سيدي الرئيس،أيا كنت، وبما أنك تحزم حقائبك، وتشد همتك هذه الأيام لدخول قصر المرادية، وتنكب على إعداد برنامج العمل الذي ستسير وفقه البلاد للسنوات الخمس المقبلة، فلا بأس أن تضع هذه المبادئ الأربعة لتكون ثوابت ضمن بنود برنامجك.ولأن البلاد عانت في السنوات الأخيرة من استفحال ظاهرة الفساد التي نخرت جسد البلاد منذ حكم الشاذلي وزادت استفحالا في سنوات الرئيس الحالي، وما قضية سوناطراك بكل أرقامها إلا نقطة من بحر الفساد، فساد لم تقو الدولة على محاربته، بل كثيرا ما تتستر على الواقفين وراءه هذا إذا لم تدفع بترقيتهم في سلم المسؤوليات، فرغم أدلة تورط الكثير من الأسماء في قضايا السطو على المال العام بأرقام خيالية، لم يجرؤ أحد على محاسبة هؤلاء، رغم أن الرئيس تعهد أمام المواطنين بمحاسبة كل من يثبت تورطهم في قضايا فساد ورغم تنصيبه لجنة لتصحيح العدالة، ما زالت العدالة مقصرة في هذا الشأن، وحتى القضايا التي تمت معالجتها ليست إلا ذرا للرماد في العيون، وفي الكثير من الأحيان تصفية حسابات أكثر منها إرساء للعدل ولا دليلا على استقلالية القضاء.فلن تكون رئيسا بكل معاني الكلمة ما لم تخض حربا على الظاهرة، ولن تنال ثقة المواطن ما لم تقدم للمحاسبة كل من استباح المال العام، ولست في حاجة إلى الكثير من العناء لتصل إليهم، فسماهم على وجوههم، يكفي أن تقارن بين كشوف رواتبهم ومظاهر الثروة وممتلكاتهم لتعرف مدى ما نهبوا وهربوا من أموال إلى الخارج. ستكون مهمتك صعبة بدرجة استفحال الظاهرة، لكنك مجبر على خوض هذه الحرب، فبناء دولة القانون وإرساء العدالة يبدأ من هنا، وسيكون التاريخ شاهدا عليك إن فعلت أم لم تفعل.لكن هذه الحرب التي أنت مجبر على خوضها، لن تكون غطاء للانتقام وتصفية الحسابات الشخصية أو الجهوية، ولك في شخص مانديلا خير مثال، فالذي يستحق أن يكون رجل الجزائر، لابد أن يكون بهذا النقاء.سيدي الرئيس،المبدأ الآخر الذي يجب أن يكون ضمن أولوياتك، هو أن تعي حجم هذا الوطن، أن يكون المشروع الذي تحمله في مستوى الجزائر، مشروعا يخرجها من النظرة الجهوية الضيقة التي مزقت الوحدة الوطنية الموروثة عن الثورة التحريرية، وسممت العلاقة بين أبناء الوطن. أعرف أنه ليس من السهل محو آثار هذه الآفة التي استفحلت في البلاد، وأقصت جهات بحالها من نعم الوطن، فمن حيث جئت، من الشرق أو من الغرب أو الجنوب أو القبائل، عليك أن تكون رجل لم الشمل، وأن تتحرر من نظرة العشيرة والدشرة، فيكفي ما أقصي من طاقات وما حرمت منه البلاد من كفاءات بسبب هذا الوباء القاتل، الجهوية.ولن تكون الرجل الذي يكون في مستوى تطلعات المواطن، ما لم يكن معك فريق عمل وكفاءات، أن تعتمد على إطارات حسب كفاءاتها لا حسب التوازنات الجهوية والانتماءات، وغيرها من صور النفاق التي عانينا منها منذ عقود.لن يكفيك أن تكون خطيبا يعجبك رجع صدى صوتك بين الجماهير، ولن تزيّن صورتك أرقى البدل، ما لم تكن هذا الرجل الذي انتظرناه وننتظره منذ عقود.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 08/01/2014
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : حدة حزام
المصدر : www.al-fadjr.com