*- 18 حكاية تحكي الحياة وتسبر غور النفس البشرية
صدر حديثا عن دار الإبريز للنشر كتاب جديد للكاتبة الراحلة في زمن الإبداع والعطاء، مريم مازة المعروفة لدى مقربيها ووسطها المحب "ميمي"، كونها تحمل ميمين في اسمها الشخصي ولقبها العائلي، عنوانه "حكاية اللقلق"، نشر المجموعة القصصية نيابة عنها والدتها التي لا تزال على وقع الذكرى، الحكايات الفلسفية كما كانت تحب تسميتها.
هي مجموعة قصصية جميلة "حكاية اللقلق" واحدة منها اتخذتها عنوانا لمولودها الأدبي، الذي يضم 18 نصا طافحة بالذكرى، هي حكايات وواقع داعبت الذاكرة وخطتها أنامل الإبداع. تعد هذه الفتاة استثنائية في تنقلاتها التي قادتها إلى عديد عواصم العالم من أجل استكمال تكوينها العلمي، تكاد لا تهدأ، الحركة ديدنها تجوب البلدان للتحصيل.
حمل الكتاب كلمة افتتاحية لجلال الدين الرومي قد يكون من وضع الناشرة "قل لي ما تسأل أقول لك من تكون، إن كنت تبحث عن مسكن النفس فأنت النفس، وإذا كنت تبحث عن قطعة رغيف فأنت رغيف، وإذا استطعت القبض على ذلك الشيء اللطيف ستفهم أن الشيء الذي تبحث عنه فأنت ذاك الشيء".
جاء في تقديم الكتاب بقلم "أندي بريرا" من الجامعة الهولندية، هذه النصوص تعبر عما في نفسية وروح مريم مازة أو ميمي كما كان الكل يناديها، وهو سرد لتجارب جد حية ميزت حياتها وجعل منها الإنسانة الرائعة والمتفهمة والتي لامس هذا الشعور كل من اقترب منها من بعيد أو من قريب.كانت تضيء كما الشمعة بحياتها دفئا ونورا لإنارة حياة الآخرين والأفكار العميقة التي يكتنزها هذا الكتاب جاءت بحيوية كبيرة تجعلنا نعايش الأحداث التي مرت بها ونعرفها عن قرب، كنت أرى وأنا أستاذها في البيولوجيا النباتية كيف كانت معجبة مشدوهة لفكرة إيجاد نباتات بإمكانها أن تعيش في وسط جاف أين ينذر الماء وهو شيء مهم للجزائر البلد الذي كبرت فيه، وسنين بعد ذلك لا نزال نواصل عملا من الواجب إتمامه.
أول حكاية في الكتاب هي "الطفولة الصغيرة" وتحكي القصة عن الميلاد لشخص محند ابن أمقران ونشأته في وسطه الأسري وكيف شب وسط محيطه وصار موضع احترام الجميع، الاحترام الذي كان نتيجة الخوف وليس المحبة هذه التي تدعو إلى الاستخفاف، وهو فرح جدا بجسمه الكبير الذي وهبته إياه الحياة، الوالدان، الله –كما تقول الكاتبة-، هذا الحجم الهائل وسط الفراغ يجعله يسود، يفرض نفسه بجلاء وعظمة، وهو سعيد بذلك، فالناس تقول الكاتبة يواصلون التفكير بنفس عقلية أسلافهم الديناسورات في أعمالهم البيدائية، فالحيوانات المفترسة لا ترى شكل الفريسة المفترضة إلا كمجموعة من اللطخات فكلما كانت صغيرة كانت فريسة فعلا، وكلما زاد الحجم وعظم عرف الحيوان أنها المفترسة.
خلال فترة طفولته كانت جدة محند تريده أن يلعب مع الآخرين، لكنه كان يتحاشى ذلك كونه يتكلم لغة قبائلية في الوقت الذي يتكلم الأطفال الآخرون العربية، الذين كانوا يواجهونه بضحكاتهم وأنه رائحة زيت الزيتون تنبعث منه الذي يستعمل في الأكل والتدليك وحال المرض، لذلك كان يمتنع عن أكل الزيت واستعمالهم، كان يرى الآخرين مثل الماء بينما يمثل هو الزيت، وحتى لو اختلط بهم سيبقى منفصلا كما الماء والزيت.
الحكاية الثانية عن "الشارع الأسود والأبيض" والثالثة عنوانها "المدرسة" أما حكاية "اللقلق" فهي جميلة تعبر عن حب الطفل محند واقترابه من عالم الطيور، فهو يتتبع طائر اللقلق ويبشر الجميع في عائلته بمجيئه إلى البلدة واختياره عمود الهاتف لبناء العش، مجيء اللقلق الذي يصادف قدوم الربيع وهو لا يفهم سر فرحه بهذا الطائر وقدومه، تقول له جدته أن اللقلق كان إنسانا ولكونه غسل أو توضأ بالحليب مسخ وتحول طائرا وهو مع عدم تصديقه لهذه الرواية إلا أنه يعتبر اللقلق كما الإنسان أو كعم محبوب يعود بعد سفر طويل، اللقلق رسول الربيع وزهور الخشخاش.
وهناك قصص أخرى وحكايات طريفة وجميلة يتجلى فيه الذكاء وميل الكاتبة إلى عالم الطيور والحيوان والاحتفاء بالطبيعة، من بينها الرجل الثالثة، الحمام، قاذف النواة، ابن الشهيد، الدب والمثلث، كبشان وحناء، الزغاريد، القميص، الغرافيتي الكتابة على الجدران، الغوريلا، الفهد وابن أوى، ابن أوى، الوحدة، سفري إلى مصر.
للعلم فإن مريم مازة من مواليد الجزائر العاصمة درست البيولوجيا الخلوية والنووية بجامعة سطيف ثم علم الجينات المورثات بجامعة باب الزوار لتتحصل على ماجستير في الكيمياء العضوية بجامعة بجاية، سافرت بعدها إلى "شانيا" بجزيرة كريت اليونانية عند تحصلها على منحة دراسية من قبل معهد الهندسة الزراعية لتتحصل على ماستر في "بيو تكنولوجيا" التكنولوجيا الحيوية، لتنتقل وتعمل بإحدى المخابر الهولندية وتكون في تلك الفترة من سنة 2003 من ضمن 12 الأوائل في العالم، وها هي تتحصل على منحة أخرى في جامعة "ماك جيل" بكندا وليسانس في الإسبانية من جامعة كونكورديا، بالموازاة مع ذلك أخرجت فيلمين وثائقيين "مونتريال هي أنا" و"صوفيان في مونتريال"، وخلال مرورها الوجيز ب"كنال ألجيري" أخرجت وثائقيا ثالثا هو أول فيلم عن العمالة الصينية في الجزائر، كما ساعدت المخرج كوستا غابراس في فيلمه "مون كولونال" العقيد، كما كتبت في العديد من الصحف اليومية بكندا والجزائر.
سافرت إلى كرديف البريطانية في 2006 للتحصل على شهادة في علوم الاتصال بتقدير ، وفي 31 من ذات السنة سافرت إلى مونتريال لتعيش يوما واحدا وتسلم الروح هناك، ويعد كتابها الحكايات الفلسفية كتذكار لشخص استثنائي
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 07/02/2018
مضاف من طرف : presse-algerie
صاحب المقال : خليل عدة
المصدر : www.eldjazaireldjadida.dz