الجزائر - A la une

حكومات ومؤسسات تعاقبت على الحكم في الواجهة



حكومات ومؤسسات تعاقبت على الحكم في الواجهة
يستعرض الدكتور عمار بوحوش أستاذ بجامعة الجزائر 3، في كتابه “التاريخ السياسي للجزائر منذ 1962 إلى يومنا هذا” والصادر عن دار البصائر الجديدة للنشر والتوزيع سنة 2014، سياسات الجزائر في الماضي والحاضر، بحيث ترجع فكرة كتابة هذا المؤلف القيم إلى سنة 1974 حين زار رئيس دولة رومانيا الجزائر حاملا معه كتاب كبير الحجم بعنوان “تاريخ رومانيا”، وأهدى نسخة منه لرئاسة الجمهورية، حسب ما أفاد به بوحوش في مقدمة الكتاب ومنه كانت الحاجة الملحة لهذا الانجاز الهام.أضاف الأستاذ الجامعي ل«الشعب”، أن، هذا الكتاب أثار إعجابه وبعد قراءته فكّر في تأليف كتاب يبيّن أمجاد الجزائر والمؤسسات السياسية والعسكرية و الإقتصادية، التي تمّ تشييدها على مرّ العصور ، وكذلك التعرف على أسباب نجاح وسقوط الأنظمة السياسية التي تأسست ببلادنا ، لوقت قصير أو اندثرت أو تلك التي بقيت شامخة، بحيث طرح الفكرة على الأمين العام للرئاسة الدكتور محمد الأمير آنذاك الذي بارك هذا العمل، وشجعه على القيام بهذه المهمة. اعتبر بوحوش المشروع بمثابة حلم راوده، لكنه صعب التحقيق قائلا: “لهذا فإنني أعتز بتحقيق هذا الحلم ولو بعد فترة طويلة من البحث، عن المراجع وقراءات الوثائق وجمع المعلومات استغرقت أربعين سنة (1974-2014)”.وفي هذا السياق أوضح المؤلف ، أن الكتاب يهدف إلى التعريف بسياسات الجزائر ماضيا وحاضرا، وهو تتمة لكتاب أخر صدر سنة 1997 ببيروت، منشور من طرف دار الغرب الإسلامي وهو بعنوان “ التاريخ السياسي للجزائر منذ البداية ولغاية 1962”، وتعرض فيه إلى جميع الحكومات والمؤسسات التي تعاقبت على حكم الجزائر منذ 800 سنة قبل الميلاد المسيحي إلى غاية 1962، ثم تلاه هذا الكتاب لمعالجة الفترة الممتدة من 1962 إلى غاية 2014.ما يميز هذا الكتاب حسب المؤرخ - أنه أكاديمي اعتمد فيه على مختلف المراجع بالعربية والانجليزية والفرنسية، والتوثيق الذي يعد أهم عنصر في هذا الكتاب، كونه يشتمل على الحجج والإثباتات والبراهين التي تؤكد أن هذه الدول وسياساتها بالجزائر، قد تواجدت بهذه المنطقة بشمال إفريقيا وأن المعلومات موثقة وحقيقية ومن عنده أي شك في معالجة أية فترة، فعليه أن يرجع إلى الوثائق التي أعتمد عليها في بحثه ويتأكد من صحّة المعلومات الواردة في هذا الكتاب الجامعي، أضاف الأستاذ الجامعي.قال الدكتور أيضا أن الكتاب، تمّ إعداده للطلبة والباحثين والراغبين في التعرف على مؤسسات الدولة الجزائرية في الماضي والحاضر، والتعرف على الأحداث الهامة التي مرّت بها هذه المنطقة الإستراتيجية من شمال إفريقيا، كما أنه يوضح نوعية المؤسسات ووظائفها ونجاحها أو فشلها في حماية الدولة الجزائرية، من الأزمات والعواصف التي هبّت على منطقة المغرب الأوسط والمحافظة على كيانها وسيادتها.وأشار الكاتب في هذا الإطار، إلى أن قراءته لآلاف الوثائق والمراجع بالعربية والإنجليزية والفرنسية لا يعني أنه تطرّق إلى كل شيء في هذا الكتاب الوجيز عن الجزائر، لأن هناك جوانب لازالت غامضة والوثائق ناقصة والسرية مضروبة حولها، ومن حق السلطة في الجزائر أو أي بلد آخر أن تعترض على نشر أية معلومات حساسة، قد تلحق الضرر بالمصلحة الوطنية أو بوحدة الشعب الجزائري، على حدّ قوله، ولهذا فإنه تجنب الخوض في قضايا مثيرة للجدل، وركز بصفة خاصة على الخطوط العريضة للمواضيع التي تعرض لها بالبحث والتنقيب.مرجع قيم لإثراء بحوث الطلبة والباحثينأضاف د. بوحوش أن عدم التوسع أو التعمّق في تحليل قضايا حيوية، نظرا للرغبة في الاختصار وعدم تضخيم حجم الكتاب يعني أن المجال مفتوح للمختصين في كل موضوع كي يتوسعوا فيه، ويزودون القارئ بالحقائق التي بحوزتهم، مشيرا إلى أنه ينبغي الإقرار بأن أرشيف الجزائر ضعيف وأن الفرنسيين هم الذين يملكون معظم الوثائق السرية والعلنية عن شمال إفريقيا وفي إمكانهم إثراء البحوث العلمية، أما نحن فإننا نواجه نقصا وشحا في الوثائق، وبطبيعة الحال هناك العديد من المسؤولين الذين عايشوا الأحداث ويعرفون تفاصيل دقيقة غير متوفرة، لباحث أكاديمي يملك سلاحا واحدا هو سلاح الوثائق المنشورة في الكتب والمجلات العلمية.وحسب المؤلف، فإن القارئ سيلاحظ أن هذا الباحث يكتب بموضوعية واستقلالية، ويحرص على عدم خدش سمعة أية شخصية أو مؤسسة وطنية، وأن هدفه ليس إبراز محاسن أناس أو التقليل من قيمة أناس آخرين، فالأحداث الواردة في هذا الكتاب مستوحاة من رؤية المؤرخ، حسب معلوماته وقناعاته ومن حق أي إنسان أن يتفق أو يختلف مع المؤلف، في أي موضوع ومن لم تعجبه أرائه فإنه يستحسن أن يدون بنفسه الأحداث ويأتي بالأفكار المغايرة والآراء البديلة ، أضاف الكاتب.وأبرز الأستاذ الجامعي بالمقابل، أن التحضير لهذا الكتاب كان باللغة الانجليزية وأنجز فيه شوطا معتبرا، غير أنه غير رأيه في الموضوع وقرر أن يحرره بلغة الضاد لأن الطلبة والباحثين في الجزائر والعالم العربي يحتاجون إلى مرجع أساسي باللغة العربية في هذا الموضوع، علما أن النسخة الأولية باللغة الإنجليزية لهذا الكتاب منشورة في مجلة التاريخ المغاربي الصادر في جويلية 1978 ، وفي كتاب آخر بعنوان “أبحاث ودراسات في السياسة والإدارة” الصادر سنة 2007. أملا في أن يكون قد وفق في إثراء معلومات الطلبة والباحثين، في مجال التاريخ السياسي للدولة الجزائرية وتعريف القارئ بما أنجزه القادة الذين تداولوا على السلطة في الجزائر، ويدركون أن ما نتمتع به من حرية وكرامة وثروات باطنية تحقق بفضل كفاح ونضال أجيال من المواطنين، الذين ضحوا بأموالهم وجهودهم وطاقاتهم من أجل أن يتحرّر الجزائريون من الظلم والاحتلال الأجنبي، على حدّ تعبيره.وقال د. بوحوش: “أتمنى أن يقتدي قادتنا بقادة رومانيا الذين زاروا الجزائر سنة 1974 وزودونا، بكتابهم الشيق حول تاريخ روما وأن يترجموا هذا الكتاب إلى عدة لغات أجنبية، ويوزع على المكتبات وكبار المسؤولين في الدول التي تزورها وفود رسمية ليعرف العالم، أن للجزائر تاريخ عريق وحضارات إنسانية قديمة تركت بصماتها”. وتجدر الإشارة، إلى أن هذا الإصدار يحتوي على 13 فصلا وكل فصل يضم عدة محاور ، بحيث تناول الفصل الأول التطورات السياسية بالجزائر في عهد الرئيس الراحل أحمد بن بلة من 1962 إلى 1965، وفيه يستعرض المؤرخ انتخابات المجلس الوطني التأسيسي وتشكيل حكومة جديدة، والصراع على قيادة الحزب بين رئيس الحكومة والأمين العام لجبهة التحرير الوطني، والصراع السياسي بين الفقيدين بن بلة وأيت أحمد وغيرها من المحاور. في حين الفصول الباقية تناولت نظرية بناء الدولة عند هواري بومدين، وتقوية الجهاز البيروقراطي لتنفيذ سياسات الدولة، والشاذلي بن جديد يدشن سياسة الإنفتاح، الإصلاحات الإقتصادية والتحولات الصعبة في الجزائر، تغيير المسار السياسي والتوجه نحو التعددية الحزبية في الجزائر، المجلس الأعلى للدولة يتولى عملية تصحيح المسار السياسي، البحث عن قيادات ذات مصداقية للحوار وإنهاء العنف، إعادة بناء مؤسسات الدولة في عهد الرئيس اليمين زروال، تقوية النظام السياسي وبسط النفوذ الرئاسي، كما يعطي نظرة شاملة عن المراحل الحاسمة في التاريخ السياسي الحديث للجزائر.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)