تسرد رواية "الحمار الميت" للكاتب والصحفي الجزائري شوقي عماري مغامرات غريبة ومثيرة في أعلى الجبل، بإيحاءات لمرجعيات أدبية وتاريخية وعلمية وفلسفية، تمتزج فيها أساليب وألوان تعبيرية عديدة محيرة.تروي الرواية الثانية لشوقي عماري الصادرة عن منشورات "البرزخ" في 180 صفحة مغامرات ثلاثي أربعيني (رجلين وامرأة) يلجئون إلى جبال جرجرة بعد قتلهم غير العمدي ل"زمبرق" الحمار المدلل لمحافظ شرطة سابق تحول إلى رجل أعمال. يلتقي الثلاثي الياس ومنير وتيسام الفارين من رجال الشرطة خلال مغامراتهم ب "عالم"غريب يدعى ايزوزان يعيش على ارتفاع 1.500 مترفي محل لبيع "البيتزا "حوله إلى مكتبة والذي قام بدافع "أعراض غريبة" بقتل زوجاته الست. يحمل هذا النص في فصوله ال11 عديد من الإشارات إلى رواية "الحمارالذهبي "(L'âne d'or) لابولي دي مدور وهي أول رواية في تاريخ الإنسانية وتعود الى القرن الثاني للميلاد والتي كتبت في منطقة سوق أهراس الحالية. علاوة على الإيحاءات البارزة إلى رواية " الحمار الذهبي " يغرف شوقي عماري أيضا من روح أعمال ابولي عن طريق إقحام شخصيات روايته ( خاصة تيسام) في اضطرابات عاطفية ووجدانية مما أضفى عمقا اكبرعلى النص الذي يظهر هزليا في بدايته. وتمكن الكاتب من خلال هذا الانتقال بين الهزل والجد وأيضا عبر اعتلاء أبطال القصة لأعالي جرجرة خلال فرارهم من خلق تناسق بين تضاريس المنطقة وتطورات سرده للإحداث مانحا للقارئ قدرة على معايشة أطوار هذه المغامرة واخذ صورة عن المنطقة. كما مكنت هذه الطريقة المؤلف من تقديم نظرة فلسفية عن الأوضاع التي يعيشها أبطال روايته مستعينا في ذلك بأقوال مبدعين كبار على غرار كونديرا وابن عرابي ونيتشه. لم يحد المؤلف في هذا العمل عن اسلوبه المعهود في عموده اليومي في الصحافة الذي يمزج فيه الجد بالمزاح والنقد اللاذع لبعض الاوضاع في المجتمع إلا أن التمادي في هذه الطريقة للكتابة قد يربك القارئ بابعاده عن الموضوع الرئيسي للرواية. ويبقى "الحمار الميت" مع ذلك تجربة روائية لافة للانتباه خاصة من خلال الإسقاطات التي قام بها المؤلف مع رواية ابولي دي مادور التي تعتبر تكريما لهذا الكاتب الأمازيغي الناطق بالاتينية مؤسس فن الرواية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 25/10/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : م ل
المصدر : www.essalamonline.com