بعد سنوات من الانتظار و الترقب لإطلاق أشغال ترميم «مسجد الباشا» و «قصر الباي» اللذان يمثلان ارث مدينة وهران الثقافي و التاريخي و الحضاري تبين بان جميع التدخلات و القرارات التي اتخذت منذ ثلاث سنوات من خلال الاتفاقيات التي تم إبرامها مع مؤسسة طوسيالي و تيكا التركية للتكفل بترميمها بالتنسيق مع وزارة الثقافة بقيت مجرد حبر على ورق ، و يمكن تشبيهها حسب بعض المهتمين بالمجال بصفقة إعلانية أخذت حيزا هاما خلال تلك الفترة بوسائل الإعلام التي حضرت إمضاء العقد بمقر بلدية وهران و روجت كثيرا لهذه العملية التي أولتها اهتماما يليق بها خاصة و انه كان شأنها أن تحافظ على تراث المدينة ، و قد اتضح مؤخرا بعد كل هذه المدة بأن ترميم هذه المشاريع طالها التجميد حسبما أوضحه المدير الولائي للثقافة قويدر بوزيان الخميس الماضي على هامش اللقاء المنظم بمقر الولاية لعرض المشاريع الفنية المشارك بها في مسابقة خاصة لتزيين مدينة وهران تحسبا للألعاب المتوسطية التي ستحتضنها وهران عام 2021 ، حيث أكد بأنهم يأملوا أن تلقى هذه المشاريع التي مسها التجميد النور من خلال تدخل الوالي الجديد لوهران الذي يولي حسبه أهمية لهذا القطاع بغية إعادة الاعتبار و حماية هذه المعالم الأثرية من الزوال .يأتي هذا في الوقت الذي كان من المفروض فيه أن تنطلق الأشغال منذ سنة 2017 تبعا للاتفاقية التي تم إمضاؤها مع مؤسسة « توسيالي» للحديد والصلب على أن تتكفل مؤسسة « تيكا» التركية كما سبق التطرق اليه بإعادة الإعادة لهذه المعالم التاريخية على غرار «مسجد الباشا» الذي تحول منذ أربعة أشهر إلى مركز عبور احتمت به 11 عائلة بعدما انهارت سكناتها بحي سيدي الهواري رغم أنه من أحد أهم المعالم الأثرية لولاية وهران التي برمج انطلاق أشغال الترميم بها منذ ثلاثة أعوام على أن تدوم مدة الانجاز سنة كاملة ويرافقهم فيها مهندسون جزائريون في مسار الترميم الذي تشرف عليه وزارة الثقافة ، الا أن الأمر بقي عالقا باعتبار أن المؤسسة التركية طالبت بعدها من القائمين الجزائريين على هذا المشروع المساهمة في التكاليف حسبما سبق و أن أفاد به مديرية الشؤون الدينية ، علما بان هذا المسجد الذي طاله الإهمال و التهميش يعود تشييده الى عام 1797 في عهد الباي محمد الكبير و كان الشيخ سيدي محمد الساني المهاجي أول إمام له ، بني وفق طراز عثماني مميز يظهر من خلال بيت الصلاة ذات القبة المركزية التي تحيطها القبيبات من كل جانب و قد تم احتلاله من قبل فرنسا خلال الحقبة الاستعمارية و أعيد للجزائريين لممارسة الشعائر فيه عام 1833 بناءا على أوامر الجنرال « ديسمشيل» و لكن سرعان ما أعيد بأمر من نابليون الثالث و ألصق على أبوابه الأسلحة و لكن بعد فترة أعيد من جديد للمسلمين .
و نفس المشكل مس أيضا قصر الباي الواقع بقلب مدينة وهران التي تعرض إلى عدة انهيارات أدت إلى طمس عدد كبير من الشواهد التاريخية المنتشرة به على طول وعرض القصر القديم الذي يتهاوى أمام تهميش وصمت المعنيين ، و ما نشير اليه هو أن القصر صنف كمعلم تاريخي وطني بحماية قانونية من المرسوم 4089 المتعلق بحماية التراث الثقافي ، و رغم حقوقه في الحماية و الصيانة تبعا للقانون بقي عرضة للتخريب و الاندثار و تم احتلاله لسنوات من قبل غرباء الذي اتخذوا بجزء كبير منه سكنات لهم الى غاية 2017 ، حيث تدخل خلالها الوالي السابق عبد الغني زعلان الذي قام بترحيل أزيد من 30 عائلة تقطن به الى بلدية وادي تليلات لترميمه و بعث مشروع شاطوناف آنذاك .
و ما تجدر الإشارة إليه هو أن هذا المعلم التاريخي استفاد منذ أزيد من 23 سنة من عملية ترميم و لكنها لم تكن شاملة ليتم عام 2013 إطلاق دراسة تقنية أخرى لترميمه غير أنه لم يتم الانطلاق في المشروع الذي خصص له آنذاك غلاف مالي يقدر ب 5,8 مليار سنتيم ليتم بعدها في أفريل من سنة 2017 أبرام اتفاقية مع المؤسسة التركية على أن تنطلق الأشغال بعد أسبوعين من تاريخ إمضاء العقد و لكن المشروع لم ير النور هو الآخر إلى يومنا هذا.
للتذكير فان «قصر الباي» الذي يقع بحي سيدي الهواري قرب جبل المرجاجو كان مقر حاكم «بايلك « منطقة الغرب الجزائري إبان الحكم العثماني ويعود تاريخ تشييده الى نهاية القرن الثامن عشر على يد محمد باي الكبير بن عثمان و هو يتربع على مساحة 5.5 هكتارات .
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 13/10/2019
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : آمال ع
المصدر : www.eldjoumhouria.dz