الجزائر

رسالة ملايين الناخبين البُكم



هنيئا للسلطة في الجزائر بنجاحها في تنظيم استحقاقات العاشر ماي التي أسالت الكثير من الحبر واستهلكت الكثير من الأموال، و''بصحّتها'' بنسبة المشاركة الشعبية التي تعدّت 42 في المائة من مجموع الهيئة الناخبة خلافا لكل التوقعات والتخوفات التي كانت تتوجّس منها زُمر الحكم ودوائر صناعة القرار، والله يهنّيها ب462 نائب جديد، أفرزهم الصندوق الانتخابي لاستكمال مسار الإصلاحات الذي بدأه رئيس الجمهورية مقابل امتيازات مُغرية، وراتب شهري يُسيل اللّعاب، ويُبعد صاحبه للأبد عن دائرة الفقراء والمحرومين، غير أنها بمقابل هذا كله، لا يمكن أن تغفل أو تتجاهل بأي حال من الأحوال بأن حوالي 12 مليون ناخب وناخبة عزفوا عن الإدلاء بأصواتهم وامتنعوا عن أداء واجبهم، مُفضلين كتمان الشهادة، على حد وصف وزير الشؤون الدينية والأوقاف الذي مثّل التصويت بأداء الشهادة.
لقد آثرت هذه الكتلة الصامتة المشكّلة من ملايين الأصوات، وأغلبهم من فئة الشباب، مقاطعة صناديق الاقتراع التي تم استبدالها من صناديق خشبية إلى صناديق زجاجية لاستظهار نيّة الشفافية واستقطاب المُصوتين، وذلك رغم رسائل ''الأس أم أس'' التي أفرغت بموجبها وزارة الداخلية بطاريات الهواتف المحمولة للمواطنين، ورغم الحملة الدعائية التي أوهمت المواطنين بأن البلد مُعرض لتدخل الناتو، ورغم النداء الذي وجّهه قبل أيام الشيخ العلامة أبو بكر جابر الجزائري من المسجد النبوي إلى الشعب الجزائري للمشاركة القوية في اختيار النزلاء الجدد بقبة البرلمان، من أجل تفويت الفرصة على المتربصين بالبلاد، ورغم الخطاب الأخير لرئيس الجمهورية من ولاية سطيف الذي قال فيه بأن البلاد على أعتاب مرحلة مفصلية لا خيار فيها إلا النجاح.
إن حالة البُكم الطوعي التي اختارتها هذه الفئات العريضة من فئات الشعب خلال الاستحقاقات التي عاشتها البلاد في السنوات الماضية مؤشر خطير، ورسالة قوية جدّدتها مرة أخرى يوم العاشر ماي أكثر من 57 بالمائة من النسبة الإجمالية الناخبة لمن يتقلدون دواليب الحكم، ولسان حالها في ذلك ''لن ندلي بأصواتنا ما دامت الوجوه نفس الوجوه، وما دامت السلوكات هي هي لم تتغير، ولن نتصالح مع صناديق الاقتراع التي رمينا عليها أيمان الطلاق، ما دامت تُنتج لنا في آخر المطاف نُوابا يدخلون في أول عهدتهم بجيوب خاوية، ويخرجون منها بأرصدة مُشبّعة بالأصفار، ومُثخنة بالملايير، ومن المستحيل أن نعطي أصواتنا لمترشحين أصبحوا محل تنكيت وموضوع سخرية على شبكات التواصل الاجتماعي''.
derkimed@yahoo.fr




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)