نحتفل اليوم ب "يوم إفريقيا"،هذه المحطة السنوية التي تستوقفنا لتجديد وفائنا لقيم ومبادئ منظمتنا الاقليمية ولتقييم الأشواط التي قطعناها في مسار بناء الصرح الافريقي.نحتفل هذه السنة وقارتنا تواصل جهودها لتجاوز جائحة كورونا وآثارها المتشعبة التي مست كل مناحي الحياة من خلال المساعي الرامية لتوفير اللقاحات المضادة للفيروس بكميات تسمح بالإسراع من وتيرة التطعيم وتحصين أكبر عدد ممكن من سكان القارة.
وإذ أبانت هذه الجائحة عن ضرورة دعم الأمن الصحي والقضاء على التبعية للخارج في هذا المجال، فإنها تذكرنا أيضا بلزوم مواصلة الجهود لاستكمال الإصلاح المؤسساتي لمنظمتنا قصد دعم قدراتها وتفعيل دورها والنهوض بالعمل القاري المشترك.
لذا يتعين علينا العمل على تحقيق ذلك لمجابهة التحديات المتعددة التي تهدد أمن واستقرار قارتنا وتعيق مسارها الاندماجي وتمنعها من التفرغ كاملا لإنجاز مخططها التنموي المرسوم في الأجندة 2063. فعدم تصفية بقايا الاستعمار واستمرار العديد من النزاعات لا تزال تحول دون بلوغ هدفنا الرامي لإسكات دوي الأسلحة والبنادق في قارتنا. كما أن تنامي مخاطر وتهديدات جديدة على السلم والأمن كتلك المتعلقة بآفة الإرهاب والجريمة المنظمة والدور المزعزع للتدخلات الأجنبية والتداعيات الخطيرة للتغيرات المناخية والأمراض والأوبئة كلها عوامل تعرقل عملنا الافريقي المشترك.
أمام هذا الوضع، لا بد من تضافر جهود الدول الأعضاء للالتزام بمبدأ الحلول الإفريقية للمشاكل الإفريقية والتصدي للمناورات الرامية لإضعاف أو تغييب دور الإتحاد الإفريقي في حل النزاعات. كما يتعين علينا المضي قدما في المشاريع المهيكلة للاندماج الإفريقي، كمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية التي ستسمح بفتح آفاق واعدة للتكامل الاقتصادي وتمنح أبناءنا فرصا جديدة لخلق الثروة و النهوض باقتصاديات الدول الأعضاء.
وأود في هذا الصدد أن أجدد عزم الجزائر على الاستمرار في الدعم الفعال للإتحاد الإفريقي وتعزيز قدراته للقيام بمهامه كاملة غير منقوصة، وكذا التزامها بالاستمرار في جهودها الرامية لاستتباب السلم والأمن في ربوع إفريقيا، بما فيها محيطها الإقليمي المباشر.
من هذا المنطلق، ستواصل بلادنا مرافقة الإخوة في مالي لتجاوز الوضع المتأزم الحالي والعودة السريعة إلى الشرعية الدستورية والتنفيذ الكامل لبنود اتفاق السلم والمصالحة المنبثق عن مسار الجزائر. كما أن بلادي تجدد دعمها ومساندتها للسلطات الليبية للدفع بالعملية السياسية وضمان نجاح الاستحقاقات الهامة المبرمجة نهاية السنة الجارية، و لن تتوانى أيضا عن دعمها لحل عادل ودائم للنزاع في الصحراء الغربية، يكفل حق تقرير مصير الشعب الصحراوي ويطوي آخر ملفات تصفية الاستعمار في إفريقيا.
كما تسعى الجزائر إلى تحويل الاندماج القاري إلى واقع ملموس مثلما يدل تصديقها في الخامس من أبريل المنصرم على الاتفاق المؤسس لمنظمة التجارة الحرة القارية الإفريقية، ويوم الرابع والعشرين من نفس الشهر على اتفاقية إنشاء الوكالة الإفريقية للأدوية، ما من شأنه أن يسهم في تنمية الإنتاج المحلي للأدوية واللقاحات وتقليص اعتماد دول القارة على الواردات الخارجية.
وتعمل بلادي أيضا على استكمال المشاريع المهيكلة ذات البعد القاري، مثل الطريق العابر للصحراء، والربط بالألياف البصرية وأنبوب الغاز بين الجزائر ونيجيريا، و دعمها للبرامج المسطرة في إطار وكالة الإتحاد الإفريقي للتنمية Auda-Nepad.
و باعتبار أن الإتحاد الإفريقي اختار هذه السنة موضوع "الفنون والثقافة والتراث: ركائز تأسيس بناء إفريقيا التي نريدها"، أود أن أشير إلى مساهمة الجزائر في تعزيز الجهود الرامية لتشييد قارة قادرة على حماية هويتها وممتلكاتها التاريخية وإرثها الثقافي، لاسيما من خلال احتضان بلادنا لمقر المتحف الكبير لإفريقيا، الذي يعتبر أحد المشاريع الكبرى لأجندة الاتحاد الإفريقي 2063.
وختاما، تعرب الجزائر عن إيمانها الراسخ أن الوفاء لمثل الآباء المؤسسين لمنظمتنا القارية والالتزام الكامل بالمبادئ المنصوص عليها في القانون التأسيسي للاتحاد الإفريقي هو النهج الوحيد الذي سيسمح لنا ببناء إفريقيا التي نريدها، قارة آمنة، مندمجة و مزدهرة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 26/05/2021
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : السلام اليوم
المصدر : www.essalamonline.com