الجزائر

شفاعةُ المُصطفى عليه الصّلاة والسّلام لأمَّتِه



قال الله سبحانه وتعالى يخاطب أمّة سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم: {لَقَدْ جَاءَكُـْم رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ} التوبة: 150، هذه أوصاف ثابتة لنبيِّ الرّحمة المُهداة: رأفة ورحمة بِنَا وحريص على رُشدنا وهدايتنا، قال الإمام القشيري رحمه الله: جاءكُم رسول يشاكلكـم في البشرية، فلمّا أفردناه به من الخصوصية ألبسناه لباس الرّحمة عليكم، وأقمناه بشواهد العطف والشّفقة على حملكم، قد وكّل همّه بشأنكـم وأكبر همّه إيمانكم.
عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رضي الله عنه- قَال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال ''إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ مَاجَ النَّاسُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ فَيَأْتُونَ آدَمَ فَيَقُولُونَ اشْفَعْ لَنَا إِلَى رَبِّكَ، فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِإِبْرَاهِيمَ فَإِنَّهُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ، فَيَأْتُونَ إِبْرَاهِيمَ فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُوسَى فَإِنَّهُ كَلِيمُ اللَّهِ، فَيَأْتُونَ مُوسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِعِيسَى فَإِنَّهُ رُوحُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ، فَيَأْتُونَ عِيسَى فَيَقُولُ لَسْتُ لَهَا وَلَكِنْ عَلَيْكُمْ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَيَأْتُونِي فَأَقُولُ أَنَا لَهَا فَأَسْتَأْذِنُ عَلَى رَبِّي فَيُؤْذَنُ لِي وَيُلْهِمُنِي مَحَامِدَ أَحْمَدُهُ بِهَا لَا تَحْضُرُنِي الْآنَ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ وَأَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيَقُولُ يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ شَعِيرَةٍ مِنْ إِيمَانٍ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ، ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا فَيُقَالُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مِنْهَا مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ أَوْ خَرْدَلَةٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ، فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ ثُمَّ أَعُودُ فَأَحْمَدُهُ بِتِلْكَ الْمَحَامِدِ ثُمَّ أَخِرُّ لَهُ سَاجِدًا، فَيَقُولُ: يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ وَقُلْ يُسْمَعْ لَكَ وَسَلْ تُعْطَ وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُمَّتِي أُمَّتِي، فَيَقُولُ: انْطَلِقْ فَأَخْرِجْ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ أَدْنَى أَدْنَى أَدْنَى مِثْقَالِ حَبَّةِ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ فَأَخْرِجْهُ مِنَ النَّارِ فَأَنْطَلِقُ فَأَفْعَلُ''.
في هذا الكرب العظيم ينطلق النّاس ويقول بعضهم لبعض: ألا ترون ما نحن فيه؟ وما قد بلغناه؟ ألاَ تنظرون مَن يَشْفَع لكُم إلى ربِّكم ليقضي بينكم ولا نقف هذا الموقف العصيب الرهيب؟!
وهناك يقول كلّ نبي: نفسي نفسي.. بينما يقول المصطفى صلّى الله عليه وسلّم: ''أنا لها''، فلا يتقدّم للشّفاعة إلاّ سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رحمة بأمّته المُوحّدة.
فهذا هو حال سيّدنا رسـول الله صلّى الله عليه وسلّم في الاهتمام بأمَّتِـه والدعاء والشّفاعة لها، أخرج البزار عن عائشـة رضي الله عنها قالت: ''لمّا رأيتُ من النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم طيِّب نفس، قلت: يا رسول الله ادْعُ الله لي، قال: ''اللّهمّ اغْفِر لعائشـة ما تقدّم من ذنبها وما تأخّر، ومَا أسَرَّت وما أعلنَتْ، فضَحِكَت عائشة، حتّى سقط رأسها في حجرها من الضحك، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أَيَسُرّك دُعَائي؟ فقالت: ومالي لاَ يَسُرّني دعاؤك؟ فقال: والله إنّها لدعوتي لأمّتِي فِي كلّ صلاة''.
انتبهوا رحمكم الله.. أمّتنا هَجَرَت شريعة الله، وابتعَدَت عن تطبيق سُنَّة رسول الله عليه الصّلاة والسّلام، وتريد أن يشفَع لها سيّدنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم!
وها هو سفيان الثوري ينام على فراش الموت، فيدخُل عليه حماد بن سلمة فيقول له حماد: أبْشِر يا أبا عبد الله، إنّك مُقبِل على مَن كُنتَ ترجوه وهو أرحَم الرَّاحمين، فبَكَى سفيان وقال: أسألُك بالله يا حماد، أتَظُن أنّ مثلي ينجو من النّار، ونحنُ جميعًا نقول: مَن منّا لَن يدخل الجنّة؟ مَن منّا لَن يشفَع لهُ رسول الله؟ ها هو الحديث في البخاري يُبيِّن لنا فيه النّبيّ الحبيب أنّه سَيُحَال بينه وبين أقوام من هؤلاء الّذين حرّفوا وبدّلُوا وانْحَرَفوا عن سُنَّته صلّى الله عليه وسلّم؟
وحتّى تكون ممّن تشملهم شفاعة المُصطفى عليه الصّلاة والسّلام، عليك بالالتزام بسُنّته صلّى الله عليه وسلّم والاشتغال بذِكْر الله تعالى والصّلاة والسّلام على سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وسلّم. 


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)