بقلم: نور الدين مباركي*
مواصلة للجزء الأول سنتطرق إلى النقطة الثانية التي تندرج ضمن الإتجاهات الحديثة في عالم الوظيفة والتي تؤثر في سياسات إدارة الموارد البشرية.
النقطة الثانية: الموارد البشرية الإلكترونية منهج جديد لخلق القيمة وتحديث الإدارة.
يشير Kalika و ali(2005)1 إلى أنه مع إدخال و إدراج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في نشاطات ووظيفة الموارد البشرية هذه الأخيرة تحولت و تطورت من وظيفة إدارية مركزية إلى وظيفة تتعامل مع الأنشطة الأكثر استراتيجية والتي تخلق قيمة للإدارة (المنظمة). وبشكل أكثر دقة لقد ساهمت وأدخلت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ابتكارات رئيسية هامة في وظيفة الموارد البشرية مما أدى إلى تحويل مهامها وأنشطتها بشكل دقيق وعميق. هذه الابتكارات هي كالآتي:
- العمل عن بعد والعمل الجماعي التعاوني مما يتيح إمكانية تقليل القيود المرتبطة بعراقيل المكان والزمان مما يؤدي إلى نشأت عمل الشبكة والأشكال الجديدة لتنظيم العمل.
- إعادة هندسة عمليات التنظيم الإداري للموارد البشرية التي تؤدي إلى ظهور خدمات الموارد البشرية عبر الإنترنت خاصة بالموظفين.
- تسهيل تقاسم و تفرع وظيفة الموارد البشرية لصالح المديرين الفرعيين و المسيرين مما يؤدي إلى زيادة المسؤولية لديهم في إدارة الموارد البشرية التابعة لهم و تحت سلطتهم.
- طرق الإدارة الجديدة التي يفرضها العمل عن بعد سواء بشكل فردي أو في شكل فرق و إمكانية وصول الجميع إلى المعلومات.
- تطوير إدارة المعرفة Knowledge Management كمصدر القيمة وذلك بفضل إدارة الوثائق الإلكترونية التي تسهل أيضًا الحفاظ على الوثائق الإدارية والوصول إليها بسهولة.
- ظهور مهارات و كفاءات جديدة في مهن و وظائف الموارد البشرية (مهارات التحكم و تسيير تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التحليل الخبرة و الإشراف.. إلخ).
تتركز الآن جميع العمليات والتطبيقات والإجراءات التكنولوجية لإدارة الموارد البشرية الإلكترونية في رقمنة الموارد البشرية و جعلها افتراضية عبر تنظيمها على أنظمة و شبكة المعلومات كالتسيير و القيادة الإفتراضية للفرق...الخ كما أنه بعتبر تطور رئيسي لنظام معلومات الموارد البشرية من خلال وضع نظام معلومات مركزي مما يساعد المديرين و حتى الموظفين من استعمال و الوصول إلى مختلف البيانات و المعلومات .
*دور وأثر تكنولوجيا المعلومات والإتصالات على وظيفة الموارد البشرية:
بالنسبة ل (2002) Picq 2 فإن الفكرة التي تهيمن على الأتمتة المتقدمة ونقل المسؤولية هي على وجه التحديد السماح للمختصين بإدارة الموارد البشرية بتكريس أنفسهم و طاقتهم لما يسمى ب البعثات الاستراتيجية أو يمكن تسميتها ب المهمات الإستراتيجية أي أن لها علاقة مباشرة بتطور الإدارة وقدرتها على التحول و التأقلم و فرض مكانتها و ثقلها في المجتمع ككل . مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بدأت وظيفة الموارد البشرية حركة إعادة هندسة عميقة لنشاطاتها وتنظيمها ومهامها. إن الموارد البشرية الإلكترونية تمكن الموظفين من تحقيق أهدافهم وتطوير حياتهم المهنية لأنها ببساطة تمنح مديري ومسيري الموارد البشرية نوع من الحرية والتوسع والإبداع و الإبتكار في مسائل الإدارة كما تمنح الفرصة للموظفين للمشاركة و أكثر من ذلك المشاركة الإحترافية بالتالي يمكن النظر إلى هذه الآلية وهذا التحول على أنه أداة لزيادة الأداء التنظيمي ونشر ثقافة الإدارة و جعلها مرئية و مفهومة.
يرى Peretti 3 (2001) أن الاقتحام الهائل لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات يحرر وظيفة الموارد البشرية من العمليات الإدارية الثقيلة و يفتح لها المجال للتركيز على مهامها الاستراتيجية. لذلك نشهد تطور الخدمات الذاتية للموارد البشرية (LSRH) التي يقترح Peretti لها خمس مزايا رئيسية: إن LSRH يسهّل الوصول إلى المعلومات يمكننا التحدث عن المساواة في المعلومات / LSRH يخلق المسؤولية لدى الموظف حيث يصبح مسؤولاً عن خياراته اليومية وخياراته الاستراتيجية / LSRH يشجع على المشاركة والتبادل و يعزز التعاون بين مختلف الهياكل (المصالح و الأجهزة) / يعدل LSRH السلطة الهرمية و ينظمها حيث يصبح المدير التنفيذي المورد البشرية الأول / تعزز LSRH مهام الشركاء الاستراتيجيين في تنمية الموارد البشرية من خلال توفير الوقت وحتى تقليص المساحة .
لا شك أن هذه النقاط والمزايا تشكل مؤشرات محتملة لخلق القيمة لدى مختلف أصحاب المصلحة (الموظفين والشركاء الإجتماعيين والمتعاملين والأجهزة الأخرى...الخ) عن طريق تحسين جودة الخدمة الداخلية والخارجية من خلال تطوير وتنمية تعاون.
يلخص Silva (2001)4 في كتابه عن الموارد البشرية الإلكترونية عددًا معينًا من التغيرات الناتجة عن نظام معلومات الموارد البشرية و المنعكسة على وظيفة الموارد البشرية ومجالات و نطاق مسؤوليتها أهما: لا مركزية التسيير الإداري و جعله محليا (جهويا) / معالجة و تداول المعلومات وتسهيل الاتصالات / تحسين في مستوى التقارير حول الموارد البشرية / تعديل العلاقات مع الشركاء الاجتماعيين خاصة (الشفافية والاستجابة) / تسيير أفضل للتدريب والتكوين تطوير التعلم الإلكتروني وتسريع قرارات التوظيف والتنقل ... كل هذه النتائج الإيجابية مرادفة و تعكس المنهج لخلق القيمة .
وهكذا فإن e-RH تعمل على تحويل وظيفة الموارد البشرية وتصبح أكثر تفاعلية وتواصلا وهو ما يسمح لها بالتركيز على مهامها الاستراتيجية وخلق قيمة أكبر في حين يتم تنفيذ جزء كبير من مهامها الإدارية من قبل الموظفين.
ومع ذلك يجب التأكيد على أنه ليست كل الإدارات مستعدة لتطبيق مثل هذا النظام حيث أنه لابد من وجود واكتساب ثقافة التكنولوجيا. لأنه في غياب هذه الثقافة قد يؤدي إدخال تكنولوجيا المعلومات والإتصالات في الإدارة إلى مخاطر وصراعات إدارية وظيفية بين أولئك الذين يعرفون كيفية استخدام الكمبيوتر وموارده وأولئك الذين لا يعرفون ذلك.
*مساهمة TIC في تحديث وظيفة الموارد البشرية:
للتحقق من مدى مساهمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحديث الموارد البشرية في الإدارة يكفي التركيز على نقاط تتمثل في:
- تنظيم العمل الجديد واللامركزية وأتمتة المهام الإدارية.
- يساهم إدخال واستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من قبل الإدارات العمومية في تحسين فعالية وكفاءة وظيفة الموارد البشرية.
- تتيح تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (الإنترنت والبرمجيات وسير العمل ...الخ) فرصة كبيرة تطوير لممارسات إنشاء المعرفة مشاركتها ونشرها.
- يساهم إدخال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تعزيز المهارات وتطوير الكفاءات الجديدة التي تتناسب مع النشاطات والمهن الجديدة والمعقدة خاصة.
- الموارد البشرية الإلكترونية أداة لتحديث الإدارة العامة هذا ليس فقط دراسة نظرية و إنما تجربة واقعية.
تقدم تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نفسها اليوم كأداة مهمة للتحديث والإصلاح الإداري. إن تحدياتها داخل الإدارات معروفة الآن على الأقل نظريًا والمتمثلة في: الوصول السريع والمشاركة الجيدة والفعالة للمعلومات / تسريع الاتصال الداخلي / المرونة التنظيمية / تطوير كفاءات وظائف جديدة / أتمتة الإجراءات الإدارية ... إلخ.
ويرافق الانتشار الواسع لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في المنظمات تغييرات عميقة وأحيانا تكون جذرية ومن ثم يتم تقييم آثار TIC على الأبعاد التنظيمية والبشرية لإدارة الموارد البشرية.
لقد خضعت وظيفة الموارد البشرية لتغييرات وتحولات كبيرة في السنوات الأخيرة مما أثر على محتواها وهيكلها ونطاقها. يتم تفسير هذه التحولات من خلال زيادة استخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي ساهمت في تحديد المهام الجديدة لهذه الوظيفة التي أصبحت استراتيجية بشكل متزايد وكبير بل ومثير للإهتمام. رافقت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات أولاً تطور الموارد البشرية لمواجهة تحديات أهمها خلق القيمة داخل المنظمة وخارجها ثم ساهمت في ولادة نظام معلومات الموارد البشرية (SIRH) أكثر كفاءة وفعالية وبالتالي بتحويل وظيفة الموارد البشرية لتصبح وظيفة تفاعلية وتواصلية مع ظهور الموارد البشرية الإلكترونية .
جسدت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نموذجًا اجتماعيًا تكنولوجيًا جديدًا تصبح فيه المعلومات جزءًا لا يتجزأ من جميع الأنشطة البشرية. فهي تشكل منطق التفاعل والتشارك وتسهل التنظيم والتداول والإستعمال المرن للمعلومات خاصة تلك المعقدة.
إنه لمن الضروري الآن توجيه التفكير نحو دور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في تحسين التسيير في الإدارات العمومية. يمكنها أن تكون بمثابة الركيزة والداعم الأساسي للحكم الرشيد من خلال بسط مبادئه المتمثلة خاصة في الشفافية والمساواة. إن نشر تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في العمليات الإدارية. يمكن أن يساهم أيضًا في تحسين الكفاءة والفعالية حيث تلتزم الإدارات العمومية بتحسين نوعية وجودة خدماتها لا سيما تلك الخدمات المقدمة للمواطنين.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/07/2020
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : أخبار اليوم
المصدر : www.akhbarelyoum-dz.com