مرة أخرى تمكنت مصالح الأمن في احتواء مسيرة ثالثة بساحة الشهداء، طغت عليها رائحة التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، بحضور رئيسها، سعيد سعدي الذي صعد فوق سيارة الشرطة ليخاطب أنصاره، حيث حاول أعوان الأمن منعه، بينما ندد العاصميون الحاضرون بهذا السلوك، وكانت المسيرة على غرار سابقاتها فاشلة بسيناريوهات مكررة، كاختراقها من طرف شباب مناصرين للرئيس بوتفليقة ما أخلط مرة أخرى أوراقه باستثناء تغيير المكان. عرفت الطبعة الثالثة لمسيرة التنسيقية من أجل التغيير والديمقراطية، التي قادها سعيد سعدي من ساحة الشهداء، مشاركة شعبية ضئيلة هي الأخرى، فوسط تعزيزات أمنية مشددة من قوات الشرطة بدأ وصول المتظاهرين إلى ساحة الشهداء في حدود الساعة التاسعة ونصف صباحا، وكان أغلبهم من أنصار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية وممثلين عن برلماني الحزب ومنتخبيه المحليين، رافعين شعارات منددة بالنظام والفساد، ليليها وصول سعيد سعدي، الذي أعطى إشارة انطلاق المسيرة غير المرخصة، وهي الإشارة التي منعتها مصالح الأمن التي فرقت الجموع إلى ثلات مجموعات، مجموعة بالسماكة، وأخرى على رصيف شارع بور سعيد، وثالثة بمحطة القطار. وفي هذه الأثناء تجاوز سعيد سعدي كل الأعراف والأخلاق السياسية والوقائية التي يجب مراعاتها في مثل هذه الأحداث، حيث انفلت من المراقبة الأمنية وصعد فوق سيارة شرطة رباعية الدفع “سيرانتو “ محاولا مخاطبة أنصاره، غير أن تدخل أعوان الأمن حال دون ذلك، بينما تدافع العاصميون نحوه، ووصفوه بـ “العميل “ تارة، والمعطل لمصالح الشباب تجار الأرصفة تارة أخرى. وكانت وفود المتظاهرين تتزايد مع مرور الوقت بإجمالي لا يتجاوز 100 متظاهر وسط تغطية إعلامية أجنبية مكثفة، خاصة الإعلام الفرنسي، وإن كان أغلب الحاضرين من الفضوليين، حسب ما رصدته “الفجر” بعين المكان. وكما حدث خلال المسيرتين السابقتين، فقد باغت وفد من الشباب أنصار التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية رافعين صور الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، ومنادين بحياته وإنجازاته منذ اعتلائه السلطة سنة 1999، وأدى هذا إلى حدوث بعض التجاوزات بين الطرفين أسفر عن تسجيل عدد من حالات الجرحى، قال عنها ضابط من الحماية المدنية، في تصريح لـ “الفجر “، أنها غير خطيرة، نقلوا إلى مستشفى ميداني جاهز داخل سيارة إسعاف لتلقى الإسعافات الأولية، كما أفاد محافظ شرطة لـ “الفجر “ بأن المسيرة لم تسجل أي توقيفات امتثالا لتعليمات المدير العام للأمن الوطن، كما لم تخف مظاهر الحياة الاجتماعية بمحيط مكان المسيرة، حيث زوالت المتاجر المختلفة نشاطها، وهو ذات الأمر بالنسبة لوسائل النقل وحركة المرور، والأكثر من ذلك، رصدت “الفجر “ والي العاصمة، محمد عدو لكبير، وهو يتجول راجلا باتجاه مقر بلدية القصبة. علي يحيى عبد النور يؤكد أن رفع حالة الطوارئ غير كاف ولابد من تغيير النظام قال علي يحيى عبد النور، الحقوقي والرئيس الشرفي للرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن إجراء رفع حالة الطوارئ غير كاف ما لم يتبعه تغيير النظام الحالي وممارسته. وأوضح علي يحيى عبد النور، وآثار التعب بادية عليه بساحة الشهداء، على هامش مشاركته في المسيرة، بأن إجراء رفع حالة الطوارئ الذي أقره الرئيس، عبد العزيز بوتفليقة، جاء متأخرا وهو غير كاف مالم يتبعه تغيير النظام الذي وصل إلى مرحلة الانسداد، وأضاف المتحدث أنه كان من الأجدر من السلطة أن ترفع حالة الطوارئ نهاية التسعينيات، وهو الأمر الذي أعاق تطور الحريات والممارسات الديمقراطية بالجزائر، كما أوضح عميد الحقوقيين أن رفع حالة الطوارئ لا تعني شيئا مادام أنه لم يفتح المجال السياسي واستمرار منع المسيرات بالعاصمة للتعبير عن رأي الآلاف من الجزائريين، حسب تعبيره.تواصل المقاطعة الشعبية وساحة الشهداء وسعت رقعة الرافضين“سقوط سعدي” و”كاحل بسباس” لم ينقذ المسيرة من الفشل لم يحقق تغيير مكان المسيرة، التي نظمها جناح الأحزاب في التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية، المشاركة الشعبية التي توقعها المنظمون، بل العكس ما حدث، فمسيرة أمس بساحة الشهداء كانت أكثر فشلا من مسيرتي 12 و 19 فيفري بساحة أول ماي، خاصة من جانب المشاركة التي كانت ضئيلة بسبب غياب النقابات والرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان، ومعها الجمعيات الشبابية التي انفصلت معها عن التنسيقية الأم. ففي مسيرة أمس بساحة الشهداء، برزت أولى الانعكاسات السلبية للانشقاق الذي طال تنسيقية التغيير، فظهر الفراغ الذي تركته النقابات والتنظيمات الموالية لها، كما تبين حجم الثقل الحقيقي الذي يمثله التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، وتأكد أن الحزب لا يملك أي وزن شعبي أو مصداقية لدى الشارع العاصمي، الذي لم يستجب لدعوات الالتحاق بالمسيرة، رغم كل الجهود التي بذلها الأرسيدي في هذا السياق، ومعه التنظيمات القليلة المنضمة إليه في جناح الأحزاب في التنسيقية، فبدورها لم تفلح في رفع نسبة المشاركين في المسيرة.ولم يكن “ تكتيك” تغيير مكان المسيرة من ساحة أول ماي، إلى ساحة الشهداء، ناجحا، لأنه أثبت أن الاستجابة الشعبية، غير مرتبطة بالمكان ولا حتى بالزمان، لكنها متعلقة، بطبيعة الأشخاص التي تؤطرها، فمسيرة أمس كانت سيناريو مكرر لمسيرتي ساحة أول ماي السابقتين، لكن هذه المرة، كان ينقصها الكثير من الحماسة، حتى لا نقول أنها الغائب الأكبر، فلم يردد المتظاهرون شعاراتهم بنفس القوة المعتادة، كما أنهم لم يرفعوا إلا لافتات تحسب على أصابع اليد، ولم يحاولوا مقاومة قوات الأمن التي منعتهم من التحرك، كما فعلوا في مسيرتي 12 و 19 فيفري، وظهروا أكثر استلاما وتقبلا للمحاصرة الأمنية المفروضة عليهم.أما إطارات الأرسيدي ففضلوا ترك الساحة لسعدي، الذي حاول لعب دور بطولي بصعوده سيارة الشرطة، رغم إسقاطه من قبل قوات الأمن أرضا مرتين على التوالي، فلم ينجحوا في خطتهم هذه لتحقيق بعض التجاوب الشعبي، ولم يتمكن الحزب من تسجيل نقطة تحسب له، بالعزف على وتر مشاعر الفضوليين الذين تراصوا على الأرصفة، فزادت هذه “اللقطة البطولية المفتعلة”، في اشتعال شرارة المناوئين لسعدي، وشجعتهم أكثر على اختراق المسيرة، والدخول في مشادات ومشاحنات مع أعضاء التنسيقية، بلغت حد الشتم والسب، فلولا تدخلات الشرطة لتحولت إلى معركة لا تحمد عقباها، بين دعاة المسيرة ومعارضيها. والملفت للانتباه، أن شساعة الشوارع المحاذية لساحة الشهداء ساهم كثيرا في تسلل المعارضين للمسيرة من كل الجهات، الأمر الذي ربما لم يأخذه في الحسبان أعضاء التنسيقية، في اجتماعهم التقني الأخير اخيارهم لساحة الشهداء بديلا عن ساحة أول ماي. كما أن النزول المتأخر لنائب الأرسيدي، الطاهر بسباس، إلى مكان تجمع المتظاهرين، وهو مكسور الكاحل، جراء إصابته في المسيرة السابقة، للعب دور الضحية والمناضل القوي في نفس الوقت، لم يساهم في رفع بورصة المشاركين أو حتى المتعاطفين، فحتى الصحافة الأجنبية والوطنية لم تعره أدنى اهتمام. رشيد. ح / كريمة. ب
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 27/02/2011
مضاف من طرف : sofiane
المصدر : www.al-fadjr.com