تُعقد، بداية من الساعة (10 سا) من صبيحة اليوم، بمركز سيدي موسى، أشغال الجمعية العامة الانتخابية للفاف، في إجراء يبدو في مظهره «شكليا»، وهذا في وجود مترشح وحيد لرئاسة الفاف هو وليد صادي، لكن الجوهر أعمق، لأن الأمر يتعلق برحلة بحث المنظومة الكروية الوطنية عن استعادة الاستقرار الإداري، لأن تزكية صادي اليوم ستضعه في خانة ثالث رئيس لاتحادية كرة القدم منذ بداية العهدة الأولمبية الجارية، وهذا «السيناريو» عاد بالكرة الجزائرية إلى أواخر الألفية الماضية، لما عاشت على وقع «هزات» عنيفة» تسببت في تداول الكثير من الأسماء على قيادة المشعل، فضلا عن الاحتكام في بعض الفترات إلى الحلول «الترقيعية»، بتشكيل لجنة مؤقتة.هذه الدورة تأتي بعد مخاض عسير، لأن اللجنة المكلفة بالإشراف على الانتخابات، برئاسة علي مالك، كانت قد اضطرت إلى اعتماد تأخير لمدة أسبوعين، بسبب العقبات «القانونية» التي اعترضت كل من أبدى رغبته في الترشح، ولو أن المهلة الإضافية التي تم إقرارها استثنائيا لمدة 5 أيام بعد الدراسة الأولية لملفات الترشح، لم يكن لها أي تأثير على موعد تنظيم الجمعية الانتخابية، لأن الأيام الستة الإضافية كانت قد خصصت بالأساس لتسوية الملفات الإدارية للمترشحين، مع تثبيت تاريخ إجراء الانتخابات في التاريخ المحدد، وعليه فإن تواجد صادي وحيدا في سباق خلافة جهيد زفيزف، كان من نتاج عملية «الغربلة» التي قامت بها لجنة تنظيم الانتخابات، بفرعيها، لأن لجنة الترشيحات كانت قد رفضت ملفي إيغيل مزيان وعبد الكريم مدوار، ليحظى هذا القرار بتزكية اللجنة الفرعية للطعون، لكن إيغيل إرتأى مواصلة الدفاع عن حظوظه في الترشح بالتوجه إلى المحكمة الرياضية، غير أن القرار كان بتأييد كل الخطوات التي قامت بها لجنة الترشيحات، مما عبّد الطريق أكثر أمام وليد صادي لاعتلاء كرسي زعامة قصر دالي إبراهيم، شريطة الحصول على التزكية من طرف أعضاء الجمعية العامة، حتى يصبح الشخصية رقم 31 التي تتولى رئاسة الفاف منذ تأسيس هذه الهيئة في أكتوبر 1963، مع كسب صفة الشرعية بالانتخاب للمرة 24 في تاريخ الكرة الجزائرية.
والملفت للانتباه أن صادي، سيتكفل بمهمة إتمام العهدة الأولمبية الجارية، والفترة الحالية تبقى استثنائية على اعتبار أنها شهدت استقالة رئيسين منذ بداية هذه العهدة، لأن شرف الدين عمارة رمى المنشفة في أواخر ماي 2022، بسبب «الانقسام» الذي حصل داخل المكتب الفيدرالي، ولو أنه كان قد لوح بالانسحاب مباشرة بعد فشل المنتخب الوطني في بلوغ مونديال قطر، لكن ترسيم الرحيل كان بعد شهرين، وعلى خلفية اشتداد الصراعات داخل الهيئة التنفيذية، لتكون عهدته على رأس الفاف في فترة دامت 380 يوما، متقدما في هذه الحصيلة ب 6 أيام فقط عن خليفته جهيد زفيزف، الذي وإن شهدت فترته نوعا من الهدوء الداخلي، رغم طفو إشكالية «المنع» في «الازدواجية»، إلا أن زفيزف قرر رمي المنشفة يوم 16 جويلية المنصرم، وهذا عقب فشله في الحصول على مقعد في المكتب التنفيذي للكاف، وخسارته للمعترك الانتخابي «القاري» دفع به إلى الانسحاب من رئاسة الفاف، ليكون قد قضى فترة دامت 374 يوما كمسؤول أول عن الاتحادية.
صادي شرح البرنامج وحدد الأولويات
انطلاقا من هذه الوضعية، فإن البحث عن الاستقرار يبقى من أولويات صادي في الفترة التي سيتولى فيها إنهاء العهدة، لأن تعاقب ثلاثة رؤساء على الفاف في عهدة أولمبية وحيدة، أمر لم يحدث منذ بداية الألفية الجارية، لتدخل بعدها الكرة الجزائرية منعرجا مغايرا منذ سنة 2021، وقد تزامن ذلك مع دخول نصوص تنظيمية جديدة حيز التطبيق، سيما المرسوم التنفيذي 60 – 21 المؤرخ في 08 فيفري 2021، الذي ينص في إحدى مواده على منع أي عضو من الجمع بين منصبين في هيئتين تنفيذيتين أو إداريتين، الأمر الذي وضع المكتب الفيدرالي أمام حتمية «التكيّف» مع شرط منع «الازدواجية»، مما أدى إلى تزايد عدد الاستقالات من الهيئة التنفيذية، خاصة من كتلة رؤساء الرابطات، الذين فضل الأغلبية منهم البقاء في مناصبهم الأصلية، وهو جانب من شأنه أن يكون نقطة انطلاق صادي في رحلة البحث عن الاستقرار «الإداري»، والاطمئنان على استعادة الهدوء في بيت الفاف، قبل الشروع في فتح الكثير من الورشات، لأن إعادة الهيكلة تبقى ضرورية وحتمية في الشق الإداري للاتحادية، ثم المرور إلى الشق المقترن بتفعيل عقود الرعاية، سعيا لإيجاد سبل تسمح بتحسين الوضعية المالية للفاف، خاصة بعد التخلص من العجز المالي في فترة زفيزف، والانتقال من عجز بقيمة 130 مليار سنتيم في نهاية عهدة عمارة إلى فائض بنحو 84 مليار سنتيم في ختام سنة 2022، ومع ذلك فإن وضعية الاتحادية مازالت بحاجة إلى تدعيم، وصادي يراهن على البحث عن مصادر تمويل من صفقات «السبونسور» وعقود الرعاية للمنتخبات الوطنية، بعيدا عن إعانات السلطات العمومية، في حين تبقى ورشات المديرية الفنية الوطنية، النصوص القانونية، تنظيم المنافسة في مختلف المستويات وكذا التحكيم من بين الأولويات التي يسعى صادي لوضع بصمته بصورة جلية فيها، وذلك بمراعاة النقائص الكبيرة التي تم تسجيلها في عهدتي سابقيه عمارة وزفيزف..
تواجد وليد صادي وحيدا في سباق رئاسة الاتحادية، كان كافيا لامتصاص الضغط الذي اعتاد المتتبعون عليه في مثل هذه المواعيد، لكن ذلك لم يمنع المترشح الوحيد من القيام بحملة انتخابية قصيرة المدة، التقى فيها برؤساء الرابطات والأندية في ملتقيات مغلقة، كانت على مستوى الأقاليم الجهوية لكل من ورقلة، سعيدة، وهران، الجزائر الوسطى وقسنطينة، والفرصة كانت مواتية له للوقوف على انشغالات رؤساء 48 رابطة و16 ناديا من حظيرة الاحتراف، ولو أنه أكد بأن الوضع الراهن يكفي للوقوف على المرض الذي أصبح ينخر الكرة الجزائرية في السنوات الأخيرة، مع إلحاحه على ضرورة لم الشمل، وفتح الطريق أمام الكفاءات القادرة على تقديم الإضافة.
تزكية الغالبية ضرورة و65 عضوا لإكمال النصاب
موعد اليوم سيكون مغايرا لسابقه، في وجود صادي في طريق مفتوح نحو رئاسة الفاف، لكن ذلك يمر عبر حصوله على تزكية الأغلبية المطلقة من أعضاء الجمعية العامة، لأن التركيبة الاجمالية للجمعية العامة تتشكل من 97 عضوا، وشرط توفر النصاب طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 24 من القانون الأساسي يبقى ضروريا لانطلاق الأشغال، وبالتالي فمن الضروري حضور 65 عضوا للتأكد من تنظيم العملية الانتخابية، ولو أن مصادر النصر كشفت بأن بعض الأطراف تعمل على تنفيذ مخطط، يرمي إلى منح التزكية المباشرة لصادي وطاقمه، وذلك برفع الأيدي، دون الاحتكام إلى الصندوق، وهذا بحكم أنه مترشح وحيد، لكن النصوص القانونية، خاصة المادة 26 من القانون الأساسي للاتحادية تستوجب الاحتكام إلى الاقتراع السري، كإجراء ضروري في انتخابات رئيس الفاف وكذا أعضاء المكتب الفيدرالي.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 20/09/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : صالح فرطاس
المصدر : www.annasronline.com