يرى أستاذ العلوم السياسية الدكتور سعود صالح، أن الوضع والصراعات الدائرة في مصر، اليوم، مؤشر إيجابي من شأنه أن ينتهي بالأمر إلى مشروع وطني، مؤكدا على أن التيار الإسلامي المصري يعاني انقساما إلا أنه يظهر كقوة جديدة تلعب دورا جديدا في مشروع الشرق الأوسط الكبير المقبل.
يعيش الشارع المصري هذه الأيام حالة تصعيد في المواقف من قبل التيار الإسلامي الذي يقود مواجهة ضد المعارضة ومطالبها، كيف تقرأون الوضع؟
أتصور أن ما قام به الإسلاميون جاء كرد فعل على ما قامت به المعارضة، مؤخرا، وهو محاولة يرغبون من خلالها أن يظهروا أنهم أقوياء ويملكون الشرعية التي اكتسبوها عن طريق الانتخابات، دون أن نغفل تركيزهم على إبراز قدرتهم في التأثير على الشارع مثل سواهم، هذا من الناحية الشكلية. أما على المستوى الداخلي، أتصور أن هناك انقساما حتى داخل الاسلاميين أنفسهم، لذلك لجأوا للميليونية الأخيرة مثلا لإظهار أنهم موحدون وأنهم قوة حقيقية.
تشيرون إلى وجود انقسامات داخل التيار الإسلامي، ويتحدث الملاحظون عن وجود “شعب مصري" في مواجهة تيار ورئيس لهذا التيار، أتعتقدون أن هناك جانبا إيجابيا فيما يحدث؟
خلافا لمن يرى أن الوضع في مصر سلبي، أرى أن الوضع إيجابي جدا، وبغض النظر عن طرح الموضوع بشكل دون سواه، أعتقد أن هذه الصراعات والخلافات ستنتهي بالأمر نحو المشروع الوطني.
لكن التيار الإسلامي، اليوم، يحاول “صم أذنيه" عن مطالب الشعب وثوار الميدان الذين كانوا المحرك الأساسي للثورة المصرية، لدرجة أن هذا التيار متهم بمحاولة السطو على ثورة هؤلاء؟
لا، ليست عملية سطو، كما سبق وأشرت هناك صراعات، وهذا وضع عادي بعدما حصل في مصر، علينا أن نفرق بين الانقلاب والتغيير، لأن الثورة ليست تغييرا وإنما انقلابا، التغيير يحدث داخل الكتل. لذلك لابد أن يفرز الانقلاب مجموعات يدافع كل منها عن مصالحه، ويجب أن نعي أن ما حدث ليس عمل خال من التدخل الأجنبي، ما يحدث اليوم في مصر هو محاولة تدجين للطرفين اليمين واليسار. وقبول الإسلاميين الوساطة الأخيرة في فلسطين إن عبر عن شيء إنما يعبر عن وجهة النظر الأمريكية في المنطقة، حيث تريد أن يكون الجميع معتدلين، أي قابلين للشرق الأوسط - ليس كما طرح من قبل - وإنما بما سيوضع له من مفاهيم تجعل كل من يعارض إسرائيل يقبل بها، لأن ما يحدث في مصر ليس مرتبطا بمصر وحدها، وإنما بمصر ومحيطها، ومن هنا فإن قراءتنا للوضع لا يمكن أن تكون محصورة في دائرة ضيقة، وإنما تحركها أطراف مرتبطة بقوى اقتصادية وسياسية وخارجية.
لكن نحن نتكلم عن مسألة داخلية، الرئيس المصري ببيان الدستور تجاوز الدستور الموجود ويحاول التغول على السلطة القضائية؟
من حيث المبدأ كل دستور وميثاق لا يمكن أن يرضي الجميع، وأيضا انتخاب الرئيس وإعطائه صلاحيات تجعله مخولا لطرح الدستور بالطريقة التي تم بها على أساس أن صياغته تمت من قبل لجنة معبرة عن كل الأطياف السياسية الموجودة في الساحة، وأن هذا الدستور - الذي لم نطلع على بنوده بعد - الشعب هو الوحيد الذي يقبله أو يرفضه لإعادته إلى صياغة جديدة، نحن نتكلم على المستوى النظري، ولهذا فإن من صلاحيات الرئيس وكل رئيس أن يحافظ على المصلحة العليا للبلاد بناء على الشرعية التي منحه إياها الشعب، وعليه فإن الرئيس المصري من حقه أن يقترح على الشعب بالطريقة التي يراها مناسبة ولا يتعارض مع القانون.
لكن هناك من يعبرون عن رفض ومعارضة الأمر في ميدان التحرير؟
حسب ملاحظاتي من خلال الأخبار وغيرها أعتقد أن ما يحدث في ميدان التحرير ليس بريئا، ولا يعبر عن كل المعارضة، وإنما تلعب فيه دورا فلول أصحاب المصالح السابقين الذين بدأوا يشعرون أن مصالحهم الاقتصادية والسياسية بدأت تتعرض للخطر، بمن فيهم القادة السياسيين الذين فشلوا في الانتخابات الماضية وانفضت الجموع من حولهم، وبدأوا يشعرون بالخوف على مستقبلهم السياسي وبأن التيار الاسلامي أخذ في التوسع على حساب كل تيار، لاسيما بعد أن أظهر استعدادا إلى الميل إلى الوسطية - حتى المتشددين منه- وراحت الولايات المتحدة الأمريكية تراهن عليه في المنطقة.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/12/2012
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : زهور شنوف
المصدر : www.djazairnews.info