شظايا سيرة مبعثرة ليوسف نسيب ابن خلدون والمستشرقون تحاملوا على بني هلال

 قام الكاتب والباحث يوسف نسيب بمحاولة نقدية للسيرة الهلالية، في كتاب صدر بالفرنسية تحت عنوان ''السيرة المبعثرة''، عن دار ألفا للنشر، في 500 صفحة. حاول الكتاب تسليط الضوء على نفسية الهلاليين وبصماتهم العميقة التي تركوها على شمال إفريقيا.قصة ''تغريبة بني هلال'' معروفة وتتمحور حول ترحيل أكبر قبيلة عربية، أو بالأحرى قبيلتي بني هلال وبني سليم، نحو الغرب. عددهم يتراوح بين 200 ألف و 500 ألف،  حسب اختلاف المصادر، جاؤوا بنسائهم وأطفالهم و إبلهم وغنمهم وخيمهم في أكبر عملية ترحيل عرفها العالم الإسلامي.  بدأت الرحلة في القرن الخامس للهجرة (الحادي عشر للميلاد) بأمر من الخليفة الفاطمي المستنصر بالله، بعدما أضحوا يشكلون خطرا على الخلافة العباسية التي بدأت تتآكل من جوفها. وكان الجوع والفقر ينهش بطون بني هلال في صحراء نجد. فأغاروا على الحجاج ثم تحالفوا مع القرامطة فصاروا يهددون الاستقرار في الخلافة.  رحل بنو هلال وعبروا النيل الأبيض واستوطنوا في صعيد مصر ثم واصلوا سيرهم نحو الغرب، دخلوا في حروب مع الزناتة وواصلوا سيرهم عبر الهضاب العليا حتى نطحهم المحيط فعادوا على أعقابهم ثم  توزعوا على سطح الأرض وتكاثروا.تغريبة بني هلال وبني سليم ترمز، في الذاكرة الجماعية، إلى الخراب والدمار لأن ابن خلدون وصفهم بـ''الجراد''. فاستلف منه المستشرقون الوصف ليتحاملوا عليهم.نقرأ في الصفحة 106 مثلا عن مارسي أنهم ''حطموا ولم يبنوا شيئا''، فيما يصفهم بال بـ''قطاع الطرق''. ويقول بروي: ''كانت (التغريبة) كارثية. لم تغير  الهجمات التي سبقتها نمط الزراعة والاقتصاد كما فعلوا. لقد صنع الهلاليون من البلد بيداء يقطنها رعاة الإبل''. و يكتب منتاني '' كانوا يقطعون الطرق، يعتدون على الماشية ويحطمون الزراعة يقطعون الأشجار ويعزلون المدن''. ويختمها سان كنتا: ''سراب من البدو الرحل هجموا على البلد، مثل أمواج البحر، محطمين كل شيء في طريقهم''. يحاول الكاتب جاهدا إعادة الاعتبار للهلاليين لكنه سقط بدوره في إشكالية المراجع، حيث اعتمد على المستشرقين. إذ لا يجد مثلا أصولا لجازية التي حازت على ثلث الشورى في قبيلتها. ويركز على ذياب وينسى أبو زيد وسرحان، وهما عنصران هامان في الملحمة. ولا يحدثنا عن الأسباب التي جعلتهم يقطعون المسافات مشيا على الأقدام من الخليج  إلى المحيط. نسخة للطباعة