الجزائر

ضرورة تشكيل فريقي عمل في الأدب والسينما



ضرورة تشكيل فريقي عمل في الأدب والسينما
شارك الباحث اللغوي والأديب الكويتي الدكتور، فهد سالم الراشد، بدراسة حول "ثقافة السينما الجزائرية"، وذلك في المؤتمر الدولي "الأدب والسينما" المنعقد مؤخرا بجامعة عمار ثليجي بالأغواط، حيث تناول في بحثه هذا ستة أفلام، وأوصى بضرورة تشكيل فريقي عمل في الأدب والسينما. شرع الدكتور فهد سالم الراشد في بداية مداخلته بذكر الهدف من هذه الدراسة، حيث قال إنه يهتم بربط ثقافة كاتب النص الأدبي بثقافة المجتمع، من خلال انتقال النص الأدبي المكتوب لطبقة أوفئة من القرّاء إلى عمل سينمائي مرئي ومسموع لجميع طبقات المجتمع وفئاته. أما عن أهمية دراسته التي تعنى بثقافة السينما الجزائرية، فأشار إلى أنه أرّخ لفترات السينما الجزائرية أولا في كتاب متخصص، كما تناول أيضا نصوص الأفلام المنتقاة بالتحليل السيميائي والسيمولوجي. وقد اعتمد الدكتور في دراسته هذه على ستة أفلام وهي: "ياسمينة"، "ريح الأوراس"، "عطلة المفتش طاهر"، "رشيدة"، "نهلة"، و«لندن ريفر". أما عن مصادر الدراسة، فاعتمد الكاتب على المصدر الأول والرئيس في هذه الدراسة هو "كتاب الرمز والرمزية في السينما الجزائرية"، ثم بعد ذلك اهتم بالعديد من الكتب المتخصصة، والمجلات العلمية الأدبية، إضافة إلى حضور ميداني لمشاهدة الأفلام العينة في هذه الدراسة.هل كل نص أدبي مشروع فيلم سينمائي؟وحاول الدكتور الإجابة عن سؤال يتعلق بعلاقة النص الأدبي بالسينما، حيث قال إن العلاقة هي الثقافة؛ فالنص الأدبي يعكس ثقافة الكاتب والسينما تعكس ثقافة المجتمع. أما عن السؤال الثاني والمتعلق بإمكانية تحويل كل نص أدبي إلى فيلم سينمائي، فأجاب بأن هناك إشكالية قديمة بين نص أدبي يكتب أصلا للسينما أوالمسرح أوالتلفزيون، ويكون أكثر تقنية وأدق عبارة وأبلغ صورة، وبين نص أدبي مكتوب وقع عليه الاختيار ليكون سينمائيا أو مسرحيا أوتلفزيونيا؛ فهو بحاجة إلى تقنية خاصة، وإعادة عبارته بواسطة السينارست وتجسيد أحداثه لتكون صورا مصاحبة للحدث وهنا تأتي لغة المشهد من (حدث وصورة) التي جعلت من وسائل الإعلام ولاسيما السينما تتنافس على تقديم الحدث مصحوبا بصورة، وهي بذلك تختزل كثيرا من الكلمات داخل صورة الحدث، فحينما ترافق الصورة الحدث، تكون أكثر مصداقية وأشد تأثيرا في إحساسات المشاهد وأشد وقعا في قلبه لأنها مستوحاة من الواقع، فالصورة لغة دالة وموحية وهي مستوى فني وتقني، كما أنها أسلوب للتخاطب والتحاجج، والصورة ضمن أدوات السيميائية من مثل (الرمز، الإشارة، العلامة، اللون، الصمت..إلخ ).وأضاف الدكتور أن أول إشكالية تواجه النص الأدبي المكتوب للقرّاءة، هي نوع القرّاء ومستواهم الثقافي، فالانتقال من عمل أدبي مكتوب لشريحة معينة من القراء إلى عمل مرئي ومسموع لجميع شرائح المجتمعات، يتطلب جهدا جبارا في صياغة السينارست؛ إذ لابد من يكون واضع السيناريو لهذا النص الأدبي المكتوب لطبقة معينة من القراء، أن يتمتع بمهارة فائقة في الإلمام بالمجتمع الذي تناوله هذا النص الأدبي، وأن يكون قارئا جيدا لتاريخه السياسي والاجتماعي ومطلعا على مشهده الثقافي من إرث وموروث وتراثه المادي واللامادي، وخير دليل على ذلك ما أثير حول رواية "ذاكرة الجسد" للروائية الجزائرية أحلام مستغانمي، حينما انتقلت روايتها الأدبية من نص مكتوب إلى عمل تلفزيوني مرئي ومسموع. وأضاف الدكتور أيضا أن تحليل نص مشاهد يختلف بطبيعة الحال اختلافا كليا عن تحليل نص مكتوب؛ فالنص المكتوب يتمتع كما يقال ب«حركة وقوة"، والنص المشاهد يتمتع كما يقال ب«حركة وصورة" والنص المشاهد في تحليله تطغى عليه القراءات الوجدانية. أما النص المكتوب ففي تحليله يسلط الضوء على التقنيات العالية لمهارات الكاتب، ويؤخذ بجودة الأسلوب وصياغة النص وسياقات السرد. وكلها مقاييس وضوابط يعتمدها النقاد حين تحليل النص المكتوب.مصير النص الأدبي بين الأطراف المتنازعة:وطرح فهد سؤالا حول مصير النص الأدبي إذا ما تعرض إلى صراع بين الأطراف المتنازعة (المؤلف، السينارست، المخرج، الممثل، المنتج)؟ ويجيب على لسان السينمائي الجزائري، عيسى شريّط، الذي كتب أن المخرج السينمائي الحذق الذي يحترم مبادئ الاحتراف سعيا خلف النجاح، هو الذي يبحث باستمرار عنيد، عن السيناريو الجيد، ولا يكتبه شخصيا بالضرورة، ويكتفي بعد ذلك بالاعتماد على مهاراته الإخراجية التي تمكنه من التفاعل وشخوص وأحداث السيناريو المنتقى، مما يضمن روعة تصوير الفيلم. ويضرب لنا شريّط مثالا مدللا على صحة ما ذهب إليه قائلا: (فيلم "عودة الابن الضال" أخرجه يوسف شاهين، واشترك في كتابة السيناريو ثلاثة كتاب وهم يوسف شاهين وصلاح جاهين وفاروق بلوفة).ثقافة المخرج:أكد الدكتور أن الثقافة مفهوم واسع وفضفاض، كما أنها تعتبر شرعة من شرعات السينما في (التحليل السيميولوجي للفيلم)، وإذا لم يكن المخرج على قدر من الثقافة، انعكس ذلك سلبا على مقومات الفيلم السينمائي الثلاثة (كتابة نص جيد، إحساس فني صادق، مهارة في الأداء). وبما أن السينما هي وعاء الأفلام، والأفلام تتفاوت في جودتها وفي نجاحها ل«أن نجاح الأفلام فنيا رهين صدق الإحساس الفني، إلى جانب المهارة في الأداء"، ويتساءل: «ما جدوى الإحساس الفني الصادق والمهارة في الأداء إذا كان النص المكتوب رديئا ودون طموح المخرج؟" ويضيف أنه ينبغي اكتمال الصورة (نص سينمائي جيد، إحساس فني صادق، مهارة في الأداء). وتناول الدكتور في دراسته هذه ستة أفلام وكتب عنها، الأول فيلم "ياسمينة" للمخرج جمال شندرلي ومحمد لخضر حامينة، اختار المخرجان الجزائريان لبطولة فيلمهما الوثائقي الروائي "طفلة" ولعل السؤالين اللذين نطرحهما على المخرجين الجزائريين هما: لماذا استخدما الأطفال؟ ولماذا طفلة وليس طفلا؟.وقدم الدكتور في ختام مداخلته عدة توصيات وهي تشكيل فريق عمل أدبي، وفريق عمل سينمائي. الأول يقوم بجمع النصوص الأدبية الجزائرية بالمساواة والعدالة وبعيد عن هوى النفس والشخصانية، ثم يقوم بتفصيصها، على حسب الموضوعات، ما يتعلق بأدب الثورة من مثل "سأنتقم لك يا جدار" و«نضال" و«فديتك يا شعبي" و«أنا الجزائر" و«العمر موهوب" و«برقية من الجبل"، والكتابات الأدبية الرائعة لأدباء جزائريين من مثل عبد الحميد الشافعي ورشيد بوجدرة وغيرهما الكثير، وما يتعلق بأدب التحرير وذكر من استشهد من الكتاب الأدباء من مثل عمر بن قدور وإبراهيم طفيش وغيرهم الكثير يجب البحث عنهم لاسيما في الدول المجاورة مثل تونس، وما يتعلق بمرحلة ما بعد التحرير وما صاحبها من إرهاصات اجتماعية، وما يتعلق بالعشرية السوداء وإفرازاتها وانعكاساتها على الطفل والمرأة، وما يتعلق بالتحدي لبناء دولة حديثة ومعاصرة. كما طالب الدكتور بإنشاء فريق العمل السينمائي، يتصل بكل السينمائيين قديما وحديثا داخلا وخارجا بعيد كل البعد عن الرضا والقبول، يقوم هذا الفريق بجمع الأفلام القديمة، ويعيد إخراجها بصيغة سينمائية جديدة وحديثة لتظل متجددة في ذاكرة الأجيال.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)