الجزائر

درس من وحي كورونا



ضَعُفت دنيانا وضعُف الفيروس.. وما قدّرنا الله حق قدره..درس من وحي كورونا
سبحان الله.. مخلوق صغير لا يرى بالعين المجردة دخل دون أن يطرق الباب وتسبب بالهلع والفزع والخوف أغلق المدارس والجامعات والعديد من التجمعات أوقف حركة المطارات وسدّ الحدود بين الدول وجعل بعض المدن كأنما يسكنها أشباح..
هو حديث الناس في العالمين الواقعي والافتراضي في المنازل وعلى شاشات التلفزة بات يرافقهم لحظة بلحظة حتى أنه غيّر من عاداتهم وسلوكاتهم وفرض الجفاء بين الناس والأهل والأقارب في غضون أيام.
إنه فيروس كورونا.. الذي ما أمكن ولا يمكن لأي شخص أو أمة أن تتفاداه إلا إذا أراد الله ولا فرق بين أغنى وأقوى دولة..
أيها الناس: قرآننا يخبرنا أنه ليس هناك أمة تستطيع تفادي أي بلاء يحلّ بها قال الله تعالى: أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتاً وهم نائمون أ وأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحىً وهم يلعبون أفأمنوا مكر الله فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون أولم يهد للذين يرثون الأرض من بعد أهلها أن لو نشاء أصبناهم بذنوبهم ونطبع على قلوبهم فهم لا يسمعون . الأعراف:97-100.
وإن هذا مما يجعلنا نتفكر في عظم قدرة الله التي وسعت رحمته حيث قال: يا أيها الناس ضرب مثل فاستمعوا له إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذبابا ولو اجتمعوا له وإن يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه ضعف الطالب والمطلوب . الحج:73.
إنه نفيرٌ بعيد الصدى يتوجّه به سبحانه إلى الناس -كل الناس- مقرراً حقيقة مهمة في دنياهم لا تكون سعادتهم إلا بالأخذ بمستلزماتها وهي أنه لا معبود ينبغي أن يفرد بالعبادة إلا هو سبحانه.
إن هذا المثل يقرر حقيقة أخرى مفادها: أن هذه الآلهة المزيفة (دنياهم وسعادتهم التي اغتروا بها) هي أحقر من أن تقدر على أقل خلق الله وأصغره وأذله ولو اجتمعوا لذلك وتساندوا وتعاضدوا. وليس أدلّ من ذلك على عجزهم وانتفاء قدرتهم.
أيها الناس: إن هذا الخلق الأقل الأذل (الذباب) لو اختطف شيئاً من الآلهة المزيفة دنياهم وسعادتهم التي اغتروا بها ثم اجتمعوا على أن يستخلصوه منه لم يقدروا على شيء من ذلك مهما توسّلوا من الأسباب ومهما ملكوا من الوسائل.
ألا إن في فيروس كورنا لعبرة للمعتبرين وعظة للمتعظين وذكرى للمتذكرين وتبصرة للمستبصرين ضعفت دنيانا وضعف كورونا وما قدّرنا الله حق قدره..
أيها الناس: والحالة هذه يجدر بنا أن نتذكر هذه الآيات القرآنية وما فيها من الكلمات قالها نبي الله إبراهيم عليه السلام: الذي خلقني فهو يهديك والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين رب هب لي حكماً وألحقني بالصالحين . الشعراء:79-83
فإنه مهما بلغ الناس من التطور والتقنيات والتكنولوجيا والقوة والطب فهم لا يخرجون عن دائرة الضعف والعجز البشري وأن الله ذو القوة المتين وأن القوة لله جميعاً.. فيروس صغير جدا ومخلوق ضعيف خفي نغّص على أهل الدنيا نعيمهم ولذاتهم وحياتهم وأمنهم واستقرارهم ومعيشتهم!.
فدنيا تنقلب عليك -أيها الانسان- وتغدر بك وتتلون وتتبدل ولا تدوم لك على حال فهل يليق بعاقل فضلاً عن مؤمن أن يتخذها وطناً ومسكناً فيطمئن فيها ويتقاتل عليها ويتنافس في حطامها؟!ّ.
أيها الناس: إن من عبر فيروس كورونا أن يعلم العاقل الصبر في أيام البلاء لينال راحة دائمة بلا انقضاء ويحرك النفس كي تشتاق إلى دار البقاء فهل من مشمر؟!
وإن من يقرأ قول الله تعالى: فإن مع العسر يسراً. إن مع العسر يسراً . الشرح:5-6. ويتدبر معناه يعرف أنه إذا مرّ بعسر فما عليه إلا أن يثق بأن الله سوف يجعل معه يسراً.
وإذا كان هذا وعد من الله لنا فحريّ بنا أن ندرك أن اليأس والامتلاء بالهلع في اللحظات الصعبة إنما هو دليل على ضعف في إيماننا ولذلك يجب علينا قراءة الآيتين وتدبّر معناهما ونكيّف تصرفاتنا بمقتضاهما طوال حياتنا.
نسأل الله أن يردّنا إلى دينه ردّا جميلا ويجيرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ويلطف بعباده وأن يفرج الهم والكرب ويصرف عن المسلمين هذا الوباء وكل بلاء. إنه غني حميد.. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)