سأل وزير السكن، نور الدين موسى، قبل أيام، خلال تحضيره لزيارة إلى ولاية في غرب البلاد، أحد المرقين العقاريين كم هو عدد السكنات الجاهزة للتوزيع في المشروع الذي ينجزه والذي يضم 400 سكن. فرد المقاول: ''خمسة فقط''. فطلب منه الوزير أن يوجه دعوة لهؤلاء الخمسة ليوزع عليهم المفاتيح خلال زيارته للولاية. وبالطبع ستكون التلفزة حاضرة خلال الزيارة المرتقبة، ولن تنقل للمشاهدين متى يستلم المستفيدون المتبقون مفاتيح سكناتهم، ولا يهمها الأمر.
لكن الوزير لا يعرف أنه عندما يغادر تلك الولاية، يكون قد ترك وراءه ''قنبلة موقوتة''، تنفجر بخروج الـ395 مستفيد الذين لم يستلموا مفاتيحهم إلى الشارع، ليطالبوا بحقهم. ويمارسوا ضغطا على المقاول، الوالي، رئيس الدائرة، رئيس البلدية، الدرك، الشرطة، وكذا عامة المواطنين الذين سيجدون الطرق مغلقة في وجوههم بالحجارة والعجلات المحترقة، وغيرها من المظاهر التي ترافق حياة الجزائريين، منذ أن صارت مهنة المسؤولين ''رضا فخامته''. في حين أن هذا الوزير وزملاءه في غنى عن ''إطلاق الوعود''، لكي لا أستعمل كلمة أخرى، لأنها جارحة. إلا أنها أقل ضررا من ''الكوارث'' التي تسببها مثلا تأكيدات الدكتور جمال ولد عباس بأن أدوية مرضى السرطان والتخدير، على سبيل الذكر وليس الحصر، متوفرة في المستشفيات. والواقع أن الجزائريات والجزائريين يموتون هذه الأيام لأن الأطباء لا يستطيعون نجدتهم لعدم توفر ما أكد على وفرته الدكتور، الذي يستطيع أن ينام على وسادتين لأنه متأكد أن ''فخامته'' لن ينزل إلى مصطفى باشا أو زميرلي أو مستشفى غليزان وتبسة، ليراقب صدق تأكيدات وزيره.
ولن يعاتبه مسؤوله المباشر أحمد أويحيى، الذي أبدع، منذ الخامس جانفي الماضي، نموذجا جديدا في تسيير الشأن العام، هدفه ''شراء السلم'' على حساب القانون. فقد ازدادت الأمور تعقيدا في الجزائر منذ ذلك اليوم الذي ''زلزل العرش'' بما حمله من هواجس عدوى شارع بورفيبة وميدان التحرير، بسماح الحكومة لكل الناس بأن يخترقوا القانون، باستثناء الذين يريدون أن يمشوا في العاصمة يوم السبت. فقد توسعت الأسواق الفوضوية بشكل صار يهدد الأمن العام في المدن. تجرد أعوان الأمن والدرك من مهمتهم الأساسية المتمثلة في ردع المخالفين للقانون. ولم يعودوا يوقفون المتكلمين في الهاتف النقال أثناء السياقة، ولا يغرمون الذي لا يضع حزام الأمن. وفي بعض الحالات لا يتدخلون في حوادث الاعتداءات على الأشخاص في الأماكن العمومية، خوفا من (...).
لكن الجزائريين لم يطالبوا بتطبيق ''قانون الغاب'' هذا، الذي يسوق فيه المسؤولون الأوهام ويجني منه المواطنون الخراب والتراجع إلى الوراء.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 22/03/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : لحسن بوربيع
المصدر : www.elkhabar.com