استضافت قاعة المحاضرات لوزارة الشؤون الخارجية، صباح أمس، وزير الداخلية والجماعات المحلية، دحو ولد قابلية، والسيد صليح القبي (سفير سابق)، وذلك ضمن فعاليات برنامج الاحتفال بخمسينية اتفاقيات إيفيان.
وبهذه المناسبة التي تم الإعلان فيها على إطلاق إسم النصر على هذه القاعة، ألقى ولد قابلية بصفته رئيس الجمعية الوطنية لوزارة التسليح والاتصالات العامة (المالغ)، محاضرة قيّمة حضرها وزير الخارجية نور الدين مدلسي.
واستعرض ولد قابلية خلالها بدقة وتفاصيل وافية عدة محطات في مسار الثورة الجزائرية والمرحلة التي سبقتها، كاشفا ـ لأول مرة ـ عن بعض الأمور والأحداث التي كانت خافية، وخصوصا لجيل اليوم، مستندا على وثائق هامة تابعة لوزارة التسليح.
ومن بين المحطات التي عرّج عليها في محاضرته والخاصة بالمرحلة التي سبقت إندلاع الثورة التحريرية المجيدة، هزيمة ألمانيا النازية في الحرب العالمية الثانية وما تبعها من أحداث وتطورات، مشيرا في هذا السياق، إلى أن هذه الهزيمة كانت من ضمن العوامل التي مهدت لاندلاع ثورة نوفمبر.
وبين بأنه كلما إشتد ضغط الثورة المسلحة على القوات الاستعمارية من طرف المجاهدين واشتد الخناق عليها، كلما تنازلت فرنسا السياسية أكثر فأكثر عن مواقفها التي كانت في البداية متشددة، وذلك إلى حد الخنوع وقبول الأمر الواقع في نهاية الأمر.
وأكد ذات المسؤول، بأن ثورة الفاتح من نوفمبر، دخلت منطق التاريخ وتم خوضها على الرغم من كون أننا واعين بالصعوبات والتعقيدات والتحديات، إذ كان الكفاح المسلح هو السبيل الأوحد المتاح للحصول على الاستقلال.
وبعد أن سرد بالتفصيل محطات كثيرة في مسار الثورة الجزائرية، خاصة على الصعيد الدبلوماسي من خلال ترسانة من الأرشيف، شدد على تلازم الكفاح المسلح بالعمل السياسي للدبلوماسية الجزائرية الذي كان ناجحا بفضل المواقف الثابتة لحزب جبهة التحرير الوطني والحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية.
نجام ضمن نجاحات كثيرة يحسب للثورة الجزائرية ولزعمائها لتكرس من خلال اعتراف الأمم المتحدة بحق الشعب الجزائري في تقرير مصيره، وذلك من خلال تصويتها يوم 20 ديسمبر 1960 على أول لائحة صدرت لصالح الثورة الجزائرية. وقد تلى هذا الانجاز، انجازا آخر ذو دلالة خاصة، ليس للجزائر فحسب، بل لفرنسا ـ حسب قول ولد قابلية ـ يتمثل في استقبال الزعيم رقم 1 للاتحاد السوفياتي »نيتا خورتشيف« للسيد كريم بلقاسم، نائب رئيس الحكومة المؤقتة ووزير الخارجية.
واغتنم رئيس الجمعية الوطنية لوزارة التسليح، هذه الفرصة ليفند بشكل قطعي أن يكون ـ عبان رمضان أحد مسؤولي الثورة الجزائرية ـ قد حاول التفاوض مع السلطات الفرنسية دون علم القيادة، وقال بهذا الخصوص: »إن عبان رمضان لم يسعى إلى تسوية مع الحكومة الفرنسية خفية عن هيئات الثورة، مثلما لمح إليه علي كافي في مذكراته، والعقيد عمار بن عودة مؤخرا«.
وأوضح بأن عبان رمضان، الذي كان صانع المضمون السياسي لميثاق مؤتمر الصومام، كان قد وضع شروطا مسبقة لأية مفاوضات مع الحكومة الفرنسية تتمثل في الاعتراف بجبهة التحرير الوطني، بصفتها الممثل الوحيد للشعب الجزائري، وحق الجزائريين في تقرير مصيرهم والإستقلال.
من جهته، أكد السيد صليح قبي، في مداخلته القصيرة جدا، على أن ثورة أول نوفمبر كانت نقطة الوصول بعد مسار طويل عريق للجزائر التي جعل منها موقعها الجغرافي محل أطماع وحقد وهي التي بسطت نفوذها على منطقة البحر المتوسط على امتداد 3 قرون كاملة، واصفا المعلومات التي قدمها ولد قابلية بأنها فيض من غيض.
يشار في الأخير، إلى فتح نقاش أعقبه ردود حول ما جاء في محاضرة ولد قابلية الذي أثبت مرة أخرى مدى تعميقه في تاريخ الثورة الجزائرية، خصوصا على صعيد العمل السياسي، واعدا الحاضرين بنشر كل الوثائق المتعلقة بالحدث في كتاب يؤرخ لهذه الحقبة التاريخية الهامة حتى تستلهم منها الأجيال القادمة، وتكون خير خلف لخير سلف، وليس ذلك في الواقع بعزيز على الشباب الجزائري والمرأة الجزائرية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/03/2012
مضاف من طرف : aladhimi
صاحب المقال : م. نجيب بوكردوس
المصدر : الشعب 2012/03/19