الجزائر

رأي حارالسلطة الرابعة تجاوزها الزمن؟



رأي حارالسلطة الرابعة تجاوزها الزمن؟
يعتقد الكثير أن الإعلام هو "السلطة الرابعة "كما جاء في الرواية المقتبسة عن المفكر الإيرلندي إدموند بيرك 1841 حين أشار إلى الأحزاب الثلاثة أو الطبقات الثلاث التي تحكم البلاد ذلك الوقت،وهم رجال الدين والنبلاء والعوام،مضيفا إن الصحفيين يمثلون الحزب الرابع "أي السلطة الرابعة" الأكثر تأثيراً من الأحزاب الأخرى.لكن منذ ذلك الوقت ثابر واجتهد هذا "المدلل "الذي يدعى الإعلام فصارت العديد من الدول تعتبره سلطة ثالثة، أما البلدان المتقدمة اجتماعيا فصنفته في خانة السلطة الثانية ،ولدى البلدان الديمقراطية الاجتماعية يمثل السلطة الأولى مثل الدول الاسكندينافية (دنمارك، والنرويج، والسويد، فنلندا وأيسلندا وجزر فارو) هذه الدول السالفة الذكر لم يبق لديها ما يسمى بالإعلام الحزبي والحر والمستقل والخاص الكل انصهر في بوتقة الإعلام العمومي أصبح يتنافس في خدمة المواطن بكل فخر واعتزاز ، رغم أن هذا الإعلام لا تموله الدولة بل على العكس "ترتجف" منه وخاصة إذا ما حاول أحد المسوؤلين مهما كانت مرتبته التهرب الضريبي ،فان وسائل الأعلام "تتكالب " عليه لأنه ارتكب جرم لا يغتفر في حق كامل سكان تلك الدولة التي يعد مال دافعي الضرائب من أحد أسباب ازدهار السياسة الاقتصادية لأن الناس سواسية المواطنة ،تبدأ من دفع الضرائب فصار الإعلام مهما كان الاتجاه الإيديولوجي يقدم خدمة عمومية ترتكز على التثقيف أولا ثم الإعلام وبعد ذلك الترفيه.ان التثقيف الجيد للمجتمع يرفع من الوعي السياسي والاجتماعي مما يمكنه من فهم الأحداث الوطنية والدولية . ولهذا لا نستغرب عندما نسمع ان منظمات المجتمع المدني في المانيا مثلا تنظم مسيرات واحتجاجات ضد نتائج اجتماع الكبار الثمانية الذين لم يخففوا من وطأة المديونية على الدول الفقيرة أو التنديد بعدم التزام الكبار العشرون برفع المساعدات الخاصة "بالدول الهشة " .
اذن فلسفة الإعلام لدى العديد من الدول المتقدمة حسمت منذ زمان وصار الحق في الإعلام من البديهيات ولا يحتاج تنظير ولا قوانين ، فقد شن الإعلام البريطاني مؤخرا حملة هائلة ضد رئيس الوزراء دافيد كامرون عندما التقطت له صورة داخل مكتبه ظهرت خلفه آلة تحضير القهوة ،لا يتعدى سعرها 10 جنيه إسترليني أي ما يقارب 900 دج فأقامت الصحافة الدنيا عن سبب تواجد هذه الآلة أصلا في مكتبه ومن أين اشتراها بأموال الدولة أو من جيبه الخاص؟ بل هناك من تساءل انه لا يحق للوزير الأول أصلا تجهيز مكتبه بهذه ألآلة مهما كان مصدر تمويلها لأن الوزير سيتفرغ لشرب القهوة على حساب قضايا المواطنين وسيبذر الطاقة الكهربائية ولا ندري عن مصدر شراء الماء والبن والحليب والسكر المستعمل في ذلك ...
هذه التساؤلات والاستفسارات التي طرحها الإعلام البريطاني بقوة ، وجد لها فتوى منذ سنوات حينما أفتى أحد الشيوخ الفضلاء بحرمة شحن بطارية الهاتف النقال في المؤسسات العامة ،أما في المؤسسات الخاصة لا يتم ذلك إلا بإذن مالكها فما بال الكبائر الأخرى ، ومثالا أخر عن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي لم ينتظر هذه الفتوى ولا استفسار الإعلام عندما أطفأ شمعة القطاع العام بالمفهوم العصري وأشعل شمعته الخاصة عندما دخل عليه احدهم ليسأله عن أشياء شخصية.
إن المسؤول العربي لم يستجب للمساءلة البرلمانية التي نصت عليها الدساتير في إطار الرقابة الشعبية فما بال أن يستجيب إلى الاستفسار الإعلامي الذي جف حبره وريقه ؟ أمام هذا السلوك ومدى مصداقية الإعلام نطرح السؤال هل حقا السلطة الرابعة تجاوزها الزمن؟


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)