الجزائر

عدالة الأمر الواقع!؟



عدالة الأمر الواقع!؟
أخفقت، أمس، العدالة الجزائرية مرة أخرى، في فرض القانون على الجميع، فقد غاب كل الوزراء الذين نودي عليهم لحضور محاكمة الخليفة في مجلس قضاء البليدة، باستثناء وزير المالية السابق محمد جلاب.ليس الوزراء فقط المطلوبة أسماؤهم وحدهم من قاطع الجلسة، فقد غاب روراوة أيضا وإن كان هذا الأخير أرسل تبريرا لغيابه، بينما غاب سيدي السعيد وبعض رجال الأعمال المطلوبين و”المسنودين“ من قبل كبار في السلطة.لا أفهم كيف لرئيس المجلس الدستوري، الذي يفترض فيه حماية الدستور واحترام بنوده، أن يرفض الامتثال للقضاء، مع أنه يعرف مسبقا أنه لا يخشى شيئا ليس بحكم منصبه، بل لأحكام أخرى!نعم، فوتت العدالة الجزائرية على نفسها فرصة لمحاكمة الفساد، وفرصة أخرى لتكون فوق الجميع ولا أحد فوق القانون، والقاضي سواء في مجلس قضاء البليدة، أو في محاكمة الطريق السيار، حرم الرئيس بوتفليقة، القاضي الأول للبلاد، أن تجرى في مرحلة حكمه محاكمات حقيقية لقضايا الفساد، وأن يعاقب المتسببون الحقيقيون في هذه الجرائم الاقتصادية.سيسجل التاريخ مرة أخرى أن هذه المرحلة لم يميزها فقط انتشار الفساد بصورة غير مسبوقة، بل أيضا الاستهتار بالقضاء والدوس على القانون، فمن جهة تريد السلطة أن تعطي انطباعا بأنها تحارب الفساد وتعاقب المتورطين فيه، ومن جهة أخرى تكيل بمكيالين وتحمي الأسماء الكبيرة من العقاب، تماما مثلما حمت الإرهابيين والقتلة والملطخة أيديهم بدماء الأبرياء من العقاب.لا أعرف في أية خانة توصف هذه السلطة، لكن ليست في دولة القانون التي وعد بوتفليقة بالتأسيس لها.لأعد إلى محاكمة الطريق السيار التي ستصدر الأحكام فيها الخميس المقبل. لا أدري كيف حولها المتهمون والدفاع إلى محاكمة لمؤسسة المخابرات، وكيف حاول هؤلاء “اللصوص”، مع احترام مبدأ أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته، أن يتملصوا من التهم الموجهة إليهم وهي فظيعة، وتراشقوا فيما بينهم بها، ويحولوها إلى محاكمة لبعض عناصر “الدياراس”، ليظهر وكأن المعركة بين الرئاسة والمتهمين المحسوبين على رجالها، وبين المخابرات، خرجت من الظل وهي تجري الآن في أروقة المحاكم.فهل يعقل أن يكون جهاز المخابرات الذي فجر هذه الفضائح متورطا فيها؟!المصيبة أننا لن نعرف الحقيقة أبدا، لشدة تزييف الوقائع والشهادات، وأيضا أكاذيب الدفاع الذي رغم أن المحامين يعرفون أن هذه القضية شكلت أكبر ضرر للبلاد واقتصادها وسمعتها، إلا أنهم يزيفون الحقائق لتبرئة المتهمين وربح القضايا كيفما كان؟!يعرف الجميع مسبقا أن هذه المحاكمة هي مجرد محاكمة صورية، ويلوذ الجميع بالصمت المريب.قضايا الفساد لم تنجح فقط في إرشاء قطاعات واسعة من المجتمع، وإنما أيضا في تكميم الأفواه والتخفي وراء عدم المبالاة، وهذا أكبر خطر نجح فيه بعض رجال السلطة المتورطين في قضايا الفساد، وهو تعقيم الشعور الاجتماعي وتبليده، فلم يعد هناك من يهتم أو يتأثر.لن ننتظر الكثير من محاكمة الخليفة غير فرض عدالة الأمر الواقع؟! نشرت بتاريخ 5 ماي 2015 م




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)