الجزائر

خشية الله بالغيب في ملتقى علمي وطني بأدرار :



خشية الله بالغيب في ملتقى علمي وطني بأدرار :
قال الله عزّ وجلّ: {إنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كبِيرٌ}، فالّذين يخشون ربّهم بالغيب هم الّذين يعرفون حقّ الله عليهم ومراقبته إيّاهم في السرّ والعلن، ويعلمون أنّه مطّلع عليهم مهما تخسّفوا وتستّروا وهم دائما مُنِيبُون إلى الله، كما في قوله: {مَن خَشِيَ الرَّحمنَ بالغيبِ وجاءَ بقلبٍ مُنِيب}.
إنّ إفراد الله بالخشية منزلة الأنبياء، كما في قوله سبحانه وتعالى: {الّذين يُبلِّغون رِسالات الله ويَخشَوْنَهُ ولا يخشون أحدًا إلاَّ اللهَ وكَفَى بالله حَسيبًا}. لأنّ خشية الله بالغيب، والإيمان بالغيب، أساس عمل المسلم كلّه، ومعاملاته، لأنّه بإيمانه بالغيب سيعمَل كلّ خير طَمَعًا في ثواب الله، قال تعالى: {ألم× ذلك الكِتاب لا رَيْبَ فيه هُدًى للمُتّقين× الّذين يُؤمنون بالغيب} البقرة:.1-3
وبمخافة الله بالغيب سيتجنّب كلّ سوء، فيسلم ويتحصَّل له ما قال الله تعالى عنهم: {مَغْفِرَةٌ وأجرٌ عظيم}، {مغفرة} من ذنوبه، {وأجرٌ عظيمٌ} على أعماله.
وعلى المؤمن أن يستذكر أنّ المراد بالغيب ممّا هو من جانب العبد لا سيّده، كما في الحديث في الإحسان: ''أن تعبُد الله كأنّك تراه فإن لم تكُن تراه فإنّه يراك''، وهذا الإحساس هو أقوى عامل على اكتساب خشية الله سبحانه.
وقد عاب الله تعالى أولئك الّذين يستخفون من النّاس ولا يستخفون من الله، ويخشون النّاس ولا يخشون الله: {فالله أحقُّ أنِ تَخْشَوْهُ إنْ كُنتُم مؤمنين}.
وخشية الله بالغيب هي علامة الصِّدق والإيمان والعلم بالله تعالى بأنّه السّميع البصير العليم الّذي لا تخفى عليه خافية، وكلّما كان العبد بالله أعلم كان له أخشى، ولذلك رفع الله تعالى مقام الخشية، فقال: {إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} فاطر:.28
ومن آثار هذه الخشية، مغفرة الذنوب ودخولِ الجنّة والأجرِ الكبير، قال الله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ لَهُم مغفرة وَأَجْرٌ كَبِيرٌ} الملك:,12 وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ} ق:.33
وقال الله تعالى في وصف عباده المتّقين: {الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ} الأنبياء:49، وقال سبحانه في بيان صفات الّذين يستجيبون لنذارة الرّسول: {إِنَّمَا تُنذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ} فاطر:18، ومَن خاف وقوفه أمام الله يوم القيامة للحساب كانت الجنّةُ مأواه، قال الله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى} النازعات:40/.41 وقال تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} الرّحمن:.46
ومن أنواع الانحراف في الخشية الّتي حذّرنا الله تعالى منها، هي تقديم خشية النّاس على خشية الله؛ أو أن يخشى النّاس كما يخشى الله، فيسكتُ عن الحقّ، أو يَتَكَلَّم بالباطل خشيةَ النّاس، أو خوفًا من ردّة فعل السلطان، أو ضغط أهل الباطل.. فيسكتُ عن بيان الحقّ أو يسكت عن النّهي عن الباطل، وأعظَمُ من ذلك أن يتكلَّم بالباطل خوفًا منهم.
كما أنّ خشية الله تعالى في العلانية قد يكون سببها رياء النّاس، ويكون في هذه الخشية شيء من الشِّرك، لأنّه يُرائي بها، كأن يتجنّب المعاصي أمام النّاس، لكنّه يفعلها عندما يكون وحده، فهذا يخشى النّاس وليس الله عزّ وجلّ، لكن إذا كان يخشى الله في مكان لا يطّلع عليه إلاّ الله فهذه هي الخشية الحقيقية.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)