لا يزال المسن يحظى باهتمام الكثير من المختصين، في سبيل إيجاد بعض الحلول التي تمكنه من عيش حياة هادئة ومريحة، خاصة مع الارتفاع المسجل في معدل حياة المسن، بسبب تغير نمط الحياة، حيث فاق نسبة المسنين 50 بالمائة في الجزائر، وفي الوقت الذي توجه اهتمام البعض إلى التفكير في استحداث مرافق تستقطب اهتمامهم، عوض الجلوس في المقاهي والحدائق العمومية، فضل آخرون من السلك الطبي بالبليدة، المطالبة بإنشاء هياكل صحية ترعاهم، مع تكوين مختصين في طب الشيخوخة، والتأسيس لتخصص قائم بحد ذاته موجه للمسنين. "المساء" تحدث مع عدد من المختصين، على هامش فعاليات المؤتمر الوطني الثاني في مجال البحث العلمي في الصحة العقلية، حول أهم ما يحتاج إليه المسن، من تكفل ومرافقة صحية تضمن له حياة مريحة، يشعر فيها بالاهتمام خلال مراحل عمره المتقدمة.خرج بها المشاركون في أشغال المؤتمر الوطني الثاني في الصحة العقلية للمسن.. توصيات علمية لترقية حياة المسن الصحية والاجتماعية
خرج المشاركون في فعاليات المؤتمر الوطني الثاني للبحث في الصحة العقلية، والذي جاء تحت شعار" فهم ومرافقة الشخص المسن" بعدد من التوصيات الهامة، على النحو التالي: تحيين ورفع عدد المراكز لاستقبال المسنين، في انتظار استحداث طب الشيخوخة، تخصص قائم بذاته، فتح مصالح لطب الشيخوخة ومصالح مختصة في الصحة العقلية، الاهتمام بإجراء تكوين لفائدة الأطباء العامين في طب الشيخوخة، تشمل فيما بعد الأطباء المختصين، المطالبة بتكييف المنظومة القانونية، بما يتماشى والتغيرات الديمغرافية والاجتماعية للمسنين، تفعيل الطب المنزلي لصالح المسنين من وجهة نظر وقائية، مع فتح فضاءات تحتوي على نشاطات موجهة للأشخاص المسنين، السعي إلى توفير حاجيات المسنين والتفكير في فتح المجال لما يعرف بالعائلات التي تتكفل بالمسنين، إلى جانب ضمان تخفيف الأعباء المالية على المتكفلين بالأشخاص المسنين، وأخيرا التنسيق بين القطاعات لتحسين التطفل بفئة المسنين.
البروفيسور خديجة بن صديق رئيسة مصلحة الأمراض العقلية للكبار: نحو توجيه بعض الاستثمارات المحلية في استحداث مرافق ترعى المسنين
تقول البروفيسور خديجة بن صديق، رئيسة مصلحة الأمراض العقلية للكبار، بمستشفى فرانس فانون بالبليدة، في تصريحها ل"المساء"، بأن فئة المسنين جد حساسة، وتعرف ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة، الأمر الذي يستدعي تسليط الضوء عليها في المجال الصحي بمختلف تخصصاته، كجراحة الأعصاب، أمراض القلب، الطب الداخلي، مرض الأعصاب وغيرها، وحسبها، فإن التكفل بفئة المسنين لابد أن يعرف تغييرا، وأن يتم الجمع بين المختصين الذين يعنون بهذه الفئة، من خلال المطالبة باستحداث مرافق تجمع بين كل هذه التخصصات التي تعنى بفئة المسن دون غيرها، وهو ما يسمى بطب الشيخوخة، خاصة أن الجزائر في مجال التكفل الصحي، عرفت في السنوات الأخيرة، تطورا سواء من حيث المعدات أو الأطقم الطبية من ناحية الكفاءات العلمية.
وحسب المختصة في الأمراض العقلية لكبار السن، فإن الإشكال الكبير الذي عمق من معاناة المسنين في المجتمع الجزائري، وتسبب لهم في ظهور أمراض أخرى نفسية، كالاكتئاب والعزلة وغيرها من الأمراض غير العضوية، هو عدم وجود مكان يضع فيه الأبناء ذويهم المسنين، ففي الوقت الذي نجد بأن الأطفال الصغار خصصت لهم مؤسسات الطفولة الصغيرة من أجل رعايتهم، مثل دور الحضانة، لا نجد في المقابل، بالنسبة للمسنين، مرافق تأويهم وتهتم بهم.
وبالمناسبة، تردف المتحدثة "نطالب كمتخصصين من الجهات الوصية، أن تستثمر بعض المشاريع التنموية في خدمة المسن، كإنشاء هياكل تعنى بمرافقة المسنين دون غيرهم، إذ تقدم هذه الأخيرة بعض الخدمات، حيث يمكن للمسن البقاء في المركز وقت غياب أبنائه عنه، بسبب العمل مثلا، وأن يستفيد من بعض الخدمات الطبية التي يقدمها لهم مختصون وأطباء، مثل جلسات نفسية لحمياته من الإصابة من بعض الأمراض النفسية، وتشرح: "لاسيما أن هذه الفئة خلال هذه المرحلة العمرية، تشعر بعدم أهميتها وتبحث كثيرا عن التواصل مع الغير".
وحول أهم الأمراض التي تصيب المسن في الجزائر، وتستدعي التكفل بها في وقت مبكر، أكدت المتحدثة "بأن أهم هذه الأمراض التي تصيب المسنين في الجزائر، اضطرابات في السلوكيات، واضطرابات في الذاكرة والتركيز وحالات الاكتئاب
والإصابة بعدد من الأمراض المزمنة، مثل السكري والقلب والضغط الدموي، وحتى الشعور بالاكتئاب. تقول المختصة: "وعليه فإن المسن بحاجة إلى أن يحضا بالاهتمام، خاصة بالنسبة للفئات التي تفقد القدرة على ممارسة بعض الأنشطة ويصبح اعتمادها كبيرا على الغير"، لافتة إلى أن كل هذا لا يتحقق فقط بالتأكيد على أهمية تكوين مختصين في طب الشيخوخة، لاسيما أن هذا التخصص غير موجود في الجزائر، ويتم المراهنة عليه حتى تحضا هذه الشريحة بالاهتمام الصحي الذي تحتاج إليه.
وعلى صعيد آخر، ترى المختصة بأن الإرادة لدى الأطقم الطبية في ترقية التكفل الصحي بالمسن موجودة، فمثلا مستشفى "فرانس فانون" الذي يعتبر أكبر مستشفى في إفريقيا، يحتوي على 1090 سرير، يضم مصلحة مختصة في الصحة العقلية للأطفال، وباقي المصالح السبعة موجهة للكبار، حيث يتم استقبال فئة كبيرة من المسنين، يبقى فقط التأكيد على ضرورة التخصص، والهياكل التي تعنى بهذه الفئة، لضمان ذلك التواصل المستمر بين المسن والمجتمع، ويتم المراهنة عليه لحمايته من احتمال الإصابة بعدد من الأمراض، ومنه الحفاظ على قدراته العقلية بعد تقدمه في العمر.
محمد الأمين بن شريف رئيس مصلحة الطب العقلي الشرعي بمستشفى "فرانس فانون": تكييف المنظومة القانونية والتغيرات الديمغرافية والاجتماعية للمسنين
من جهته، اختار المختص في الطب العقلي الشرعي، الأستاذ محمد الأمين بن شريف، أن يطرح بعض الإشكالات التي تعيق حياة المسن، وتحول دون قدرته على ممارسة بعض التصرفات، بسبب إجراءات الحجر التي تحرمه من التصرف حتى في ممتلكاته، حيث قال في معرض حديثه مع "المساء"، "إن هناك عدم توافق بين المصطلحات القانونية والمصطلحات الطبية، فمثلا لا نجد مرضا يسمى الجنون في القاموس الطبي، إنما نجد في المصطلحات الطبية ما يسمى بمرض انفصام الشخصية، أو مرض العظمى، بينما الجنون عندما نعرفه، هو أن الشخص يتخيل أشياء غير موجودة" يوضح: "بالتالي تطور العلم يفرض تغير المصطلحات القانونية، حتى تعكس الوضعية الصحيحة للمسن المريض، من خلال تكييفها حتى يعكس التشخيص التكييف الصحيح لوضعية المسن". مشيرا إلى أن أهمية التطابق بين مفرداته القانونية والطبية تظهر أهميتها في الوصول إلى الخروج بتشخيص واحد بين الجانب التشريعي والطبي، ومنه لابد من ضبط المفاهيم، من خلال مراجعة القوانين.
وحسب المتحدث، فإن تغير القوانين أصبح أكثر من ضرورة، خاصة تلك المتعلقة بالأحوال الشخصية والمرتبطة تحديدا بإجراءات الحجر، التي تمنع المسن من القيام بأي تصرف. يقول: "وفي رأينا كمتخصصين، فإن إجراءات الحجر تطول، لأنها تستغرق وقتا أمام العدالة من أجل استصدار الحكم، خلال هذه الفترة تكون ممتلكات هذا الشخص المحجور مهملة وبحاجة إلى من يرعاها، بالتالي نطالب أن تكون إجراءات الحجر استثنائية، أي أنها تمس جزء دون آخر"، يشرح المختص: "فمثلا عند إصابة المسن بالهلوسة، لا يعني أنه لا يعرف كيف يقود سيارته أو يستخرج أمواله، خاصة أن طلبات الحجر تعرف ارتفاعا كبيرا في السنوات الأخيرة" . مشيرا إلى أن من جملة الأمراض التي تصيب المسنين، الصحة العقلية في الجزائر، وأكثرها شيوعا هي آلزهايمر، ولا يزال التكفل بها في غير المستوى المطلوب، يكفي فقط القول بأنه يوجد مركز واحد، في الوقت الذي يسجل هذا المرض ارتفاعا في السنوات الأخيرة.
مريم قيدوم بوزياني أستاذة مساعدة في طب الأورام: دعوات لاستحداث تخصص طب الأورام عند المسن
ترى مريم قيدوم بوزياني، طبيب مساعد في طب الأورام السرطانية، بأن من أكثر الأمراض خطورة الى جانب المشاكل العقلية والنفسية، بالنسبة للمسنين نجد الأمراض السرطانية، خاصة وأن معدل حياة المسنين يزيد، ففي مضى كانت النسبة الكبيرة في المجتمع الجزائري، هي نسبة الشباب بمعدل 75 بالمائة، واليوم النسبة انقلبت إلى الفئة المسنة بالنظر إلى المجهودات المبذولة لترقية الصحة في الجزائر، تقول: "حيث نجد أن نسبة العمر تصل إلى 74 بالنسبة للرجال و76 بالنسبة للنساء وتقابل هذا التقدم في العمر بعض الأمراض ولعل أهمها السرطان الذي ينتشر بشكل كبير لدى الفئة المسنة "،مشيرة الى أن الإحصائيات تشير بأن 2025 سيكون هنالك انفجار سكاني في عدد المسنين، حيث تقدر فئة المسنين في الوقت الراهن ب10 بالمائة، غير أن هذه الفئة يمكن أن تصل إلى أكثر من 7 ملايين مسن مطلع سنة ،2025".
تضيف :"وبالتالي ستشكل عبئ كبير على عاتق الدولة من حيث التكفل الصحي بهذه الفئة الكبيرة ". مشيرة الى ان المطلوب هو العمل على تكوين أطباء متخصصين في علاج أمراض الشيخوخة، وان يكون هذا التخصص قائم في حد ذاته حيث نشهد جود هذا التخصص كبداية، في بعض الهياكل الجامعية، غير أنه لا يزال في بدايته، خاصة وأننا نستقبل على مستوى المصالح الاستشفائية أعداد كبيرة من المسنين يطالبون بعلاجات خاصة بهم، الأمر الذي يفرض حتمية الإسراع في اقرأ بعض التخصصات التي تعنى بالمسنين فقط، كتخصص علاج سرطان عند المسنين، وحسبها فان الجزائر، على غرار بعض الدول الجزار تسجل تراجعا في بعض التخصصات مثل تخصص طب الأورام عند المسن.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 28/12/2023
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : رشيدة بلال
المصدر : www.el-massa.com