الجزائر

شكر الله سعيكم...



في أوج الصراع بين علي بن فليس وعبد العزيز بوتفليقة خلال رئاسيات 2004 علل حينها علي كافي مساندته لبن فليس قائلا فيما معناه: ''جيلنا (جيل الثورة) أصبح مشكلة للجيل الحالي...''. لخصت تلك الجملة عمق الأزمة في الجزائر وعجز النظام عن تجاوز تناقضاته وخلافاته التي تعود لسنوات الثورة. فتسيير الدولة لا يزال يخضع للشك والريبة والتخوين السائدة إبان الثورة، أو بمنطق من كان مع الحكومة المؤقتة أو مع هيئة الأركان العامة، رغم أن جيلنا لا ناقة له ولا جمل في هذه الصراعات الماضوية. فتولي وزارة الداخلية لا يزال في أيدي عناصر ''المالغ'' كولد قابلية أو زرهوني من قبله، بمقتضى نص غير مكتوب. استحواذ الرئيس على وزارة الدفاع يخفي من ورائه هاجس التخوف من الانقلاب. تنحي المرحوم بومعزة عن مجلس الأمة كان تصفية لنزاع قديم مع بوتفليقة، وتعويضه بالراحل مساعدية لأنه كان معه في جبهة ''المالغ'' وحاكمته الحكومة المؤقتة في قضية لعموري. تواجد ياسف سعدي في الثلث الرئاسي مرده مساندته لجيش الحدود بعد دخوله إلى العاصمة وتصفية لحساب قديم مع من شككوا في هروبه من الفرنسيين بعد القبض عليه. كما أن الأزمة البربرية وتصفية عبان وعصيان جبهة القوى الاشتراكية، رغم أن كريم وقع اتفاقيات إيفيان، والولاية الثالثة كانت مهدا لكل المواثيق المؤسسة للدولة الجزائرية، كمؤتمر الصومام وبيان أول نوفمبر، جعل تعيين رئيس جمهورية من إحدى المناطق من الطابوهات. هذا المكبوت المدفون يطعن في شرعية كل القرارات المتخذة بناء على الولاء عوض الكفاءة والتملق عوض النزاهة والانتماء للمنطقة عوض الانتماء للوطن. تصرفات لا مسؤولة وطائشة عطلت مشروع بناء دولة حديثة. وكل المساعي الجارية حول عهدة رابعة للرئيس هي تأجيل للمشروع الحداثي المنصوص عليه في بيان أول نوفمبر. وهي مهمة تقع على عاتق جيلنا البريء من كل هذه الصراعات الماضوية، لكن بشرط تنحي جيل الثورة عن الحكم... فجيلنا له الحق في خوض تجربته وارتكاب الأخطاء للبحث عن سبيل خلاصه وله الحق في الرداءة والتخبط حتى يجد ضالته.
تحضرني هنا جملة لمواطن مصري، تعقيبا على مقطع من خطاب مبارك قبل إسقاطه: ''ضحيت من أجل مصر...''، فرد عليه ببساطة: ''تضحياتكم فوق رؤوسنا وشكر الله سعيكم...''.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)