الجزائر

حديث المجتمع الحب: حقيقة.. وهم.. أم حماقة؟



وأنا أعد أول موضوع لي في جريدة “الفجر”، تذكرت حدثا حصل أثناء دورة تدريبية خاصة أعدها لنا المحاضر العالمي، الدكتور إبراهيم الفقي، إذ سألنا فجأة: “هل الحب يبقى أم يموت؟”، فانقسم الحاضرون الخمسون إلى ثلاث فرق.. منهم من أكد أنه يموت، ومنهم من عارض ذلك بصيحات استياء :”لا أنه يبقى لكن بشروط”، أما الفريق الثالث فبدا صامتا حتى ارتفعت يد قائلة: “يا أستاذ وهل هناك حب أصلا؟”. من هنا عادت بي الذاكرة إلى قصة حب عنيفة و طويلة بين خطيبين تبادلا فيها مشاعرا نبيلة لأكثر من عشر سنوات، ولظروف منعتهما من الزواج ظلا يكافحان من أجل إنهاء دراستهما العليا والخروج للحياة المهنية لتأسيس بيت سعيد. وبعد أن توفر لهما كل شيء  وتزوجا صعقتُ بنبأ انفصالهما بعد شهر واحد من الزواج، فقلت في نفسي: “لابد أن في الأمر سرا!”اتصلت بالزوجين اللذين كانا من الأصدقاء المقربين لأعرف ما سبب الإنفصال، ليس حبا في التطلع، بل رغبة مني كأخصائية نفسية في التعرف أكثر على الأسباب القاهرة التي أدت إلى التفرقة بين شخصين أخلصا في حبهما طوال عشر سنوات، ذاقا فيها الحلو المر وركبا المصاعب وتحديا مشاكل عائلية عويصة، و رغم هذا وصلا إلى هدفهما بأن يجتمعا تحت سقف واحد لتحقيق أمنيتهما في الإنجاب وتربية النشء تربية صالحة، وهما الشخصان المثقفان اللذان يعرفان أتم المعرفة كيف يحلان المشاكل و يتجاوزان العقبات. بعد سماع الزوجين قلت في نفسي: “صدق الدكتور الفقي، لو مر هذان الشخصان عند أخصائي نفسي متخصص بالعلاقات الزوجية لعرفا منذ الأول أنهما مفترقان في الحياة لا محالة”. والأسباب رغم تعقيدها بسيطة إذا حاولنا تصنيفها..- أولى الاسباب: كل فرد منا تلقى تربية مختلفة عن الآخر بسبب اختلاف المرجعية في التنشئة. وأتحدث هنا عن المرجعية العائلية: الوالدان، المحيط العائلي من أخوال وأعمام وأصدقائهم، والمحيط الاجتماعي مثل الحي والجيران، ثم المحيط المدرسي، فالأصدقاء، وأخيرا البرامج الإذاعية والتلفزية التي نميل إليها والتي تكوَن جانبا من شخصيتنا.قد يقول القارئ.. ولكن سيدتي، لقد ابتعدت كل البعد عن الموضوع. نحن نتحدث عن الحب وليس عن التربية! فما دخل ذاك بتلك أم هي لخبطات نفسية لا نفهم فيها شيئا؟ أطمئن قارئي العزيز بكليمات في أذنه:  لا تتعجل ! سيتضح لك الأمر سريعا وما علم النفس إلا علم حاول فهم سلوك البشر ويسعى لتعديل أي سلوك خرج عن نطاق السواء، و ذلك بالترشيد أوالعلاج أو كليهما في آن واحد.وأواصل: إذن، تربيتنا تؤثر في إدراكنا للأشياء من حولنا، ثم تأتي تجاربنا مع الوالدين و العائلة و الأصدقاء و زملاء القسم وميولنا لشخصيات البرامج الإذاعية أو التلفزية التي كلها مجتمعة  تقولِبنا. ومن ثم يكون قالب كل واحد مختلفا عن قالب الآخر، فتخلق شخصية متكاملة تستعمل أولا في المحافظة على البقاء وثانيا لتحقيق الذات من خلال تحقيق الأهداف. من هنا تختلف نظرة كل واحد منا للحب، كل حسب قالبه وكل حسب تجاربه، سواء كانت تجارب شخصية أوتجارب آخرين من حوله. - ثاني الأسباب: هي الفروق الأساسية في الإدراك بين الرجل والمرأة،  وسأتحدث عن هذه الفروق بإسهاب في موضوع لاحق لأهميته الكبرى. كما سأتطرق أيضا لثلاث نقاط هامة كلها في موضوع خاص، وهي النظامان التمثيلي والإجتماعي، والشخصية التي تتكون من أربع شخصيات ثانوية هي: الشخصية القيادية والمعبرة والودودة والتحليلية. وهذه الشخصيات مندمجة فينا لكن بنسب متفاوتة مع احتفاظ واحدة منها بالأساسية: فيكون الفرد مثلا قياديا أساسا (يحب تزعم كل شيء، يأمر ينهى، يرى الأشياء بمنطقه) ثم ودودا بطريقة ثانوية فينتج عن اختلاط الاثنين شخصية متحكمة في زمام الأمور، لكن تملك إحساسا قويا بالآخرين واحتياجاتهم، وهكذا.. إذن بواسطة هذه النقاط الأربع نستطيع فهم أحاسيسنا وتوجهاتها وكيفية توجيهها توجيها إيجابيا مبتعدين على السلبية الهدامة.يتبع ...الدكتورة جليلة زهيدpsytravo@homail.com


سيظهر تعليقك على هذه الصفحة بعد موافقة المشرف.
هذا النمودج ليس مخصص لبعث رسالة شخصية لأين كان بل فضاء للنقاش و تبادل الآراء في إحترام
الاسم و اللقب :
البريد الالكتروني : *
المدينة : *
البلد : *
المهنة :
الرسالة : *
(الحقول المتبوعة بـ * إجبارية)