الجزائر

سمير قسيمي هلابيل الإعلام



يعتمد الروائي سمير قسيمي اعتمادا شبه مطلق على تشريح الواقع بكل تجلياته، ومعروف عنه إعطائه أهمية بالغة لشخوصه الروائية مادامت تحمل صورة ذلك الواقع وتحكيه، ولئن اهتم قاسمي بالشخصيات فإنه أخصَّ المُهمَّشة منها باهتمام أكبر لتصبح فاعلة فتغير مجرى الأحداث وتصبح شخصيات إيجابية كما عرفت في الدراسات النقدية كونها طرفا فاعلا في اللعبة الروائية ،كاتبنا وإن حاول عبر رواياته كلها الانتصار للهامش، فلأنه يعي جيدا مدى تعفن ذلك الواقع المتخيل أو ربما هو موجود فعلا المليء بالتناقضات لدرجة يغدوا التَّافه مهما بالمقابل يُتفَّه المهم كذلك كان قسيمي و لايزال ينبذ كل ما هو سيء في الوضع الثقافي العام لدرجة تجعلك قبل الحديث إليه تتفقد وجود منديلك من عدمه لمعرفتك بأن حديثه سوف يبكيك فعلا ،لا يكف عن التنديد بالشرَّ والمحسوبية التي تجدرت في واقعنا الثقافي العام والإعلامي بشكل خاص ،سمير قسيمي الروائي الشاب الذي لم يتعد سنه الثامنة والثلاثين ألّف روايات عدة أكبر نضجا فأضحت مرآة له و لكل مثقف جزائري ناجح عانى الإقصاء، لدرجة أنه يتحدث عن نفسه أولا، وعن كل المثقفين ثانيا، وعن الواقع الذي يعيشون فيه، في صور لشخصيات متعددة تعدد عناوين رواياته، وفعلا هو هكذا الأدب "مرآة للواقع" كما يقول الناقد الغربي تودوروف في كتابه الذي صدر سنة 2007 بعنوان: " الأدب في خطر"،والذي بين خلاله قيمة الأدب الحقيقية الكامنة في تشريح الواقع بكل تصدعاته وأزماته، ويظل كاتبُنا ينبش في واقعه وواقعنا كلنا فيكشف لنا في آخر المطاف أن الشخوص البطلة في واقع النفاق والجهل وسلب للأفكار هي الضحية دائما، لذلك عندما نقرأ أعماله نحس وكأنه تقمص دور المحامي فيدافع عن شخوصه المهمشة كما فعل مع " هلابيل "، هذه الشخصية المتوارية التي لم نكن نعرف عنها شيئا ليعيدها قاسمي ببراعته الفنية إلى الواجهة، وشأنه في ذلك شأن العمالقة من الكتاب، فقد فعلها أيضا روائينا وسيني الأعرج مع شخصية دنيازاد التي أسند لها مهمة حكي " الليلة السابعة بعد الألف " بعدما سيطرت شهرزاد على فن الحكاية لقرون. قاسمي لئن لام الإعلام كثيرا فإنه أشبه ما يكون "تصريح بضياع" للقيم والأخلاق، ودرجة المحسوبية التي أصبح عليها فيصير كل مثقف لا يفكر سوى ب"يوم رائع للموت "في ظل ذلك الواقع العفن ، كاتبنا يعرف جيدا أن السبب يكمن طبعا "في عشق امرأة عاقر "، هذا العشق الممنوع الذي ابتلي به ومن معه من مثقفين أفنوا إلهامهم من أجل سواد عين تلك المرأة، دعني أقول لك يا ضيفنا أن الإعلام الذي تتحدث عنه في كل منبر تنزل ضيفا عليه ما هو إلا ربيب تلك المرأة العاقر التي ضمَّنتها روايتك فلا تحتار من استفهامات أجبت عنها روائيا.




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)