الحقائق على الأرض تتنافى مع الأرقام على الورق
عدد شهداء غزّة أكبر بكثير..
تحليل: د. مصطفى يوسف اللداوي
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية التي توخت الدقة والمصداقية وحرصت على العملية والمهنية بموجب القوائم المثبتة لديها والأسماء التي وصلتها وتوثقت منها والبيانات التي قدمتها إلى المجتمع الدولي عبر بيانها الرسمية ومؤتمراتها الإعلامية أن عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة خلال أشهر الحرب التي تقترب من نهاية شهرها الحادي عشر بلغ أربعين ألف شهيد أكثر من نصفهم من النساء والأطفال وجميعهم مدنيون غير مسلحين وأغلبهم قتل في الأماكن المصنفة آمنة والمدارس والمقرات المحمية بالأعلام الدولية.
تحتفظ وزارة الصحة الفلسطينية وفقاً لمستندات وبطاقات هوية وصور شخصية وشهادات الأهل والعائلات وتعريف الأصحاب والجيران بأسماء الشهداء الأربعين ألفاً وهم جميعاً قد قتلوا قصفاً بالصواريخ وقذائف الدبابات وقضى كثيرٌ منهم تحت الردم وتحت ركام بيوتهم والمؤسسات التي لجؤوا إليها حيث يتعمد جيش العدو استهداف التجمعات السكانية ومناطق الإيواء المزدحمة والمدارس المأهولة والأماكن التي يعلن عنها أنها آمنة ويسمح للمواطنين بالإقامة فيها ثم يقوم بقصفهم في خيامهم ويحرقها بمن فيها من اللاجئين.
إعلان وزارة الصحة الفلسطينية أن عدد الشهداء بلغ أربعين ألف شهيد بالتأكيدٌ عددٌ غير صحيح وهو مخالفٌ للواقع ولا يتفق مع الحقيقة ولكننا لا نعيب عليها ذلك ولا نتهمها في نزاهتها أو نشكك في مصداقيتها فقد جاء تقريرها مهنياً موثقاً بالشهادات ومعززاً بالبيانات وهي لا تستطيع مخالفة البيانات الرسمية أو تزوير المعطيات الموثقة أو إدراج أسماء دون شهادات أو وثائق ورغم ذلك يتهمها العدو ويشكك في مصداقيتها ويدعي أن أرقامها غير صحيحة وإحصائياتها غير دقيقة.
لكن الحقيقة أن العدد المعلن أقل بكثير من العدد الحقيقي للشهداء والمفقودين حيث يتعذر إحصاء كل الشهداء وحصر جميع المفقودين الذين باتوا في حكم الشهداء ومعرفة عدد الأسرى والمعتقلين الأحياء إذ ساق جيش الاحتلال الآلاف من سكان قطاع غزة إلى مناطق غير معلومة ربما إلى معتقلات النقب المفتوحة أو إلى معتقلات سرية غير معروفة وقد ثبت أنه قتل بعضهم أمام أهلهم وأعدم جنوده آخرين عبثاً وتسليةً ومسابقةً ومنافسة وهدايا لأطفالهم في عيد ميلادهم وتذكاراً لعشيقاتهم خلال مكالماتهم دون سبب أو مبرر يسوغ لهم قتلهم اللهم إلا خبث نفوسهم وحقد قلوبهم وقد تم توثيق عشرات عمليات الإعدام لأسرى مكبلي الأيدي ومقيدي الأرجل ومعصوبي الأعين.
وخلال المذابح الكبرى والمجازر الدموية التي ارتكبها جيش الاحتلال وهي بالمئات في كل مناطق قطاع غزة ونفذها بقنابل أمريكية ضخمة وفتاكة تزن الواحدة منها ألفي رطل والتي كان آخرها قبل أيام في مدرسة التابعين بحي الدرج والتي استشهد فيها أكثر من مائة فلسطيني حيث قصفهم أثناء تأديتهم صلاة الفجر.
فقد ذكر الناطق الرسمي باسم الدفاع المدني الفلسطيني أن عشرات الجثث غير معلومة الهوية وغير مميزة الشكل إذ أن القنابل الضخمة قد مزقت الأجساد وقطعت الأوصال ولم تعد هنالك أجسادٌ كاملة بل أكوامٌ من اللحم مختلفة ممزوجة بالدماء ومختلطة ببقايا حجارة وبأجزاء من الركام فلا يتميز أصحابها ولا تعرف هوياتهم وشخصياتهم فيضافون رقماً ويحسبون عدداً.
ستثبت الأيام عندما تضع الحرب أوزارها وينسحب جيش الاحتلال من غزة وتتمكن المؤسسات الوطنية الفلسطينية من إجراء إحصاء دقيق للشهداء والجرحى والأسرى بعيداً عن تهديد القصف والغارات الجوية أن عدد الشهداء الفلسطينيين يتجاوز بكثير جداً العدد الذي أعلنت عنه وزارة الصحة وأن الكيان الصهيوني ارتكب أفظع المجازر ونفذ أبشع المذابح وقتل عشرات آلاف الفلسطينيين في أوضح هولوكوست مسجل وحرب إبادة موثقة .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 18/08/2024
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum.dz/ar/index.php