إنّ شهر رمضان الفضيل هو شهر القرآن، قال الله تعالى: {شهرُ رمضان الذي أُنزل فيه القرآن هُدًى للنّاس وبيِّنات من الهُدى والفرقان}.
جاء في الحديث الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير وابن خزيمة في صحيحه قوله صلّى الله عليه وسلّم:''لو يعلَم العباد ما في شهر رمضان لتمنَّى العباد أن يكون شهر رمضان سنة''، لذا كان النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم يأمُر الصّحابة بكثرة العبادة من صلاة وذِكر وصدقة، لأنّه شهر النّفحات الرّبانية والعطايا والمنح الإلهية.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''إذا جاء رمضان فتّحَت أبواب الجنّة، غُلّقَت أبواب النّار وصُفّدت الشّياطين''، بل إنّ كلّ العبادات قد يُداخلها الرياء إلا الصّوم فإنّه لا يصحّ أن يكون إلاّ لله خالصًا مُخلصًا كما جاء في الحديث الذي يرويه مسلم في صحيحه قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''كلّ عمل ابن آدم يضاعِفُ الحسنةَ لعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله تعالى: إلاّ الصّومَ فإنّه لي وأنا أَجزي به يدَعُ شهوته وطعامَه من أجلي''.
والمنح والبركات التي في شهر رمضان هي خصائص الأمّة المحمّدية، فقد روى البيهقي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ''أُعطِيَت أمّتي في شهر رمضان خمسًا لم يعطهنّ نبيّ قبلي، أمّا واحدة فإنّه إذا كان أوّل ليلة من شهر رمضان نظر الله عزّ وجلّ إليهم ومَن نظر الله إليه لم يُعذِّبه أبدًا، وأمّا الثانية فإنّه خلوف أفواههم حين يُمسون لأطْيَب عند الله من ريح المِسك، وأمّا الثالثة فإنّ الملائكة تستغفر لهم كلّ يوم وليلة، وأمّا الرابعة فإنّ الله عزّ وجلّ يأمُر جنّته فيقول لها استعدي وتزيّني لعبادي أوشك أن يستريحوا من تعب الدُّنيا إلى داري وكرامتي فقال رجلٌ في القوم أهيَ ليلة القدر؟ فقال: ألَم ترَ إلى العمّال يعملون فإذا فَرَعُوا من أعمالهم وُفُّوا أُجورهم''.
ومن أعظم أسرار الصّيام بلوغ حقيقة التّقوى، كما قال تعالى: {يا أيُّها الّذين آمنوا كُتِب عليكم الصّيام كما كُتِب على الّذين من قبلكم لعلّكُم تتّقون}. والتّقوى كما عرّفها سيّدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: هي أن يجدك الله حيث أمرَك ويفقدك حيث نهاك. وكما عرّفها سيّدنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: التّقوى هي الخوفُ من الجليل والعمل بالتّنزيل والرِّضا بالقليل والاستعداد ليوم الرّحيل.
والتّقوى هي خير زاد، قال تعالى: {وتزوّدوا فإنّ خير الزاد التّقوى}، والمتّقون هو أولياء الله، قال تعالى: {إنّ أكرمكم عند الله أتقاكُم} والتّقوى هو أساس النّجاة، قال تعالى: {ولو أنّ أهلَ القُرى آمنوا واتَّقَوا لفتحنا عليهم بركات من السّماء والأرض}.
ودور الصّيام في تحقيق التّقوى عند مظهرين: الأوّل في الكف عن الشّهوات ومجاهدة النّفس كما جاء في الحديث الذي يرويه البخاري قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''يا معشر الشّباب مَن استطاع منكم الباءَة فليتزوَّج فإنّه أغَضُّ للبصر وأحْصَنُ للفرْجِ، فمَن لم يستطع فعليه بالصّوم فإنّه له وِجَاء''.
وبكف اللِّسان والجوارح عن فضول الكلام والأفعال، روى البخاري قوله صلّى الله عليه وسلّم: ''مَن لَم يَدَع قول الزُّور والعملَ به فليس لله حاجة في أن يَدَعَ طعامَه وشرابَه''. والمظهر الثاني بتذكُّر النِّعمة كما قال تعالى: {وأمّا بنِعمة ربِّك فحَدِّث}. فعلى المسلم أن يستغلّ الأوقات ليتزوَّد من بركات هذا الشّهر المعظّم المبجّل الفضيل.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 30/07/2011
مضاف من طرف : sofiane
صاحب المقال : الشيخ إلياس آيت سي العربي إمام مسجد ابن باديس ـ الجزائر الوسطى
المصدر : www.elkhabar.com