الجزائر

حكمة عطائية



حكمة عطائية
يقول ابن عطاء الله السكندري :”كيف يشرق قلب صور الأكوان منطبعة في مرآته،أم كيف يرحل إلى الله وهو مكبل بشهواته،أم كيف يطمع أن يدخل حضرة الله، وهو لم يتطهر من جنابة غفلاته،أم كيف يرجو أن يفهم دقائق الأسرار وهو لم يتب من هفواته”يقول ابن عطاء الله السكندري:”لا تصحب من لا ينهضك حاله، ولا يدلّك على مقاله”
كثيراً ما يطرح أحدهم السؤال التالي متلهفاً، لقد أكرمني الله بالهداية بعد الضلال، والتزمت أوامره بعد طول إعراض وشرود، ولقد عزمت على الابتعاد عن نواهيه، ولكن الغريزة البشرية ما تزال تهتاج بي، وتسوّل إلّى المحرمات، وتدفعني للرجوع، إليها، وأجد نفسي ضعيفا أمام هذا الصراع، فما الملاذ وكيف الخلاص؟
أعتقد أن الجواب عن هذا السؤال في أكثر الأحيان، واحد، هو هذا الذي يقوله ابن عطاء الله!..
إن المناخ الذي يحيط بالإنسان الذي هداه الله (لاسيما إن كان شابا) يلعب دوراً كبيرا في تثبيت هدايته أو في بعث عوامل الاضطراب، والضعف فيها. فإن كان الناس الذين من حوله، يشكلون المناخ الذي يتحرك وينشط فيه، من الصالحين المستقيمين على أوامر الله، ومن الذين فاضت قلوبهم بمشاعر العبودية لله، فلسوف يزداد هداية وحباً للاستقامة، وتقرباً إلى الله عز وجل، وكراهية للحال التي كان عليها من قبل.
وإن كانوا من أصحابه التائهين الذين كان يلقاهم ويسامرهم على موائد اللهو والعصيان، وكانوا لا يزالون يتهيون في انحرافاتهم وغيهم، فلسوف يلقى من صحبتهم عنتاً كبيراً، ولسوف يثور بين جوانحه الحنين إلى ماضي فسوقه معهم، ولابدّ أن تمتد من ذلك ظلل من الضيق إلى قلبه وأن تهتاج عاصفة من الرغبات داخل غرائزه، فيقوم بين جوانحه صراع، الله أعلم بنتائجه. والمشكل أن في الناس من لا يعلمون،أن من وراء المادة المرئية أسرارًا تدُقُ عن الرؤية والرصد، تفعل أفعالها الهامة والخطيرة في الكيان، وأن لكل من الفسوق الذي يتراكم ويهيمن على النفس، وللتقوى ومشاعر العبودية الواجفة لله، إذ تهيمن هي الأخرى على النفس، جاذبا خفياً عجيباً، أشبه ما يكون بالذي أودعه الله في هذا المعدن الذي نسميه ”المغناطيس”
إنَّ لله تجليات على عباده.. له تجليات رحمة يقبل بها على المتحقيقين بمعاني العبودية له عز وجل، التزاماً وذكراً وتعظيماً ومهابة وحباً، واستغفاراً وتوبة عند كل إساءة وتقصير.. وله تجليات مقتٍ يقبل بها على السادرين في غيهم، العاكفين على فسقهم،المستخفين بشرائع ربهم..
...(يتبع)
المرحوم الشيخ سعيد رمضا ن البوطي(بتصرف)


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)