الجزائر

سيدي لخضر بخلوف... أحد الحراس السبعة لمدينة مستغانم.



سيدي لخضر بخلوف... أحد الحراس السبعة لمدينة مستغانم.
ولد لخضر بن خلوف، واسمه الحقيقي أبومحمد لكحل بن عبد الله بن خلوف المغراوي من اشهر وكبر الاولياء الصالحين في الجزائر، في حدود سنة 899 هجرية (1479 ميلادية) وتوفي في سنة 1024 هجرية الموافق ل(1585 ميلادية)، وبالتالي فقد عاش كل القرن التاسع الهجري مثلما أكده هوفي احدي قصائده، ما يعني أنه كان شاهدا علي واقعة مزغران.


ينحدر هذا الولي الصالح من قبيلة الزعافرية، عاش 125 سنة وستة أشهر، قضي الجزء الاكبر منها في بلدة مزغران، ويعتبر أحد حراس مدينة مستغانم السبعة، وهومحبوب في كل منطقة المغرب العربي بفضل اشعاره التي تخطت شهرتها حدود مسقط رأسه بل وكل الجزائر.


تزوج بن خلوف امرأة تدعي 'غنو' وهي ابنة الولي الصالح سيدي عفيف شقيق سيدي يعقوب الشريف المدفون بغرب مدينة سيدي علي. وقد رزق منها ببنت اسمها حفصة، وأربعة ذكور هم (احمد، محمد، أبا القاسم، الحبيب) وهي كلها اسماء النبي عليه الصلاة والسلام، أما ابنته فاسمها حفصة.


وسمي لخضر بدلا من اسمه الاكحل، وذلك راجع إلي سنة حميدة للنبي صلي الله عليه وسلم، تقضي باتباع الفال الحسن، فالأكحل معناه الاسود ويرمز إلي الجحيم، عكس لخضر الذي هو لون الإسلام والسلام.


لم يكن بن خلوف متصوفا وحسب، لقد جاهد في صفوف جيش حسن باشا ابن خير الدّين بابا عروج في معركة مزغران الشهيرة التي وقعت في الثاني من ذوالقعدة الموافق ل22 أغسطس 1558 ميلادية.


ففي هذه المعركة قضي الكونت الاسباني ألكودات وشهدت هزيمة الجيش الملكي. وقد وصف بن خلوف في إحدي قصائده الشهيرة معركة مزغران وصفا دقيقا، وشبهها بغزوة بدر الكبري.


وووفقا للروايات التاريخية فقد انطلقت الحملة الإسبانية من وهران (عاصمة الغرب الجزائري) بقيادة الكونت دالكوديت الذي جر وراءه جيشا مدججا بالأسلحة والمدفعية قوامه 12 ألف جندي، بالإضافة إلي سفن حربية راسية بخليج ارزيوتراقب الوضع عن قرب لتأمين الشريط الساحلي ولتزويد العساكر بالذخيرة والمؤن، قبل أن تعترضها السفن الجزائرية، وبعد مقاومة قصيرة استسلمت سفن الغزاة فكانت الهزيمة والغنيمة مما حفز وشجع المجاهدين الجزائريين، ونزل ذلك كالصاعقة علي الإسبان فانهارت معنوياتهم قبل الدخول في المعركة.


وحسب ما رواه مؤرخون لالراية فقد كانت معركة مزغران سباقا ضد الساعة، فالقوات الإسبانية حاولت التحرك والتقدم بسرعة لاحتلال مستغانم، والتمركز بها، قبل وصول المجاهدين الجزائريين، ووصلت فعلا إلي أبواب المدينة يوم 22 أوت 1558 فاصطدمت بمقاومة شعبية نظمها الأهالي بمشاركة المتطوعين الذين قدموا من المناطق المجاورة، وأسفرت عن وقوع خسائر فادحة في صفوف الطرفين.


ويضيف هؤلاء أنّ كفة المعركة تؤول لصالح الإسبان، غير أنّ وصول المجاهدين الجزائريين ساحة المعركة ودخولهم في مواجهة حامية انتهت بإحكامهم السيطرة علي مشارف المدينة ومداخلها، فتمكنوا من إلحاق خسائر فادحة بصفوف العدوالذي تراجع وتقهقر إلي الوراء واستحال عليه اقتحام أسوار مستغانم.


وفي صبيحة يوم 24 أغسطس تشتت صفوف الجيش الاسباني وضاق عليها الخناق ودارت رحي المعركة التي شارك فيها البحارة المجاهدون بعد أن تركوا سفنهم فما كان من الإسبان سوي الفرار باحثين عن مخرج، غير أن المجاهدين طاردوهم إلي مزغران فقتل الكونت دالكوديت الذي داسته الأقدام ولم يتم التعرف عليه إلا بعد انتهاء المعركة في 26 أغسطس 1558، كما أسر ابنه دون مارتن بعد أن بلغ عدد القتلي والأسري 12 ألف.

كتب بن خلوف المئات من الابيات والقصائد، حكي في بعض منها مغامراته وحياته، لكنه خصص الجزء الاكبر منها لمدح سيد الانام عليه الصلاة والسلام، وعرف بمادح النبي صلي الله عليه وسلم. لقد جعل بن خلوف الشعر الشعبي أوما يعرف بالشعر الملحون في متناول الجميع، كما عرّف بكبار شيوخ هذا الفن من أمثال المغراوي، المجدوب، النجار، سيدي معمر وغيرهم كثير. فهوأحد الحراس السبعة لمدينة مستغانم.


واللافت أنّ شعر الولي الصالح لخضر بن خلوف بسهولته وحسن سبكه ورقّة الألفاظ وخفّة الأوزان ممّا اكسبه شهرة كبيرةً وانتشارّا واسعا. وفي هذا الصدد، يشير كتاب ' سيدي لخضر بن خلوف حياته وقصائده' الصادر حديثا عن دار الغرب للنشر، أنّ إنتاج سيدي لخضر بن خلوف الشعري تأثر بنزعته الصوفية، فانقطع إلي مدح النبيّ صلّي الله عليه وسلم ولم يخرج عن ذلك إلاّ في قصيدة قصّة مزغران التي طرق فيها فن الحماسة تلك المعركة الشهيرة التي انتصرت فيها القوات الجزائرية ضد القوات الاسبانية وذلك يوم 28 أوت 1558م .

وتذكر بعض الروايات أنّ الوالي الصالح سيدي بومدين الشعيب كان له عظيم الاثر في نزعة لخضر بن خلوف الصوفية، وتوجيه ملكته الشعرية نحومدح النبي عليه الصلاة والسلام، والذي يؤكد أنه رأه في المنام 99 مرة.


غير أنّ رواية أخري تقول إنّ ابن خلوف وبومدين شعيب لم يلتقيا جسديا بل التقيا في عالم الاوراح، باعتبار أنه عاش في القرن السادس عشر والثاني عاش في القرن الثامن الميلادي.


وكان بن خلوف، وفقا للروايات التاريخية، كثيرا ما يقف علي شاطئ البحر المتوسط متأملا في امواجه وزرقة مياهه، معترفا أن هذا البحر هو بحرهم أي الروم، ملقيا ببصره غربا تجاه المحيط الأطلسي الذي كان يسمي بحر الظلمات، متأملا في ملكوت الله، زاهدا في هذه الدنيا


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)