الجزائر

حصادنا وحصاد الآخرين



 ليس مهمّا الآن معرفة عدد السيارات التي نقلت أفرادا من عائلة القذافي إلى الجزائر، ولا كيفية دخول هذه السيارات ولا المعابر التي سلكتها حتى عبورها الحدود، ولا عن أسباب إبلاغ رئيس الجمهورية الأمين العام للأمم المتحدة عن وصول هؤلاء، وليس مهمّا إن كان هؤلاء من المطلوبين لدى ثوار ليبيا، أو مجرد نساء وأطفال، أو إن كان قدومهم للجزائر بهدف الإقامة في انتظار ما تخبئه لهم الأقدار، أم بنية العبور إلى بلد ثالث، وليس مهمّا الآن إن كان حنبعل القذافي المتهم بالتورط في ممارسات مالية مشبوهة قبل سقوط والده العقيد، كان واحدا من الذين دخلوا بلادنا، كما جاء في البيان الأول لوزارة الخارجية، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد خطإ وقعت فيه وزارة مراد مدلسي... كل هذا ليس مهمّا الآن، وإنما المهم هو كيفية تجاوز هذا التخبط الذي لا تحسد عليه دبلوماسيتنا... ونعتقد أن تجاوز الحالة التي وجدت عليها الجزائر نفسها بعد انهيار نظام العقيد تتطلب أولا وأخيرا كشفا بما حققه كل المعنيين بالأحداث التي عصفت بليبيا منذ السابع عشر فبراير الماضي حتى الآن... كشفا بما حققه الآخرون وما حققناه نحن، حتى نتعلم على الأقل حسابات الربح والخسارة في السياسة الخارجية... هذا إذا كنا ندرك أن المستقبل هو المهم وليس الماضي ولا حتى الحاضر.
لا شك أننا لن نأتي بالجديد ولن نكتشف شيئا إذا قلنا بأن فرنسا أولا وإيطاليا ثم بريطانيا وتركيا، هي من ستتولى إعادة إعمار ما دمّرته طائرات الحلف الأطلسي، وبالتالي فإن قدرات النمو الاقتصادي في كل من الدول المذكورة، خاصة فرنسا وإيطاليا، سترتفع بنسب معينة، وهو ما يمكـّن هذه الدول من تجاوز أزمتها المالية وأزمة الركود الاقتصادي وضآلة نسبة النمو التي تعانيها جراء الأزمة العالمية التي يتخبط فيها العالم، كما أن دولا أخرى مشابهة لنا مثل تونس ومصر ستجد مع استقرار الأوضاع سوق عمل هامة وواسعة لامتصاص أعداد البطالين بهذين البلدين العربيين... فماذا حصدنا نحن غير نظرة عامة الليبيين إلينا على أننا كنا نساند مُصادر حريتهم وقاتلهم.
لقد سبق وصرح وزيرنا للخارجية، مراد مدلسي، بأن المجلس الوطني الانتقالي لن يصل إلى حكم ليبيا، فماذا يقول الآن... لم يكن مطلوبا من الجزائر أن تعادي طرابلس وعقيدها، وإنما كان من مصلحتها أن تمد يدا باتجاه مصطفى عبد الجليل ومن معه من المنشقين عن القذافي، وليس بقية الأعضاء الموصوفين بالمتشددين الإسلاميين أو الديمقراطيين القادمين من روما الإيطالية، لكن أن تعتنق مبدأ ''هذا وبس'' فذلك ما لا يمكن قبوله وتقبله ولا حتى تفسيره وتبريره... حتى روسيا اعترفت، يوم أمس، بالمجلس الانتقالي، أما الجزائر فلا زالت تتحدث عن شروط... موقف لا يدعو للدهشة والاستغراب فقط وإنما للضحك.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)