قدر تقرير الشبكة الدولية "إيرين" للأنباء الإنسانية عدد المجندين الجزائريين من قبل التنظيم الإرهابي "داعش" ب200 مجند فقط في نهاية 2015، معتبرا إياها بلدا مستعصيا على هذا التنظيم الإرهابي الخطير الذي استطاع التغلغل في كافة دول العالم "باستثناء الجزائر التي تعتبر البلد الأقل تعرضا للتجنيد". واستدل التقرير بأرقام مقارنة بين مختلف الدول، مبرزا قوة الجيش الوطني الشعبي وأسلاك الأمن الأخرى، وكذا سياسة المصالحة الوطنية والوعي المتنامي لدى الشعب الجزائر الرافض للعودة إلى تجربة العشرية السوداء، تشكل عوامل مانعة للمد الإرهابي و"لقاحا" ضد التطرف والظلامية.ولفتت شبكة "إيرين" في تقريرها إلى أن الجزائر بالرغم من موقعها المجاور لمناطق وبلدان تضررت كثيرا من ظاهرة التطرف، إلا أنها تعد البلد الأقل تعرضا في العالم للتجنيد الإرهابي. مشيرة في نفس السياق إلى أن التنظيم الارهابي المسمى "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش) يقوم بتجنيد مقاتليه عبر كافة بلدان العالم "باستثناء بلد إسلامي واحد هو الجزائر".وإذ ذكرت الشبكة الإخبارية العالمية المتخصصة في تغطية الأزمات الانسانية بأن الجزائر التي عرفت ماضيا يتميز بالنضال، تعتبر من البلدان التي تعد أقل عددا من حيث المجندين مقارنة بعدة بلدان أخرى بما فيها دول الجوار، استدلت بلغة الأرقام، لتؤكد بأنه مقارنة مع تونس التي تعد ما بين 6000 و7000 إرهابي تم تجنيدهم من طرف جماعات متطرفة خاصة "داعش" والمغرب الذي يعد ما بين 1200 و1500 مجند، فإن عدد المجندين من قبل هذا التنظيم الإرهابي في الجزائر أقل بكثير، ولا يفوق حوالي 200 إرهابي حسب تقديرات المجموعة الأمريكية "سوفان" الخاصة بنهاية سنة 2015.وردا عن تساؤل صاحب التقرير حول الأسباب التي جعلت بلدا كالجزائر التي عرفت عشرية من الارهاب، أقل استقطاب للتنظيمات الإرهابية، نشرت الشبكة العالمية تفسير داليا غانم يزبك المتخصصة في الإرهاب لدى مركز "كارنيجي" للشرق الأوسط، والتي اعتبرت فيه بأن التجربة التي عاشها الجزائريون خلال العشرية السوداء "لا تزال حية في الذاكرة الجماعية وتعد أحد أشكال الردع البسيكولوجي"، مرجعة سبب فشل "داعش" في الجزائر أيضا إلى كون البلد استثمر كثيرا في قواته الأمنية.في نفس السياق، ذكرت الباحثة بأن الجزائر تقوم بمهمة كبيرة، بإبقاء المراقبة على طول حدودها الشاسعة مع مالي وليبيا، لافتة إلى أن الجزائر تعتبر حاليا بلدا رائدا في إفريقيا في مجال قدرات التسلح وقواته الأمنية التي تفوق بكثير قوات المغرب وتونس وكذا فرنسا.كما أكدت في هذا الصدد بأن الجيش الجزائري "أصبح قوة هامة إذا أضفتم إليه قوات الشرطة والدرك وفروع الاستعلام"، مبرزة دور هذه المصالح الأمنية مشتركة في تجنيب الجزائريين الالتحاق بالجماعات الإرهابية مثل "داعش".وقدرت يزبك تعداد القوات الأمنية المجندة لهذه المهام بالجزائر بأزيد من 209 آلاف عنصر، وهو تعداد أكبر بكثير مما هو مسخر في تونس والمغرب وحتى فرنسا التي تضم عدد سكان أكبر من عدد سكان الجزائر ب25 مليون نسمة، حيث أشارت إلى أن المغرب يجند 46 ألف عنصر أمن فيما يقدر تعداد القوى الأمنية المجندة لهذه المهام بفرنسا ب143 ألف عنصر. منوهة بالجهود الكبيرة التي يبذلها الجيش الجزائري في تحصين البلاد من العناصر الإرهابية، ومنها تلك المنتمية لتنظيم "جند الخلافة" الذي أعلن ولاءه لتنظيم "داعش" واقترف جريمة اغتيال الرهينة الفرنسي "هرفي غوردال".وأكدت الباحثة يزبك أن الجيش الوطني الشعبي تمكن في ظرف لا يتعدى 3 أشهر بعد تلك الجريمة من القضاء على كل عناصر هذا التنظيم، كما قضى بعدها على الخلية الإرهابية التي خلفته، مبرزة بالمناسبة صعوبة المهام التي يؤديها الجيش الجزائري للتصدي للمد الإرهابي من الدول المجاورة في ظل شساعة المساحة وصعوبة التضاريس، خاصة في الصحراء.من جانب آخر، أبرز صاحب تقرير شبكة "إيرين" ضمن العوامل التي تحصن الجزائر من تغلغل تنظيم "داعش" الإرهابي، إسهام ميثاق السلم والمصالحة الوطنية في إعادة إدماج المغرر بهم داخل المجتمع وكذا إلى الأعمال التي قامت بها الحكومة من أجل محاصرة، ما أسماها ب"السلفية الراديكالية"، مذكرا في نفس السياق بإنشاء النقابة الوطنية للائمة "التي تعد درعا لصد الأيديولوجيات الدينية المستوردة".وإذ يبرز تقرير شبكة "إيرين" العالمية، أهمية العوامل التي تجعل الجزائر منيعة عن نفوذ التنظيمات الإرهابية والفكر المتطرف، والمتمثلة أساسا في الحس الوطني ومستوى الوعي الذي يتميز به الشعب الجزائري الرافض للعودة إلى الماضي وإلى سنوات المأساة الوطنية، علاوة عن فضائل سياسة السلم والمصالحة الوطنية التي جاء بها رئيس الجمهورية وسمحت بعودة المغرر بهم إلى المجتمع، والمساهمة في توعية الشباب حول خطورة الانزلاق في التعصب والعنف والفكر المتطرف، وكذا صمود الجيش الوطني الشعبي ومختلف أسلاك الأمن الأخرى في وجه آفة الإرهاب، وعزمه الثابت على تطهير أرض الجزائر من بقاياها، فإنه في الوقت نفسه يؤكد ريادة ونجاح التجربة الجزائرية في مكافحة الإرهاب والوقاية من انتشار الفكر المتطرف.كما يعكس تنويه التقارير الدولية بقوة الجيش الجزائري والمصالح الأمنية الأخرى في صد آفة الإرهاب، الحصائل النوعية التي حققتها هذه القوات في الفترة الأخيرة، والتي حظيت بإشادة خاصة من قبل رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي ثمن تفاني الجيش الوطني الشعبي في أداء مهامه الدستورية، وكذا النتائج الملموسة التي حققها في مجال تدمير ما تبقى من بؤر الإرهاب وإفشال المحاولات الخطيرة لإدخال كميات هامة من الأسلحة والمخدرات إلى التراب الوطني. مع الإشارة في هذا السياق إلى أن قوات الجيش كانت قد قضت على آخر العناصر في الخلية المنتمية للتنظيم الإرهابي الدولي "داعش" في عملية "الرواكش" بالمدية في جوان الماضي، والتي وضع خلالها حدا لنشاط 22 إرهابيا ينشطون ضمن هذه الخلية. وما ذلك إلا حصيلة جزئية من حصيلة شاملة شملت القضاء على أكثر من 100 إرهابي خلال السداسي الأول من العام الجاري، فيما لا تزال عمليات مطاردة بقايا الإرهاب متواصلة، بكل عزم وإصرار طبقا لما عبرت عنه قيادة الجيش الوطني الشعبي في مرات متعددة، "إلى غاية القضاء النهائي على كل الإرهابيين وتطهير كامل التراب الوطني من دنسهم".
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 02/10/2016
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : محمد
المصدر : www.el-massa.com