عرفت الرئيس أحمد بن بلة سنة 1953 بالقاهرة وعملت تحت إشرافه كأمين دائم لمكتب جيش التحرير بالقاهرة، الذي كان سريا موجودا في عمارة وهبة في قلب القاهرة. ومن القصص الرائعة أنه في يوم من الأيام أطلق عليه عميل للسفارة الفرنسية في شارع قصر النيل بالقاهرة رصاصة من مسدس كاتم للصوت، وكان بن بلة حذرا فلاحظه يتتبعه فتفادى الرصاصة، وهرب العميل من خلال الشوارع الضيقة الفرعية. واستدعى عبد الناصر بن بلة ودار الحوار التالي بينهما:
أخي أحمد قررت أن أخصص لك فيلاّ بعد هذا الحادث لحمايتك
فيلاّ تكلف كثيرا، مصاريف الفيلاّ أعطيهالنا ذخائر، المجاهدين يدّيهم تتحرق بالبارود، إذا مات بن بلة
هو واحد من الشعب الجزائري
غير معقول أن تبقى تقيم في غرفة لدى عجوز في الطابق السادس، حراستها صعبة
دعني يا أخي جمال حيث أنا
واستمر أحمد بن بلة يقيم في غرفة لدى أسرة في شارع 26 يوليو إلى أن اختطف بالطائرة.
لازمت أحمد بن بلة بين 1953 و1956 ، تدربت على السلاح سنة 1955 وقررت الدخول للجهاد، فقال لي: «أنت تملك قلما تكتب بالصحافة، من يحمل السلاح كثير، أصحاب الأقلام قليل، تبقى هنا معي»، ثم عينني بالمكتب، حيث بقيت فيه إلى أن اعتقل، فجاء بعده من صفى كل من عمل معه.
في 1996 قرر البربريون عقد مؤتمر البربرية الدولي في باتنة بهدف جرّ الشاوية للنزعة البربرية، بعد أن أقنعتهم الأكاديمية البربرية بباريس «بضرورة جر الشاوية للنزعة البربرية أي للب Berberisme، لأنه إذا بقيت هذه النزعة بين القبائل فقط سوف تموت» كما ترى. فاجتمع ضباط الولاية الأولى أوراس اللمامشة ورفضوا عقد المؤتمر في عاصمة الأوراس، فأصدر أحمد بن بلة لائحة تأييد لهم وهذا نصها، علما بأن بن بلة من أصول أمازيغية:
بيان تأييد من الرئيس
أحمد بن بلة
اجتمعت الولاية الأولى التاريخية (أوراس اللمامشة) في مدينة باتنة، يومي 30 و 31 مارس 1996 ، وأصدرت لائحة حول المسألة الأمازيغية تتفق مع تاريخنا، ومع بيان أول نوفمبر. ومنطقة هذه الولاية تضم (الشاوية) أكبر تجمع أمازيغي بالجزائر، وأكثرهم أصالة من الناحية الأمازيغية، ولا تستطيع أي فئة أخرى أن تزايد عليهم في هذا الميدان، ولهذا فإن هذه اللائحة تعبر عن الأمازيغ الأحرار، الوطنيين، الذين لم تشوههم دسائس الاستعمار.
لقد استعمل الاستعمار الفرنسي القديم ورقة الأمازيغية في نهاية الأربعينيات من أجل تدمير حزب الشعب الذي أعد للثورة المسلحة، وتمكنّا من إفشال مؤامرته، وطردنا من الحزب العناصر التي استعملها، فلجأت إلى الحزب الشيوعي. وبقيت خميرة (البربريزم) حية إلى ما بعد الاستقلال، فالتقطها الاستعمار الفرنسي الجديد، وأسس عليها الأكاديمية البربرية في جامعة (فانسان) بباريس سنة 1967، من أجل التآمر على هويتنا المتمثلة في الإسلام والعروبة، وذلك بتدمير الوحدة الوطنية، بواسطة خلق لغة وطنية ثانية تدخل في صراع مع العربية، حتى تبقى الفرنسية مهيمنة تلعب دور الحكَم في هذا الصراع.
إن سائر الأمم الحية المتقدمة تعتمد على قاعدة (لا وحدة وطنية بلا وحدة لغوية)، وتعدد اللغات يعني تعدد الأمم، ومَثَل يوغوسلافيا، والاتحاد السوفياتي شاهد على ذلك. ولهذا فإن لائحة (أوراس اللمامشة) قدمت التناول السليم للمسألة الأمازيغية، وذلك باعتبار تراث اللهجات الأمازيغية رافدا للغة العربية وللثقافة العربية.
وبناء على ذلك فإنني أؤيد بقوة هذه اللائحة، وأهنئ أمازيغ أوراس اللمامشة الذين سمَوْا فوق الغرائز العرقية، وقدموا لنا المفهوم الصحيح لهذه القضية، التي لوّحت في السنوات الأخيرة بخطر تمزيق وحدتنا الوطنية، بل وجر بلادنا إلى حرب أهلية على أساس عرقي، على غرار ما يجري الآن في يوغوسلافيا.
فهنيئا لإخوتنا بأوراس اللمامشة، على هذا الموقف الوطني الذي لا يعتبر غريبا عنهم، ألم تنطلق ثورة أول نوفمبر من الأوراس؟
أحمد بن بلة
الجزائر في 28 أفريل 1996
* كتاب الأمازيغ عرب عاربة، لعثمان سعدي ، صفحة 179 ، الجزائر 1996
تاريخ الإضافة : 18/04/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : البلاد أون لاين
المصدر : www.elbilad.net