الجزائر

خلال ندوة صحفية حول عرضه المسرحي ''عودة العُبّاد"‏سيد أحمد قارة يقترح المسرح الصوفي للنقاش




أتحف جوق كريم بوغازي من تلمسان وجوق ''أنغام الأندلس'' من باريس سهرة أوّل أمس، الجمهور الغفير الحاضر بقصر الثقافة إمامة بتلمسان، بوصلات من الطرب الأندلسي، فبمناسبة تكريم الشاعر عبد السلام صاري في اليوم السابع من المهرجان المغاربي للموسيقى الأندلسية، قدّم جوق بوغازي مدائح نبوية من أشعار صاري حول سيدي أحمد التجاني، أمّا الجوق الثاني فقد أدى شذرات من الأغاني التراثية الأندلسية بقيادة أحد أحفاد الشيخ أمحمد شقيق الشيخ عبد السلام صاري.
استهل برنامج السهرة، الفنان كريم بوغازي الذي أمتع الجمهور بقطوف من الأغاني الأندلسية الضاربة في التراث الأصيل، حيث بدأ بمصدر في طبع ''المزموم'' بعنوان ''أن عشقتي في السلطان'' ثم تلاها بانقلاب ''جاركا'' وانقلاب ''موال''، ثم قدّم أغنية ''غاب عليا خيال موني'' من أشعار أحمد بن تريكي في طابع الحوزي، وواصل أداءه في الطابع ''غربي'' في أغنيتين الأولى بعنوان ''جار عليا الغرام'' للشاعر إدريس بن علي، والثانية ''قولو ليمينة تهليل للعثماني'' لصاحبها الشاعر المصمودي، ثم تابع بخلاص من كلمات الفنان مويزو الموسومة بـ''شحال بكات عياني''، وخلاص ثاني ''واحد الغزيل". وختم جوق بوغازي فقرته الموسيقية بمديح نبوي من كلمات الشاعر عبد السلام صاري ''بجاه التجاني''، وانتهى بمجموعة من الخلاصات. مع الإشارة إلى أنّ وزارة الثقافة وفي إطار ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية''، اقترحت على الفنان كريم بوغازي تسجيل العديد من نوبات الحوزي.وتخلل الحفل وقفة لتكريم الشيخ عبد السلام صاري، حيث استلم حفيده سيد أحمد صاري الشهادة الشرفية والتكريمية، وأعطى نبذة عن حياة جده الشاعر، حيث ولد المرحوم صاري عبد السلام بن الحاج مصطفى بن محمد بن الحاج بومدين بن صاري بتلمسان سنة 1876 بحي القلعة العليا، مسقط رأس عائلة بن صاري من الفلاحين والحرفيين، هاجرت عائلته مع ستة أولاد وبنتين إلى القاهرة حيث نشأ أخوه الأصغر أمحمد (الذي أصبح كذلك موسيقارا مشهورا بآلة الكامنجة والمتوفى في عام 1966)، ثم رجعت هذه العائلة إلى البلد الأم...
منذ صغره، كان عبد السلام يلازم المدرسة القرآنية وفي نفس الوقت يساعد أباه الذي كان نجارًا وصانعًا للبراميل، ثم عمل مساعدًا عند أحد الحلاقين، حيث بدأ يستمع إلى المطربين ويحفظ المقاطع من الموسيقى العربية الأندلسية، وتعلّم العزف على جميع الآلات التقليدية (الدربوكة، الناي، الكويترة، العود، الكمنجة) رفقة عدّة شيوخ ثم رفقة ابن عمه الشقيق المشهور الشيخ العربي بن صاري، الذي كان يرافقه في السهرات الموسيقية، وفي سنة 1900 شارك معه في المعرض العالمي بباريس ومن القاهرة أتى بآلة شرقية تدعى ''السنتير'' على شكل قانون والتي تحدث أصوات البيانو عن طريق الضرب بمسطرتين، وهو الفنان الوحيد المتمكّن من الآلة بكامل القطر الجزائري. أسّس فرقته الخاصة في وقت كانت تلمسان لا تعد إلا فرقي الشيخ العربي بن صاري والشيخ عمر بخشي والتي أضيفت إليها بعد مدّة فرقة الشيخ أحمد المدعو رضوان بن صاري، وقد احتضن طفلاً عمره خمس سنوات ببيته فعلّمه الدربوكة ثم الآلات الموسيقية الأخرى إلى غاية السن الثالث عشر، وقد أصبح هذا الطفل فيما بعد أستاذًا مشهورًا '' مايسترو'' ويتعلق الأمر بالشيخ عبد الكريم دالي...
وكان يتعاطى الموسيقى الصوفية الروحانية، وألف أشعارا في طابع المدح الديني تكريما لسيدي بومدين الغوث والشيخ سيدي أحمد التجاني، قدّمها في جميع أنحاء القطر الجزائري وحتى في المملكة المغربية، وبعد أن تعب من شدّة الرحلات الطويلة وكثرة السهرات الفنية، انسحب من الساحة الفنية قبل الأوان للتقاعد وتكريس جلّ أوقاته للعبادة والتأمّل، وفي سنة 1954 قام بأداء فريضة الحج برا، وقد وافته المنية يوم 17 جويلية 1959 في سن الثالثة والثمانين. وقد وُهبت دفاتره المخطوطة ومؤلفاته إلى نبيطه وهو الأستاذ الجراح والاختصاصي في الموسيقى المقيم حاليًا بمدينة هوستن بالولايات المتحدة الأمريكية، وهو يحيى الغول الذي أخذ بدوره المشعل وأسّس مع إخوانه بوهران الجمعية الموسيقية ''نسيم الأندلس".
وختم جوق ''أنغام الأندلس'' من باريس الفرنسية بقيادة عمر الدين بطواف، السهرة ببرنامج موسيقي متنوّع، بدأها بسلسلة ميزان انصراف عراق، ثم مدائح دينية. وتهدف الجمعية التي تأسّست سنة 1996 بباريس إلى النهوض بالموسيقى الأندلسية، فهي تتكوّن من رجال ونساء يشتغلون في مجالات مهنية متعدّدة يجمعهم الشغف بموروث أجدادهم من الموسيقى الأندلسية، ويرمون إلى التعريف بها في كلّ أرجاء أوروبا والعالم في مختلف المحافل الثقافية التي يشاركون فيها.

بدا المخرج سيد أحمد قارة في الندوة الصحفية التي نشّطها أوّل أمس بالمركز الدولي للصحافة بتلمسان، سطحيا في أبحاثه حول مفهوم الصوفية، خاصة وأنّه سيقدّم مسرحية ''عودة العُباد'' التي تتناول السيرة الصوفية لسيدي بومدين، حيث اعتبر أنّ التصوّف عقيدة وأنّ هناك أنواعا من الإسلام، في حين أنّ الصوفية هي نهج إنساني موجود في كلّ العقائد، وأنّ الإسلام دين واحد.
وحسب السيد قارة، فإنّه يحاول اقتراح نوع آخر من المسرح سماه بـ''المسرح الصوفي''، عبر شخصية سيدي بومدين الغوث في تجسيد الروابط الروحية بين الأولياء الصالحين والخالق، واقتصر مفهومه للصوفية على أنّها عقيدة دينية صرفة، وهو ما يعكس ضعف الأبحاث التي قام بها المخرج من حيث تحديد المفاهيم والمصطلحات، واتّخذ المخرج من عنصر التشويق ملاذا للإجابة عن التساؤلات المطروحة المتعلّقة بالصوفية، بمشاهدة المسرحية اليوم بمغنية بعد أن عرضت أمس بدار الثقافة ''عبد القادر علولة".
وقال المخرج أنّ ''عودة العُباد'' هو عمل مسرحي تجريبي انبثق عن ورشة تكوينية لإبراز المواهب والطاقات الشابة بمستغانم، وهي السياسة التي ينتهجها المسرح الوطني من أجل تكوين جيل متحكّم في أبجديات المسرح، وذلك في مجالات الموسيقى، السينوغرافيا، التمثيل والكوريغرافيا.
وفي هذا الصدد، قال مساعد المخرج مراد أوجيت، أنّ العمل استغرق إعداده 24 يوما وقد واجهتهم صعوبات، إذ أنّ التمرينات والتحضيرات تمت في قاعة للحفلات لمدة خمسة عشر يوما، وباقي الأيام تمت بالمسرح الجهوي لمستغانم. ومن الناحية الفنية، أضاف السيد أوجيت، ومن أجل إضفاء أجواء روحية، تطلّب الأمر الاستعانة بفرقة للعيساوة، لتجسيد - حسبه - البعد الروحي في مناجاة سيدي بومدين لله، وتقريب صورة اللقاءات الروحية بين أقطاب التصوّف على غرار سيدي عبد القادر الجيلاني.
يشار إلى أنّ المسرحية من إنتاج تعاونية ''البراكسيس'' لمسرح مليانة بالتعاون مع المسرح الوطني الجزائري، ويدخل العمل في إطار برنامج تظاهرة ''تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية .''2011



سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)