الجزائر

ربيع الأفالان



كان حزب جبهة التحرير الحزب الوحيد الذي عرف عشية التشريعيات صراعا داخليا بين أنصار بلخادم وخصومه، وتوقع الكثيرون أن هذا الصراع ستكون انعكاساته سلبية على الحزب التليد على مستوى النتائج، ويكون الكاسب الأكبر هو حلف الجزائر الخضراء· لكن التوقعات جاءت مخالفة، وكانت المفاجأة كبرى عند الكثير من المراهنين على نهاية الأفالان·· هل حدث تزوير أم أن أشياء كانت تحدث لكن لم ينتبه إليها المراقبون؟!
إن التغيير الأول لحصاد الأفالان مثل هذه النسبة من الأصوات، يتمثل في أن الوعاء الإنتخابي للأفالان برغم تقليديته إلا أنه ظل ثابتا إلى حد بعيد، ويشكل هذا الوعاء الجيل الذي يتجاوز الخمسين فما فوق، كما أن هذا الوعاء ظل متمركزا في المدن الداخلية والقرى حيث ظل الأفالان كسلوك سياسي وانتخابي تقليدي في معزل عن المنافسات من قبل الأحزاب ذات المشارب المختلفة وذلك لعدم تجذرها في تلك الخريطة بل وشبه غيابها عنها، بحيث لا تعلن عن نفسها إلا في المواسم الإنتخابية، كما أن الأفالان استفاد من ذلك الرصيد التاريخي المرتبط برمزية الثورة عند الكثيرين، وهذا بدوره لعب دورا مهما في انتصار الأفالان خاصة بعد أن وجّه بوتفليقة في الثامن من ماي ومن مدينة سطيف خطابا فيه نوعا من العاطفة التي دغدغت المصوتين على الأفالان باعتبار أن جيل نوفمبر قد رحل ساعة النهاية والرحيل لكن رافقت ذلك رسالة مشفرة، أنه لن يتقدم إلى عهدة رابعة·· كما أن الصراع بين الأجنحة داخل الأفالان ظل داخل الأجهزة دون أن يمتد إلى القواعد والأنصار بشكل واسع، ودون أن يتغلغل إلى المواطنين الذين تربطهم علاقة تقليدية مع الأفالان في فترة الإنتخابات·· كما أن القوة التي كان بإمكانها منافسة الأفالان، وحدث ذلك في بداية التسعينيات، وهي القوة الإسلامية الشعبوية التي تم تطويقها وإبعادها من الساحة في حين أن الإسلاميين الإخوان هم قوة غير نافذة داخل الفئات العريضة داخل المجتمع، بل هي قوة قطاعية وستكون من الفئات الوسطى المنغلقة على نفسها وغير المتواصلة مع الفئات الشعبية العريضة ذات الوزن والتأثير في العملية الإنتخابية، وحتى ما إذا شككنا في دقة الأصوات التي فاز بها الأفالان·· فإن نسبتها تبقى محدودة إذا ما تخلينا السيناريو القائل بأنه تم إيعاز التصويت داخل أسلاك الأمن لصالح الأفالان·· لكن ذلك كان على حساب حزب التجمع الوطني الديمقراطي الذي يبدو هذه المرة أنه وضع على المحك ليثبت وزنه دون مساعدة من الإدارة، ليكون ربما نواة معارضة تجتمع حولها أطياف وقوى سياسية تجعل منه حزبا ذا صدقية يمكن الإستفادة منها أو توظيفها في معترك الرئاسيات عام ,.2014




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)