف والمجاعة، وتعاني 50 ألف سيدة حامل في مراكز الايواء من انعدام الماء والطعام، والرعاية الصحية، وتضع حوالي 180 سيدة يوميا مولودها في ظروف غير آمنة وغير إنسانية.
هو وضع مأساوي أكدته مؤسسة "أكشن إيد" فلسطين، التي قالت، أمس، أن عشرات الآلاف من النساء الحوامل يعانين من الجوع الشديد بسبب الأزمة الغذائية المتصاعدة في غزة. كما تعاني الأمهات من سوء التغذية بما يحد من قدرتهن على إرضاع أطفالهن حديثي الولادة من خلال الرضاعة الطبيعية.
وأمام استمرار تفاقم الأوضاع الكارثية على كل الأصعدة في قطاع غزة، طالبت السلطات الصحية الفلسطينية مجددا المؤسسات الأممية بالانتقال من موقع توصيف الواقع الكارثي للنازحين والتحذيرات من خطورته إلى إيجاد آليات فعّالة وعاجلة تضمن تدخلها الإنساني لمنع الكارثة والمجاعة من خلال توفير المأوى المناسب لظروف الشتاء وكميات كافية من الماء الصالح للشرب والنظافة الشخصية والطعام والكساء والاغطية واقامة نقاط طبية للنازحين في كافة أماكن تواجدهم.
وتبقى حالة الدمار والخراب الذي الحقهما الطيران الحربي الصهيوني ومدفعيته بالمباني والبنى التحتية للقطاع وما صاحب ذلك من حصيلة دامية وباهظة الثمن في أرواح العزل من سكان غزة وانهيار كلي للمنظومة الصحية وتفاقم الكارثة الانسانية، أبرز إنجازات الكيان الصهيوني في هذه الحرب القذرة التي يشنها على غزة. فقوات الاحتلال التي لا تزال تواجه مقاومة شرسة في كل محاور توغلها في القطاع، اضطرت مؤخرا لسحب لواء نخبتها العسكرية المعروف باسم "غولاني" من مدينة غزة التي كان يصنفها جيش الاحتلال على أنها مقر القيادة الرئيسية لكتائب القسام.
ولا تزال القسام ومختلف الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة تخوض معارك ضارية وعنيفة في عدة محاور سواء في الشمال أو الجنوب، موقعة يوميا المزيد من القتلى والجرحى في صفوف قوات الاحتلال التي عجزت بعد 80 يوما من حربها الدامية من تحرير ولو أسير إسرائيلي واحد في قبضة المقاومة.
ورغم تكبده للمزيد من الخسائر لم يسبق أن تكبدها جيشه على مدار حروبه مع الجيوش العربية، لا يزال رئيس الحكومة الصهيونية، بنيامين نتانياهو، ومن يشاركه في هذه الحرب من قادة عسكريين وسياسيين يصرون على المقاربة العسكرية لتحرير الأسرى الإسرائيليين.
وفي مسعى للظهور بمظهر المسيطر على أرض المعركة وأنه يشرف شخصيا على سير المعارك، قال نتانياهو إنه توجه أمس، إلى قطاع غزة وأن قواته ستواصل تكثيف القتال ضد حركة "حماس"، وأن القتال سيكون طويلا ولم يقترب من نهايته. لكن مقاربة نتانياهو الفاشلة بتشديد الضغط العسكري على حركة "حماس" تناقض مطالب عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين لدى المقاومة التي تطالب بالتحرير الفوري لذويهم واعادتهم أحياء وليس أموات.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ص م
المصدر : www.el-massa.com