الجزائر

‘'رياض الفتح" يتوق لمن ينفض الغبار عنه



يعتبر "رياض الفتح" المتربع على مرتفعات مدينة الجزائر، وبالضبط بالمدنية، المطل على الحامة وحديقة التجارب وحي بلوزداد، من أهم المعالم التاريخية والثقافية، ويعدّ أكبر معلم إفريقيا، يرمز إلى النهضة الجزائرية، ويعود تاريخ تدشينه إلى فترة حكم الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد عام 1986، وكان في ذلك الوقت يستقطب عدد كبير من الزوار لاحتوائه على العديد من المرافق الخدماتية، محلات تجارية، مطاعم، قاعات السينما، متحف المجاهد ومساحات خضراء، إلا أن الملاحظ في أيامنا أن المكان لم يعد يستقطب الزوار كما كان في سابق عهده، وهو ما أكده الزوار وأصحاب المحلات ممن تحدثت إليهم"المساء" .شكل نصب "مقام الشهيد" الهندسي يستقطب عشاق الصور من الزوار المحليين والأجانب الذين يكتشفون جمال المكان ورمزيته للحصول على تذكار، خاصة أن أعمدته الثلاثة تتحد في منتصف الارتفاع، وعند بداية كل عمود نجد تمثالا لمجاهد، حيث أشارت عائلة قدمت من بجاية، إلى أنها فضلت التواجد بالمكان للاستمتاع بمنظر العاصمة من علو ومشاهدة الأزرق العميق عن بعد، بالإضافة إلى زيارته من وقت لآخر خلال عطلة الربيع، لمشاركة الأبناء فرحة اللعب والترفيه في الألعاب الهوائية المطروحة في الساحة الكبيرة. وأكدت سيدة قدمت رفقة أفراد عائلتها من بومرداس، أنّها تحب المكان وكلما سمحت الفرصة زارته. كما تحرص على أخذ صور للذكرى، مشيرة في السياق، إلى أنها وجدت المكان شبه فارغ، إلا من أهله من المنطقة أو بعض الزوار الذين يعدون على الأصابع.
محلات مغلقة وأخرى تنتظر من يدخلها
لاحظت "المساء" فور دخولها المركز التجاري لرياض الفتح، أنه يشمل ثلاثة طوابق توجد بها العديد من المحلات ومكاتب لشركات خدماتية ووكالات سفر، ومحلات مختصة في بيع الملابس النسائية والرجالية، وأربعة مطاعم كحد أقصى، والباقي أروقة ومحلات مغلقة، يقابلها إقبال الزوار المحتشم، معظمهم شباب ومراهقون، وهو ما أكّدته عائلة كانت متواجدة هناك قدمت من ولاية سطيف خصيصا لزيارة المقام، حيث أشار السيد "عمار. ن«، إلى أنّه لم يزر المكان منذ أكثر من عشرين سنة، معبرا عن "صدمته" من الوضع الذي آل إليه هذا الفضاء، وقال "آخر مرة قدمنا إلى هنا كانت سنة 1998، وكان المكان أكثر حيوية وممتلئا بالزوار، لا تجد مكانا لركن السيارة أو حتى للسير على الأقدام من شدة الازدحام، غير أننا لاحظنا اليوم اختلافا شاسعا، فالمكان شبه فارغ يقل فيه الزوار. كما أن معظم المحلات مغلقة".
أضافت سيدة أخرى كانت بعين المكان "للأسف الشديد، أصبح يوما بعد يوم، مكانا فارغا تغزوه الآفات الاجتماعية فقط"، في حين أشارت السيدة فضيلة من مدينة عين الحمام بتيزي وزو، إلى أنّها كانت تقصده مع عائلتها في الماضي للتنزه وعمرها لا يتجاوز ال5 سنوات.
أما السيد عبد الوهاب، فأشار إلى أن مقام الشهيد كان قبل العشرية السوداء مقصدا للأجانب، حيث كانت تقام فيه الحفلات الغنائية في الهواء الطلق، لتشكل فرجة للعامة شارك فيها العديد من الفنانين، منهم الشاب مامي، خالد وحسني (رحمه الله)، إلى جانب مهرجانات ومعارض متنوعة.
خلال الجولة التي قادتنا إلى مختلف المحلات التجارية، لاحظنا الهدوء التام الذي يعم المطاعم التي بقيت طاولاتها فارغة تنتظر من يجلس إليها، بسبب غياب الزبائن، علاوة على غلاء أسعارها، إذ أكد أحد العاملين فيها أنّ هذه الحالة تتكرر يوميا وليست جديدة عليهم، فقد اعتادوا عليها، مشيرا في السياق إلى أنه خلال نهاية الأسبوع فقط والأعياد الوطنية، تكون الحركة متوسطة نوعا ما، قائلا "لقد اعتدنا استقبال 10 أشخاص في الشهر".
محل الآلات الموسيقية مازال يحتفظ بزبائنه
في سياق آخر، أكد الموسيقي العالمي والفنان محمد روان، أنه يملك محلا لبيع الآلات الموسيقية منذ تدشين "رياض الفتح"، الذي كان يعرف في السابق حركة غليان خلال سائر الأيام مع إقبال معتبر للزوار، إلا أن الحال تغيّر ولم يصبح مكانا للتنزه كما كان سابقا، لكنه لم يفقد زبائنه الأوفياء قائلا "صحيح قلّ إقبال الناس، لكن زبائني الأوفياء الذين كنت أتعامل معهم في الماضي، مازالوا إلى حد اليوم يأتون ويطلبون مني أن أحضر لهم مختلف الآلات الموسيقية، كالكمان، القيثارة والمزمار".


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)