الجزائر

خرّيجو الجامعات.. بين الأحلام والتحدّيات



خرّيجو الجامعات.. بين الأحلام والتحدّيات
نهاية المشوار الدراسي نقطة تحوّل أساسي
خرّيجو الجامعات.. بين الأحلام والتحدّيات

تُعدّ مرحلة التخرج من الجامعة نقطة تحول في حياة الفرد حيث يترتب عليها العديد من التوجهات والقرارات المستقبلية تعكس الحلم أو بالأحرى الأحلام وهو ما يتطلع إليه الخريجون من فرص عمل نجاح مهني واستقلال مادي فيتخيل العديد منهم الحياة والوظيفة المثالية التي تتناسب مع تخصصهم راتب مغري بيئة عمل داعمة وتطور مستمر.
ويرى كثير من الخرّيجين أنفسهم يطبقون معرفتهم بشكل عملي ويحققون النجاح المهني مسهمين في المجتمع بطريقة إيجابية.. ويتصورون استقلالهم المادي وقدرتهم على بناء حياتهم الخاصة وتحقيق أهدافهم الشخصية متفائلين بمستقبل مشرق مليء بالنجاحات والإنجازات لكنهم فور إمساكهم لشهادة تخرجهم والبدء في رحلة البحث يصطدمون بواقع محبط مليء بالخيبات يتجلى في البطالة أو ندرة الفرص المناسبة لتخصصاتهم.. سوق عمل قد يكون متشبعا بالخرّيجين مما يؤدي إلى منافسة شديدة على الوظائف فجوة بين الدراسة والعمل حيث قد لا تتناسب بعض التخصصات مع احتياجات سوق العمل الحالي ما يصعّب إيجاد وظيفة تتناسب مع التخصص أو عدم كفاية الخبرة حيث تفضل العديد من الشركات العقلية التقليدية التي تتطلب الخبرة العملية مهملة المتخرجين الجدد بدون أن تركز على قدراتهم وإمكانياتهم بالإضافة إلى التحديات المالية فقد يواجهون ضغوطات مالية خاصة إذا كانوا مكلفين بتسديد نفقاتهم المعيشية ومن هنا تبدأ أولى أحلام الخريجين بالتكسر والتبخر لتبدأ سلسلة التنازلات بالتدرج من وظيفة مرموقة بالمؤهل العلمي الذي يملكه الخريج ليصل إلى القبول بما هو متاح في سوق العمل وغالبا ما يكون هذا المتاح لا يتطلب أي مستوى علمي.
فنسبة الخريجين الجامعيين في الجزائر تزداد عاما بعد عام لكن نسبة الوظائف الشاغرة لم يطرأ عليها التغيير كثيرا حيث أصبح النمو السنوي للخريجين أكثر من نمو الوظائف الجديدة وهنا ينقسم الخريجين بحسب أوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وطموحاتهم فالبعض يفضل أن ينتظر الحصول على وظيفة الأحلام التي لازمت أحلامه وتخيلاته منذ صغره أو طيلة مشواره الجامعي والتي تحقق هدفه بالوضع المادي والمكانة الاجتماعية المرموقة والبعض الآخر يستبعد فكرة الانتظار ويتجه إلى خيارات أخرى منها التدريب بالالتحاق ببرامج التدريب المهني لتطوير مهارات عملية تناسب احتياجات سوق العمل والمشاركة في برامج التطوع لاكتساب الخبرة العملية وشبكات التواصل وبناء شبكة علاقات قوية مع مختصين في مجالاتهم من خلال حضور فعاليات والانضمام إلى المنظمات تطوير المهارات التقنية والمهارات الشخصية مثل اللغات الأجنبية كالإنجليزية والفرنسية والتواصل والبحث عن فرص العمل خارج المجال الرئيسي والاستعداد لقبول وظائف بدءا من المستويات الدنيا للوصول إلى وظيفة الأحلام.
كما لا ننكر أن للعائلة والأصدقاء دورا أساسيا في تحديد هوية الفرد بعد التخرج حيث يتأثر بالمحيطين به وأيضا من خلال الاستشارات والنصائح التي يتلقاها منهم حيث تلعب هذه الأخيرة دورا في اتخاذ قراراته.
محمد أمين ب واحد من آلاف الخريجين الجامعيين حامل لشهادة الليسانس في القانون الخاص وشهادة ماستر في القانون الجنائي وهو من أوائل دفعته بمعدل 19 وهو يتقن بجانب اللغة العربية اللغتين الفرنسية والإنجليزية حيث صرح لـ أخبار اليوم بأنه تفاجأ بعد تخرجه بمرحلة لم تكن في الحسبان خاصة وأنه يحمل شهادة ماستر وهي شهادة عليا فاليوم هو يعمل جزارا في أحد محلات بيع اللحوم إذ اضطر لدخول هذا المجال للهروب من شبح البطالة. ولحد الآن لم يجد عملاً يتناسب مع تخصصه الذي اختاره بوعي واقتناع قبل خمس سنوات بهدف الدخول إلى قطاع العدالة والقانون من أوسع أبوابه بواسطة مستواه التعليمي العالي.
وقال الشاب محمد أمين إنه يشعر بالتشاؤم لوجوده في بلد تتفاقم فيه البطالة وتنعدم فيه الآفاق وهو يخطط للهجرة التي أصبحت الحل الأفضل له للعيش الكريم بنظره كون فرص العمل أفضل هناك والرواتب أكثر وأضاف أيضا أن أغلب أصدقائه المتخرجين يفكرون نفس التفكير لأنه ليس من السهل أن تدرس خمس سنوات تخصصا معينا في الجامعة وتُلم بجميع جوانبه بعدها تتخرج وتصطدم بسُور البطالة العظيم.
محمد أمين حاله حال الآلاف أو ربما مئات الآلاف من المتخرجين اليوم الذين يعملون في مجال غير مجالهم مضطرين إلى ذلك براتب أقل بكثير مما يستحقونه نظرا لتعبهم ومجهوداتهم الدراسية وأعباء التنقل للجامعات ومصاريف أثقلت كاهلهم...
وتبقى معالجة مشكلة الخريجين الجزائريين تحديا مهما يتطلب من الحكومة والمجتمع العمل معا لإيجاد حلول فعالة ويجب أن يصبح التركيز على توفير التعليم والمهارات المناسبة والفرص المتاحة بالإضافة إلى القضاء على المحسوبية هدفا مشتركا لتحقيق مستقبل أفضل للخريجين الجزائريين وإعادة إحياء آمالهم بتحقيق أحلامهم.


ـ بلقاسم سمية




سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)