قررت هذا اليوم 2022.11.09 أن أذهب وحيدا لزيارة هذه القرية التي تقع على بعد 50 كلم شمال تلمسان؛ لغرض الوقوف على الضريح الرمزي الذي أقيم في المكان الذي أدركت فيه الوفاة الولي الصوفي الكبير سيدي (أبو مدين شعيب الأنصاري) والنظر من هناك حول إمكانية رؤية رابطة (العباد) وهو الأمر الذي أنكرته؛ فأثار جدلا بيني وبين بعض الباحثين.
وقد ساق لي الحظ رجلا من أهل القرية يدعى/ عبيد بوسيف على علم وثقافة بالخلفية التاريخية للقرية، استمتعت بصحبته واستفدت منه كثيرا، حيث رافقني طيلة الوقت متنقلا بين الأماكن الأثرية والتاريخية التي تزخر بها القرية التي عرفت منه أنها ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، ويرجع عهد تأسيسها إلى اللحظة التي وطئت فيها قدما الرجل الصالح ترابها، حيث تردد الروايات الشعبية ان أصحابه أدركهم العطش؛ فغرس عصاه في الأرض فانفجرت فيها عين جارية ، قال الناس من حوله مندهشين (ثقبة بانت) وهي أصل تسمية القرية (عين تقبالت) يضيف مرافقي أن أصلها أمازيغي ويوجد لها نظير في منطقة القبائل.
ويعتقد السيد عبيد حسب مجالسته للباحثين الذين مافتئوا يتوافدون على المنطقة؛ بأن سيدي أبا مدين لم يمت في عين تقبالت بل حمل منها وهو يعاني مرض الموت ولا ندري هل أدركته الوفاة عند ضفاف (وادي يسر) أم مات عندما بلغ المكان الذي اشتاق أن يجعله مثواه الأخير (بالعباد)
كما يعتقد أنه من المستحيل رؤية العباد من هذا المكان حتى عند وضوح الرؤية؛ لهذا فهو يرى أن هذه المسألة من نسج خيال القصاص لإضفاء جو من الإكبار والقداسة على مدينة تلمسان التي نالت الحظوة باحتوائها للجسد المبارك .
وقد أطلعني مرافقي على بنايات تاريخية من عهد الاستعمار للمعمرين الذي سكنوا جزءا من القرية قريبا من العين التي تحمل اسمها القرية بجوار الضريح الرمزي، وهناك عاينت ـ بعجب ـ مقر البلدية والمدرسة التي لا تزال قائمة تشغلها عائلته، كما أفادني أن المرحوم مصطفى العشعاشي أنشأ عام 1958 قاعة للسينما بالقرب البلدية تحولت بعد الاستقلال إلى أول مصلى لأهل القرية وهي الآن مجرد أنقاض.
وقد تشعب بنا الحديث إلى المراحل التي كان شاهدا عليها ـ مولود في منتصف الخمسينات من القرن الماضي ـ وهو حديث شيق جدير بالتوثيق لولا أن تلك المراحل التاريخية ليست من اختصاصي وإنما استمعت إليه يتحدث بحميمية عن التعايش والروابط الأسرية التي كانت تؤلف بين الجيران من العرب والنصارى والذي زعم أنهم كانوا يساعدون الثورة ويؤيدون المجاهدين في مطالبهم المشروعة بالحصول على الاستقلال .
ودعت محدثي وقريته الجميلة الهادئة المتكومة على نفسها في أعلى رابية تنفتح على جميع المناطق وعلى مد النظر .. هذه القرية التي دخلت بدورها التاريخ وتشرفت بأن تكون أن آخر محطة في حياة الشاعر والصوفي الكبير سيدي أبي مدين رضي الله عنه .
محمد هــــواري.
-
تعليقكـم
سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
تاريخ الإضافة : 15/11/2022
مضاف من طرف : tlemcen2011
صاحب المقال : Mohamed Houari Tlemcen
المصدر : facebook.com/mohamed.houaritlemcen