الجزائر

"حسني، كوكب عشق يتدلى".. سعيد خطيبي يبعثُ روح المرحوم من وراء الكلمات




*- شهرة حسني فاقت رجالات السياسة والدين والثقافةكرّم الكاتب سعيد خطيبي، مغني الراي الراحل "الشاب حسني"، من خلال كتاب يروي فيه سيرته بعد عقدين من اغتياله، حيثُ يتناول الكتاب جوانب مختلفة من حياة المغني الراحل ومسيرته الفنية."حسني، كوكب عشق يتدلى"، هكذا كان العنوان الذي اختاره خطيبي ليقدّم صورة جمالية تعكس محتوى الكتاب الذي اعتمد على جمل وصفية للمرحوم، وكذا نصوصا نثرية تميل إلى الوصف الشعري والتعبير المُركز على المشاعر، فهو يعترف منذ البداية أن كلمات حسني ساحرة ولم تكن لتُؤدّى بغير صوته الفريد، واصفا إياها بأنها مساحة حرة للجدل وتبادل الرأي، تؤكد بعضها على الرفض، وأخرى تتحدث عن الطعن، وأخرى تستوجب التكرار، هي كلمات من صلب العادي كما قال الكاتب آتية من قاموس الشارع بطبقاته وتراتيبه، كأن تسمع "مازال سوفونير عندي"، "ما تقوليش راه نساني"، "مازال تصاورك عندي"، وغيرها، فهي لغة مجردة من التكليف خالية من الحشو اللفظي والابتذال العاطفي.ويصفُ خطيبي في 118 صفحة، المرحوم حسني بأنه مزيج من البطل الشعبي القادم من الأوساط الشعبية البسيطة والمتواضعة والبطل الوطني الذي يزاحم رجالات البلد السياسية والثقافية، من خلال تطرّقه للأوضاع السياسية في أغانيه خاصة عندما أُطلقت إشاعة بأنه توفي فغنى "ڤالوا حسني مات"، غير أنه اغتيل بعدها، ومن خلال المكانة التي حظي بها في ثقافة المواطن والتي تجاوزت حضور المثقفين في حد ذاتهم.ويقرّ خطيبي، أن الراحل لا ينتمي إلى عالم الخرافة وهو ليس شخصية هاربة من القصص القديمة، ولا حتى شاهدا على بطولات قومية أو انتصارات عابرة، بل هو أكثر من ذلك، فهو تعبير صريح عن مرحلة معينة وناطق باسم عشرية التسعينيات، وأفضل من عبّر عما يريده الشاب الجزائري بعد 5 أكتوبر 1988.أصرّ الكاتب، أن يذكر التواريخ في سرده للأحداث التي مرّ بها المرحوم حسني وللإشارة إلى تلك الفترة الحرجة التي كانت سبب إخماد صوته للأبد، فذكر أن حسني ولد في العشرية الأولى التي تلت الاستقلال، وكبر مع جيل حلم طويلا بجزائر مختلفة قبل أن يفاجأ بأحداث أكتوبر، وتردّي الوضع الأمني بداية التسعينات لتُخمد روحه أيام حكم الجنرال اليامين زروال الذي تسلم الحكم مؤقتا بداية سنة 1994 قبل فوزه بكرسي الرئاسة نوفمبر 1995.وأظهر خطيبي أن حسني لم يكن متعلقاً بمسقط رأسه ولم يتغنى به خلافا عن أحمد وهبي والشاب خالد، فلم تُغرِه "الحمري" أو "ڤمبيطا"، واقتصرت حميميته على علاقته بالناس وليس بالمحيط.خطيبي، جمع أيضا بعض الشهادات عن المرحوم على غرار "هواري الدوفان" الذي صرح أن حسني كان يفكر في الهجرة نهائيا من الوطن قبل أسابيع من اغتياله بسبب تردّي الأوضاع الأمنية في البلاد بعد موجة الفتاوى التكفيرية التي كانت تصدر تباعا وتدعو إلى تصفية الفنانين والكتّاب والصحفيين.وجمع أيضاً شهادات من المقربين منه الذين أكدوا أن حسني كان يدير ظهره باستمرار لأصحاب القرار من منطلق قناعته بأن محاباتهم ليست سوى إنقاص من قيمة الفنان في عين الجمهور.المرحوم حسني الذي لم تتجاوز مسيرته الفنية ثماني سنوات، استطاع أن يجعل منها حافلة بالإبداع حصد بعدها شهرة لا تزال إلى غاية اليوم، فهو خلال تلك الفترة تجاوزت شهرته أهم رجالات السياسة والدين في الجزائر وصار اسمه متداولا في الشارع أكثر من اسم مسيّري البلاد، الأمر الذي جعله مصدر قلق من أن يُوظف شهرته لأغراض لا تخدم البلاد آنذاك.يُذكر أن كتاب "حسني، كوكب عشق يتدلى"، قد صدر عن منشورات دار "سقراط"، وقد أراد به الكاتب إبراز شخصية المرحوم حسني الذي يعتبر أيقونة في الفن الجزائري، وأنه لم يكن مجرد مغنّ لا يأبه لأوضاع بلاده.


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)