موجةٌ من الأزمات، عصفت هذه السنة بالقطاع الثقافي في الجزائر، يتصدرها الشقُ المالي، الذي انعكس تراجعه على مُستوى مردودية جميع المؤسسات الثقافية التابعة له، فرغم أن القائمين على مختلف التظاهرات والنشاطات يُؤكدون بأن تلك الأخيرة بالنهاية تسعى إلى إبراز المورُوث الثقافي والفني الذي تزخر به الجزائر، إلا أن تجاوز عددها ال170 في السنة وفق وزير الثقافة عز الدين ميهوبي جعلها لا تسلمُ من الانتقادات التي لاحقتها على مدار السنة والتي صنفتها ضمن خانة الفساد وتبذير المال العام، خُصوصا بعد كشف بعض الأوساط عن الميزانية الضخمة التي رصدت لأغلبها.وكان وزير الثقافة قد أكد فيما سبق أن وزارتهُ لا تتجهُ إلى تبني سياسة التقشف بسبب تراجُع مداخيل البلاد، إلا أنهُ "لم ينف" أن تلك الأخيرة تتجه نحو ترشيد النفقات مع مُراقبة ميزانيتها مع التحكم في تسيير المهرجانات، فقد حدد ميهوبي، عدد المهرجانات الثقافية ب 77 مهرجانا، بعد عملية مُراجعة ميزانية كل مهرجان ومدته الزمنية، وقال وقتها في مؤتمر صحافي، إن قطاعهُ قد قرر الحفاظ على كل المهرجانات الدولية، و31 مهرجاناً وطنياً، و18 مهرجانا محلياً، أي ما مجمُوعهُ 77 تظاهرة ثقافية، وهذا بعد عملية إعادة تنظيم شملت قائمة ب 186 مهرجاناً.كما أشار الوزير إلى أنهُ قد تم إعطاء الأولوية للحفاظ على المهرجانات الدولية باعتبارها واجهة للثقافة الجزائرية، حيث تم الإبقاء عليها كُلها مع مراجعة مدتها وعدد المشاركين فيها، وأوضح أن هذه المهرجانات ستمول بما يقاربُ 40 بالمائة من مُخلفات ميزانية عام 2016، كما تم الحفاظ على بعض المهرجانات على غرار المهرجان الدولي لفنون الأهغار والمهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية، غير أنهُ تم تعليقهما مؤقتاً لإعادة النظر في بعض التفاصيل المتعلقة بالتنظيم والإدارة، فيما تم دمج بعض المهرجانات التي ستشاركُ في نفس الموضوع على غرار مهرجان الخط العربي ومهرجان المُنمنمات والزخرفة، في حين ستنظمُ بعض التظاهرات الأخرى، على غرار المهرجان الدولي للأدب وكتاب الشباب (فيليف) والمهرجان الوطني لموسيقى الديوان ببشار مرة كل عامين.في هذه السنة أيضا، لاقت بعض المهرجانات والتكريمات انطباعات غير جيّدة لدى الكثير، فميزانيةُ ال 12 مليار سنتيم الممنُوحة في عز التقشف على مهرجان وهران للفيلم العربي اعتبرها إبراهيم صديقي الذي كان محافظا له بأنها قليلة جداً، مما جعل الأصوات المُعادية لهذا الإنفاق ترتفعُ، وأكد إبراهيم وقتها بأن الطبعة التاسعة للمهرجان قد تأثرت نوعاً ما بسياسة التقشف وترشيد النفقات التي اتخذتها وزارة الثقافة في إطار السياسة الحُكومية العامة، التي مست المهرجان من خلال تقليص عدد المدعويين أعضاء لجان التحكيم، وربط المتحدث نقل الافتتاح الرسمي للمهرجان من مركب أحمد بن محمد بفندق المرديان الفخم إلى المسرح الجهوي عزالدين علولة، بسياسة التقشف، مُعتبرا أن ميزانية 12 مليار سنتيم جد ضعيفة، في ظل الغياب شبه الكلي للمساهمين الخواص، مُؤكدا أن لا أحد من النجوم أو المشاركين في المهرجان سواء في طبعته الحالية أو الماضية قد طالب بالدفع ماديا لحضوره للمهرجان كما يعتقدُ البعض أو يُروّجُون لهُ، وعلى غرار هذا الأخير، فقد لاقت العديد من التظاهرات مجمُوعة من ردود الأفعال، فعلى شبكات التواصل الاجتماعي، تداول الناس والمتابعين صُورا كثيرة للمُدن المضيافة لتلك التظاهرات وهي غارقة في الوحل والقُمامة، ويقُولون في تعليقاتهم إن الميزانية الضخمة التي رصدت للتظاهرة كانت كافية لإنقاذهم من ذلك الوضع، لكنها أنفقت على مهرجانات لم يتجاوز صداها القاعات التي احتوتها. بالمقابل، كان ينظر بعض السياسيين إلى هذه المهرجانات بعين الريبة والشك، فهُم يعتبرون أن إقامة مهرجانات غير جادة يغلبُ عليها طابع "الكرنفالية" أو "التهريج" أمر مقصُود من السُلطة التي تحاول من وراء ذلك إلهاء الشعب عن مشاكله الحقيقية.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 31/12/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : ق ث
المصدر : www.elbilad.net