الجزائر

رواية «زينزيبار» وأزمة بناء دولة حديثة ديمقراطية في الجزائر



تعدّ رواية « زينزيبار، عاصفة البيادق» نقلة نوعية في إبداع الكاتب عبد القادر ضيف الله، بعد محاولاته القصصية في « كوابيس الليلة البيضاء» وروايته الجميلة» تنزروفت بحثا عن الظل».عبد القادر ضيف الله هذا الشاب الأسمر الآتي من مدينة العين صفراء، المدينة الواقعة بين جبال شاهدة على تاريخ وحكايات أهل المنطقة وبين رمال ذهبية استهوت قلوب الزائرين،حتى اختارها بعض الأجانب من الآباء البيض موطنا لهم. ويبقى السر في هذه المدينة مع حياة ومغامرات الصحافية « إيزابيل إيبرهارت « التي عشقت هذا المكان، إلى أن اختار لها القدر موقعا منه تعانق فيه تربة المدينة وتنهي هناك حكايتها.
ينتقل الكاتب من عوالم الحنين والرومانسية الصحراوية التي يجسدها في «تنزروفت» إلى أجواء مغايرة تماما في «زينزيبار»، فهي رواية بوليسية بامتياز، لم يتعود القارئ الجزائري على هذا النوع من السرد لندرته.، الرواية مكتنزة بالشخصيات والأحداث حتى وصل عدد صفحاتها إلى حوالي 500 صفحة، ورغم ضخامتها النسبية فهي مثيرة نظرا لقوة الحبك وجاذبية المشاهد.
من الصفحات الأولى تشدّك الرواية إلى النهاية بفعل سرعة الحوار والأسلوب السلس ووقع المشاهد الحركية المفاجئة. ورغم أن المؤلف يشير في البداية إلى أن الشخصيات خيالية، لكن القارئ يتلمس محاكاة لمشاهد وشخصيات لها علاقة بوقائع في المشهد الجزائري لما بعد الاستقلال وفي عشرية الفتنة والدم، وباعتبار الرواية حقيبة لتمرير الأفكار على حد تعبير الروائية العالمية «أحلام مستغانمي»، فإن « زينزيبار» تقدم مقاربة للوضع السياسي والاقتصادي للبلاد في طابع تخييلي بزعم وجود جهاز سري أمني وسياسي يقبع خلف جدران مؤسسات الدولة وهو بمثابة العين الساهرة على استقرار وأمان الدولة والمجتمع.
هذا التوجه في الرواية يتناص إلى حد بعيد مع وقائع قصة وادي الذئاب التركية التي تعتمد على المعالجة المخابراتية لوضع البلاد والتأكيد على فكرة الدولة العميقة.، فرغم الطابع البوليسي والحواري المكثف الذي تمتاز به « زينزيبار» إلا أنها ذات أبعاد سياسية واجتماعية يمكن للقارئ المحترف (المؤول) اكتشافها وذلك بتعويم نص الرواية في مياه التاريخ والإيديولوجيا.
الأصوات المتعددة في الرواية والمرتفعة في كثير من الأحيان وتفاعل الأحداث الذي خلف غيوم حجبت الفكرة والقانون هي علامات تحيل إلى أزمة المجتمع الجزائري في بناء دولة حديثة وديمقراطية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)