الجزائر

رفض التحايل والتلاعبات



رفض التحايل والتلاعبات
تولي السلطات العمومية في الجزائر اهتماما خاصا لمفهوم الشراكة الاقتصادية مع المتعامل الأجنبي انطلاقا من قناعتها الجادة المبنية على ضرورة تعميق التعاون مع الآخر على أساس الثقة المتبادلة واحترام العقود الثنائية وكذلك الالتزام بقوانين البلد.
هذا هو التصور العام الذي كان دائما يحرك الجزائريين، أي اشراك كافة الأطراف التي ترغب في دخول فضاء الاستثمار في بلادنا في البرامج الوطنية الواسعة وفي القطاعات الحيوية كالسكن والمياه والسدود، والنقل والصناعة والأشغال العمومية والبيئة.
وحتى الآن، فإن الشراكة الجزائرية الألمانية في مجال المواد المنظفة تعتبر نموذجا ملموسا يحتذى به وهذا بين المتعامل هنكل وإزيس.
ولم نكن نعتقد أبدا أن أسس الشراكة التي أرستها الجزائر ستكون محل تشكيك من قبل البعض، فقد تفاجأ الجزائريون بما أقدم عليه مسؤولو “أرسيلور ميتال” الذين يسيرون مصنع الحجار للحديد والصلب عندما قرروا من جانب واحد إشهار إفلاس هذا المركب الذي يشغل حوالي سبعة آلاف عامل دون إخطار السلطات العمومية بمثل هذا العمل المخالف تماما لأبجديات احترام الآخر.
هذا التهور غير المسؤول حتم على الجهات المسؤولة أن تحذر هذا المتعامل وتذكره بالالتزامات الواردة في دفتر الشروط، وأن يعود الى رشده، ولا يقحم نفسه في متاهات قد تكلفه ثمنا باهضا يصعب عليه الخروج منها سالما معافى.. وهذه الرسالة فهمها مسيرو المصنع عندما تراجعوا عن كل خطواتهم المغامراتية.. واعتذروا عن هذا التحايل غير المباشر الذي أرادوا منه الاستفادة من قروض دون أي مقابل يذكر.
والى يومنا هذا، فإن هذا المتعامل يريد أن يقلص عدد العمال الى النصف بعد أن اتضح له بأنه لا يستطيع مواصلة التعامل مع هذا الكم وتبعا لذلك، فإن الأفران كانت دائما تتوقف لا ندري لماذا؟ وهو بذلك مهد الأرضية قصد الضغط على السلطات العمومية من أجل أخذ قروض من خزينة الدولة الجزائرية للاستثمار في مجال تجديد الأفران.. وكم من مرة تعهد بأن يتكفل بكل لواحق المصنع، إلا أنه في كل مرة يصعد في ضغوطاته تجاه الطرف الآخر آخرها محاولته النهائية الرامية الى غلق أبواب المصنع وتسليم المفتاح.
ويجب أن نؤكد بأن الشراكة مع أرسيلور ميتال انطلقت على قواعد واضحة ومرنة سجلت ارتياح كل طرف وفق قاعدة “رابح - رابح” وفي العديد من المرات يشار الى أن هذه الشراكة تصف في خانة المثل الذي يجب أن يتبع في حالة إقامة شراكة مع أطراف أجنبية أخرى.
لكن ما الذي حدث حتى غيّر المتعامل أرسيلور ميتال من موقفه تجاه هذه الشراكة؟ كل ما أراده هو أن يحصل على المزيد من القروض من أجل تسوية أوضاعه الخاصة به دون مراعاة انشغالات الجهات الأخرى ومازال يحتفظ في ذاكرته بمطالب العمال الخاصة بالزيادة في الأجور ولا يريد أن يصرف من جيبه فقط، بل عليه البحث على مصادر تمويل ثانية.. ويتساءل الملاحظون عن الأسباب الكامنة وراء رفض أرسيلور ميتال تقديم “ضمانات” قوية تكون قاعدة لمنح هذا المركب ما يستحقه من أموال؟ غير أن الواقع وكل ما يتعلق بالمعطيات المتوفرة لدى كل الأطراف تكشف عن محاولة ابتزاز دشنها هذا الشريك من خلال الدخول في منطق لايمت بصلة لكل ما هو اقتصادي ونعني بذلك أنه فضل الربح السريع وتطبيق معايير معينة دون العودة الى القانون أو دفتر الشروط الذي يضبط العلاقات بين طرفين محددين أوالتحاور مع الجهات المسؤولة صاحبة القرار في التخلي وفسخ عقد هذا الشريك أومواصلة العمل معه.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)