الجزائر

زغلول النجار: الإعجاز القرآني يخدم الإسلام



الحكمة من تحريم الخمر في الدنيا وتحليله في الآخرة يقول الله تعالى: {مَثَلُ الجَنَّةِ الَتِي وُعِدَ الـمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاءٍ غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِّن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ كَمَنْ هُوَ خَالِدٌ فِي النَّارِ وَسُقُوا مَاءً حَمِيمًا فَقَطَّعَ أَمْعَاءَهُمْ} محمد 15 • وقد يتبادر إلى الأذهان تساؤل كيف تحرم الخمر على الـمؤمنين في الدنيا وتباح لـهم في الجنة؟! ويأتي السؤال بأن الله تعالى جعل الدنيا دارًا للتكليف والعمل بـما يشتمل عليه التكليف من عبادة وعمارة للأرض وتزكية للنفس، وجعل الآخرة دارًا للحساب والثواب وبـمقتضى التكليف الذي جعلت الدنيا من أجله، فإن الله تعالى حَرَّم أشياء على الـمؤمنين ابتلاءً واختبارًا، وإصلاحًا لـمعاشهم، ومن ذلك تحريم الخمر على الـمؤمنين حفاظًا على عقولـهم أن تغيب عن الدنيا لتنظر في احتياجات معاشهم• وحفظ العقل أحد المقاصد التي دعانا إليها الشرع لإتـمام تحرير الـمؤمن من عبوديته لغير الغاية التي خلق من أجلها وهي عبادة خالقه سبحانه، إذ الوقوع تحت تأثير الخمر عبودية لغير الله لا يرضاها الله تعالى لعباده، وحفظ الدين أيضًا مقصد دعا إليه الشرع• فتناول الخمر مـما يَضرُّ بالعمران البشري وبالتزكية النفسية، وذلك خلاف مقصود الله من استخلاف الإنسان في الأرض، قال تعالى:{إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ العَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ}المائدة 91 •  ولكن إذا كان تحريـم الخمر في الدنيا قد تضمن هذه الحكم العالية التي تساعد على العمران البشري وعلى تزكية النفوس وتطهيرها، فذلك أمر متعلق بالدنيا التي هي محل الاستخلاف، وذلك بخلاف الآخرة؛ تلك الدار التي جعلها الله تعالى دار جزاء ثوابًا ونعيمًا للمؤمنين الذين قاموا بـمقتضيات التكليف، وعقابًا للكافرين الذين نقضوا عُرى الإيـمان، فالآخرة لا تكليف فيها؛ إذ هي دار نعيم للمؤمنين• ومن لطائف ما يُتنعمُ به أهل النعيم أن يعطوا شيئًا من جنس ما حُرِّم في الدنيا ليكون كَعِوض عمَّا حُرِموه في الدنيا، فيتنعمون بخمر دونـها خمر الدنيا• وإنـها لخمر بـها من النعيم الحسي والروحاني ما بـها، وفي قوله عز وجل: {لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ} إشارة لذلك، فإن طعمها طيب كلونـها، وطِيبُ الطَّعمِ دليلٌ على طِيبِ الريح، بخلاف خمر الدنيا في جميع ذلك•


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)