يسلّط الملتقى الدولي الأوّل للشيخ محمد بن يلس التلمساني، الضوء ليكشف عن هذه الشخصية البارزة، إذ يعدّ أحد روّاد المدرسة الصوفية في العالم الإسلامي، من خلال تناول عدّة جوانب من مسيرته الفكرية والعلمية، وقد اختيرت الذكرى المئوية لهجرته للشام، مناسبة لانطلاق الفعالية، والتي تدوم أربعة أيام بداية من اليوم بقصر الإمامة بتلمسان.
وأوضح الدكتور سالم ولد أحمد ولد محمد بن يلس حفيد سيدي الحاج محمد بن يلس ورئيس الملتقى، أنّ الملتقى يسعى لإبراز الشخصية عن كثب بمشاركة مميّزة لعدد من الباحثين المختصّين من مختلف جامعات الوطن العربي وأوروبا، على غرار محمود المصري من سوريا، العسري فريد من بلجيكا وأحمد عمر من بريطانيا، بالإضافة إلى أساتذة جامعيين وباحثين مختصين من الجامعات الجزائرية. وأوضح المتحدث خلال ندوة صحفية بمقر اللجنة التنفيذية لتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، أنّ الملتقى مكسب ناله بعد بذل جهود رفقة عدد من الزملاء ودعم السلطات المعنية على غرار وزارة الثقافة، وقال أنّ مجموعة من الدوافع جعلته يفكّر في إقامة الملتقى، من بينها أنّه مع تقدّمه في العمر اكتشف المكانة الهامة التي كان يحتلها جده وأبوه على حد سواء، حيث كشف أنّ العديد من رجال الدين المسيحيين واليهود كانوا ينهلون من فكر والده سيدي الحاج محمد بن يلس في حلّ القضايا المستعصية عليهم، الأمر الذي يؤكّد انفتاح أبيه على الأديان الأخرى وحرصه على حوار الأديان. وأفاد أنّ الملتقى سيجمع أساتذة ودكاترة من مختلف الأقطار العربية والغربية ممن اهتموا بشخصية جدّه. وأضاف أنّ هذه المبادرة ستسمح بإعادة التطرّق إلى شخصية كانت لها بصمتها الخالدة في علوم الدين والصوفية، المعروفة بالإمام الشاعر المادح صاحب الزاويتين. واسترسل في قوله، أنّ فتوى جدّه الشهيرة سنة 1911 بتكفير أيّ جزائري يدخل الجيش الفرنسي، كان لها التأثير البالغ على مخطّط القمع الفرنسي، وساهمت في إرساء مبادئ العروبة والإسلام، الأمر الذي دفع بالاستعمار إلى ممارسة ضغوط رهيبة عليه وعلى عائلته، أدّت إلى تهجيره نحو دمشق وتبعته أكثر من أربعمائة عائلة خوفا من طمس هويتها.
تجدر الإشارة، إلى أنّ الملتقى سيتطرّق إلى ستة محاور مستمدة من فكر الشيخ ودوره كإمام وأحد روّاد المدرسة الصوفية وتأثيره البارز في الوطن وبعض دول المشرق العربي، خاصة سوريا. كما سيتناول الملتقى أهمية أئمة الزوايا ودورهم الفعال في الحركات الوطنية والنهضة الدينية، ويتخلّل أيام الملتقى (04 أيام)، إلقاء مجموعة من المحاضرات والندوات من طرف أقارب ومن عرفوا الإمام، إلى جانب عرض أفلام وأشرطة وثائقية مع تنظيم معارض للصور التاريخية ووثائق ومؤلفات حول سيرة الإمام بن يلس.
يُشار إلى أنّ سيدي الحاج محمد بن يلس الشاعر المادح، ولد في تلمسان سنة 1855 م، تربى يتيما في صغره في كنف عمه محمد بن يلس، والإمام ''أبي عبد الله محمد السنوسي''، كان له دور كبير في محاربة مخططات الاستعمار الفرنسي لطمس الهوية الجزائرية، ويعتبر مرجعا لثلة من العلماء، خاصة في سوريا-.
تعرّف الجمهور التلمساني في الفترة الممتدة بين 23 إلى 26 نوفمبر الجاري، على بعض الجوانب التي تزخر بها الثقافة الهندية، لاسيما الجانب الإسلامي منه، وسجّلوا حضورا قويا بقصر الثقافة إمامة لمتابعة أطوار الأيام الثقافية الهندية المشاركة في إطار ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، إذ تميّزت المشاركة الهندية بمعرض للصور وفن الخط العربي، وتلاوة القرآن، إلى جانب الرقصات الصوفية التي أدتها فرقة الرقص الشعبي ''راني خانام''.
وحضر الفعاليات السكرتير الأوّل لسفارة الهند بالجزائر السيد روي اشتوش نيابة عن السفير، والمنسق العام لتظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية'' السيد عبد الحميد بلبليدية، والمدير الولائي للثقافة السيد ميلود حكيم.
وأشار السيد روي أشتوش إلى أنّ الهند سطّرت برنامجا غنيا يعكس موروثها الثقافي الإسلامي، ليكتشفه الجمهور التلمساني ويتعرّف على الثقافة الإسلامية الهندية على مدار ثلاثة أيام، وذلك بالاعتماد على فرقة الرقص الكلاسيكي الصوفية ''راني خانام'' بقيادة رانيكا خانام التي تترجم مناجاة الله في حركاتها الروحية، بالإضافة إلى تلاوة آيات بيّنات من القرآن الكريم للمقرئ محمد بابا محي الدين، إلى جانب عرض صور خاصة لأشهر المعالم التاريخية الإسلامية بالهند للمصور الفوتوغرافي بينوي كباهل، ومعرض للخط العربي للخطاط صديقي أنيس.
وأضاف المتحدث أنّه تمّت برمجة، كمسك الختام، فيلم ''جودا أكبر'' الذي يجسّد الصراع القائم بين الملك المغولي المسلم جودا أكبر والهندوس.
من جانبه، قال مدير الثقافة لولاية تلمسان السيد ميلود حكيم، خلال الافتتاح الرسمي للأيام الثقافية الهندية، إنّ الحضارة الإسلامية والحضارة الهندية تبادلتا التأثير والتأثّر وساهمتا إلى جانب بعضهما البعض في إثراء تاريخ البشرية بأهم إنجازاتها التي تعدّ مفخرة للإنسانية، مؤكّدا أنّ عناق الهند للإسلام أنتج أجمل إبداع في التحف المعمارية والهندسية، أبرزها المعلم المعروف ''تاج محل''، الذي يعدّ واحدا من عجائب الدنيا التي بقيت مشرقة على مرّ التاريخ.
وبخصوص معرض الصور، اهتم الفنان بينوي كباهل بمهمة التعريف بالعمارة الإسلامية الهندية من خلال عرضه لـ 45 صورة فوتوغرافية من بينها صور لتاج محل، الذي شيّد في القرن17 ومسجد ''فاتح بور سيكري'' الذي يعود بناؤه للقرن 16 ومنارة ''قطب منار'' التي تعود لأوائل القرن الثالث عشر سنة .1206
وأبدعت الراقصة رانيكا خانام في عرضها لرقصة ''كلا واتي راد''، وهي رقصة ثنائية تستخدم فيها القدمين، حيث تتحرّكان على وقع الإيقاعات الموسيقية الهندية المرتبطة بالتراث الشعبي، إلى جانب رقصة ''تار اشك اشاي'' الباكستانية من منطقة البنجاب التي تمثّل مجموعة من الأشعار أنشدتها الفرقة الصوتية الرجالية المتكوّنة من أربعة أفراد، وتصبّ هذه الرقصات في إطار الرقص الصوفي في مناجاة الله وهي عبارة عن رقصات روحية تجسد علاقة الفرد بربه من خلال الحركات الإيمائية المصحوبة بموسيقى روحية صرفة.
كان صالون الصناعة التقليدية المنظم مؤخرا بدار الثقافة لمدينة بومرداس، فرصة لالتقاء حرفي الولاية في موعد متجدد يسمح لهم بعرض عصارة مجهوداتهم الفكرية واليدوية، شكل أيضا انطلاقة بالنسبة لحرفيين آخرين يشاركون في حدث مماثل لأول مرة، كما كان الحال بالنسبة للسيدة ''بوداود صفية'' حرفية في صناعة الحلي التقليدية والعصرية.
تسمح معارض وصالونات الحرف التقليدية المنظمة بين الفينة والأخرى، بالتعريف بعديد الحرف التقليدية التي أدخلت عليها روح العصرنة، منها حرفة صناعة الحلي التقليدية التي عرفت مشاركة الحرفية ''صفية بوداود'' التي جلب جناحها بمعرض الصناعة التقليدية بمدينة بومرداس، عديد الزائرين الذين أعجبوا بتفاني الحرفية في صناعة حلي وإكسسوارات تتماشى مع العصر، ولكن بالحفاظ على الأصالة والتقليد.
تتحدث الحرفية عن مسيرتها في صناعة الإكسسوارات ومنها ''الجوهر'' المعروف ارتداؤه مع الملابس التقليدية، فتقول أنها أتقنت مختلف الصناعات اليدوية من الخياطة والكروشيه، وهي بعد ابنة التسع سنوات بحكم البيئة التي نشأت فيها، والتي تحفز تعلم الصناعة اليدوية، بعدها بدأت بتعلم ''المجبود والفتلة''، ثم انتقلت إلى تعلم الرسم على الحرير والديكور الداخلي، ولكنها بقيت متعطشة لتعلم المزيد من الحرف، تقول: ''الحرفة اليدوية تتطلب الصبر والإتقان.. وبما أني أمضيت سنوات طوال في مداعبة الخيوط ومزج الألوان وتشكيل القطع الفنية، فإني اكتشفت رغبتي في إيجاد حرفة أخرى يمكنني إتقانها وإطلاق طاقاتي الإبداعية المتجددة، فتوصلت إلى فكرة صناعة ''العقاش'' أو''الحلي''. وتواصل الحرفية وهي ترينا قطعا من الحلي كانت من القطع الأولى التي صنعتها بيديها فتقول: ''فكرة صناعة ''العقاش'' بدأت تتخمر في ذهني لمّا زرت يوما مدينة تلمسان العريقة والمعروف عنها حرفها التقليدية وملابسها الأخاذة التي لا نجدها في مناطق أخرى، وأتحدث هنا عن لباس الشّدة، وهواللباس الذي ترتديه العروس مع الكثير من المجوهرات والحلي التقليدية التي نطلق عليها بالعامية ''العقاش''، هذا الأخير الذي أردت صناعته بيدي وإعطاءه لمساتي الخاصة.. وفعلا شرعت في ذلك بشراء حبات ''العقاش'' من ألوان وأحجام مختلفة، ثم صنعت طاقما لنفسي يتماشى مع لباس تقليدي خاص بي، وتزينت بالطاقم الذي تهاطلت علي الأسئلة بشأنه لما ارتديته في إحدى المناسبات، وانبهرت السائلات بإجابتي وبكوني أنا صانعته.. ثم توالت علي الطلبات بشأن صناعة حلي بمقاسات وألوان وأشكال حسب ذوق الطالبات، فأيقنت بعدها أنها هي الحرفة التي لطالما بحثت عنها ووجدتها أخيرا، وكما ترون كل الحلي المعروضة هنا من صنع يديّ''.
وضم جناح الحِرفية بصالون الصناعة التقليدية الكثير من الحلي بألوان زاهية تتماشى مع الموضة، ولعل ذلك ما جلب إليه أنظار زائرات الصالون، وعن هذه النقطة بالذات تقول الحرفية: ''أعتمد في ابتكاراتي للحلي على التجديد المستمر الحاصل في عالم الإكسسوارات، ولذلك، فأنا دائمة البحث في الأنترنت على جديد الأشكال والألوان المحببة القريبة من مختلف الشرائح العمرية، فلا يخف عليكم أن أسعار الذهب في ارتفاع مستمر جعل شريحة واسعة من الأوانس والسيدات يستغنين عنه ويستبدلنه بالإكسسوارات، ولذلك فإني أبحث عن الجديد دائما حتى أجعل أشكال الحلي والأطقم تتماشى مع الأذواق.. ومع الموضة بشكل عام''. وتواصل: ''أما الأحجار التي أستعملها في تشكيل الحلي، فهي متعددة منها ''العقاش'' و''الجوهر'' بأحجامه المختلفة الذي أحضره من تلمسان، وهناك الميداليات وأحجار ''التركواز'' و''الجاد'' و''الايماتيت'' التي تجلب لي خصيصا من تركيا، إضافة إلى المرجان الذي أستعمله في تشكيل أطقم من الفضة بطريقة عصرية.. وهناك أحجار أخرى يحضرها لي زوجي من بعض البلدان الإفريقية''.
وتؤكد الحرفية أن بحثها المتواصل عن أسماء الأحجار المستعملة في الحلي والإكسسوارات جعلها تعرف أن بعض تلك الأحجار تستعمل في بعض المجتمعات للتداوي من بعض الأمراض، وهوما زادها إعجابا بهذا الميدان الحرفي.
مشاركة الحرفية صفية بوداود بالصالون لأول مرة لم يكن فقط للتعريف بنفسها وبحرفتها، وإنما فتح أمامها آفاق تعليم حرفتها للسيدات والشابات الراغبات في ذلك، فقد أكدت محدثة ''المساء'' أن مدير غرفة الصناعة التقليدية لولايتها قد اقترح عليها الانضمام لمسار التكوين المهني بإشرافها على إعطاء دروس في مراكز التعليم والتكوين المهنيين، وهوالمقترح الذي أبدت الحرفية استعدادها لقبوله، خاصة بعد أن استفادت مؤخرا من بطاقة حرفية، وهوما سيسمح لها أيضا بالمشاركة في معارض جهوية وأخرى وطنية للصناعة التقليدية مستقبلا..
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/11/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : حنان/ س
المصدر : www.el-massa.com